نادي القضاة يقاطع الاستفتاء على الدستور الجديد.. وتزايد الدعوات للعصيان المدني

تفاقم الخلافات بين المعارضة المصرية ومرسي.. والرئاسة تدعو لتغليب المصالح العليا للوطن

مليونية حلم الشهيد في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

في وقت دعا فيه المتحدث باسم الرئاسة المصرية الدكتور ياسر علي أمس، إلى تغليب المصالح العليا للوطن، أعلنت أطراف رئيسية في المعارضة المصرية الإعداد للزحف في مظاهرة مليونية إلى قصر الرئيس محمد مرسي، وسط تنامي الدعوات للعصيان المدني مما ينذر بمزيد من الانقسام والمواجهة بين الخصوم السياسيين في البلاد للمرة الأولى منذ عقود. واستمر الغموض السياسي لليوم التاسع على التوالي بسبب تفاقم الخلافات بين التيار الإسلامي برئاسة الدكتور مرسي رئيس البلاد، والتيار المدني الذي يضم نخبة من قيادات المعارضة، وسط ترقب محلي ودولي لما يمكن أن يسفر عنه الصراع بين الطرفين.

وتعد الصحف المعارضة والخاصة للاحتجاب يوم الثلاثاء بينما قررت قنوات التلفزة الخاصة تسويد شاشاتها لإعلان الاحتجاج ضد قرارات مرسي الأخيرة، التي يقولون إنه منح فيها نفسه سلطات مطلقة «فرعونية ودكتاتورية». وقرر نادي قضاة مصر بعد اجتماع مع رؤساء أندية القضاة بالأقاليم الليلة الماضية مقاطعة الإشراف على الاستفتاء على الدستور الجديد، بينما استمرت الاجتماعات في أروقة بعض الأحزاب والنوادي والنقابات، في محاولات لحل الأزمة أو التصعيد من كل طرف ضد الآخر، وذلك بالتزامن مع اعتصامات ومظاهرات قام بها مؤيدو الرئيس مرسي من جماعة الإخوان والسلفيين، ومعارضوه، ومن أبرزهم الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى وغيرهم.

وبعد يوم من إعلان مرسي طرح مشروع دستور جديد للاستفتاء، هيمن على صياغته التيار الإسلامي، قررت جبهة الإنقاذ الوطني التصعيد من موقفها، وبحث خيارات لمواجهة القصر الرئاسي، في وقت بحثت فيه السفيرة الأميركية بالقاهرة، آن باترسون، الحالة المصرية الراهنة مع أطراف معارضة، ولم يتضح ما تم التوصل إليه حتى إعداد هذا التقرير، لكن المصادر قالت إن السفارة الأميركية استقبلت خلال الساعات الماضية عددا من قيادات التيار الإسلامي لبحث حل للمشكلة المصرية. يأتي هذا وسط انتقادات من حكومات ومنظمات دولية للإجراءات التي اتخذها مرسي وأدت لانقسام واحتقان شديدين في الشارع المصري.

وفي غضون ذلك، واصل التيار الإسلامي المؤازر لمرسي هجومه على رموز المعارضة، وقام قادة من التيار الإسلامي بالتشهير بقضاة وسياسيين وإعلاميين وفنانين، مع استمرار محاولات ربط معارضي مرسي، مثل البرادعي وصباحي وموسى، بالنظام السابق الذي أسقطته ثورة 25 يناير 2011، بشكل غير مسبوق، مما أثار حالة من الاستياء في الأوساط العامة. ودعا الدكتور يسري حماد المتحدث باسم حزب النور السلفي الدكتور مرسي لمواصلة اتخاذ قرارات «حاسمة» للحفاظ على الثورة من خطط النظام السابق.

لكن الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية قال إن الرئيس مرسي طرح مبادرة مع كافة القوى السياسية لمناقشة كل ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية وكيفية تأمينها في المرحلة المقبلة. وأضاف في اتصال هاتفي مع القناة الأولى بالتلفزيون المصري مساء أمس أن المتبقي من المرحلة الانتقالية والاستفتاء على الدستور 13 يوما، ولا توجد أية مخاوف لاستخدام السلطة في غير محلها، داعيا الشعب إلى تغليب المصالح العليا للوطن.

وأشار إلى أن الرئيس مرسي التقى مع المجلس الأعلى للقضاء وجميع رؤساء الهيئات القضائية أكثر من ثلاث مرات على مدار الشهور الخمسة الماضية، لافتا إلى أن آخر هذه اللقاءات بعد أن أصدر الرئيس الإعلان الدستوري الأخير، والذي أثار بعض التساؤلات من جانب رجال القضاء. وأوضح أن الرئيس مرسي أكد على استقلال القضاء كسلطة محترمة ومقدرة من جانب السلطة التنفيذية والشعب المصري ولا يمكن لأحد أن يمسها.

وأضاف أن نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي أوضح أن المخاوف لدى السلطة القضائية جاءت نتيجة التباس أو تأويل بعض الألفاظ الواردة في الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس، وكأنها موجهة إلى السلطة القضائية. وتابع أن الرئيس محمد مرسي أكد أن هذه الكلمات لا يمكن أن تكون موجهة إلى القضاء المصري الذي يعتز به الجميع، مشيرا إلى أن الرئيس كان واحدا ممن وقفوا عام 2006 مع تيار استقلال القضاء، بل اعتقل يومها في العباسية لمدة 7 أشهر، وذلك دفاعا عن القضاء واستقلاله.

ودعا الدكتور ياسر علي إلى تغليب المصالح العليا للوطن والاتفاق على ما تم إنجازه في الشهور الماضية، مضيفا: «إذا وافق الشعب على مشروع الدستور المطروح ستسقط كافة الإعلانات الدستورية التي وضعت منذ 19 مارس (آذار) الماضي وحتى الآن».

وفي المقابل واصلت الحركات الشعبية والثورية رفضها للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي قبل عشرة أيام، وأعطى لنفسه صلاحيات واسعة، وكذا رفضها لدعوة مرسي الاستفتاء على الدستور الجديد. وأعلن بيان لهذه القوى المعتصمة بميدان التحرير أن مشروع الدستور الذي يدعو الرئيس مرسي للاستفتاء عليه «مشروع لتقييد حقوق وحريات المصريين السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، ويعبر عن رؤية طرف واحد في المجتمع»، في إشارة إلى تيار الإسلام السياسي.

وشدد بيان للحركات الشعبية والثورية والحزبية في ميدان التحرير على أنها ستنظم مسيرات إلى القصر الرئاسي تحت عنوان «الإنذار الأخير» يوم غد الثلاثاء. وقال محمود عفيفي المتحدث باسم حركة 6 أبريل: «نرفض إعلان الرئيس للاستفتاء على مشروع الدستور بمسودته الحالية». وأضاف أن الرئيس أغلق كل أبواب التوافق الوطني. وقال حزب المصريين الأحرار ذو التوجه الليبرالي تعليقا على الأوضاع التي تمر بها البلاد إن مصر «لا تستحق هذا العبث»، محذرا من تفاقم الأوضاع «بشكل سيئ قد يجر البلاد لمنعطف خطير»، وفقا لما صرح به الدكتور محمود العلايلي السكرتير العام المساعد للحزب.

وقال حسين عبد الغني، المتحدث الإعلامي باسم «جبهة الإنقاذ الوطني» إن الجبهة تناقش خطوات تصعيدية للتعبير عن غضب المعارضة، منها الإضراب والاعتصام والعصيان المدني. وأدان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي حصار جماعة الإخوان وحلفائها لمبنى المحكمة الدستورية التي كانت تستعد لإصدار أحكام يقول الإسلاميون إنها غير مرضية، واتهم حزب التحالف السلطات التنفيذية بالتواطؤ في حصار متظاهرين مؤيدين لمرسي في حصار مبنى المحكمة.

وقال الدكتور سمير صبري المحامي المصري الشهير لـ«الشرق الأوسط» إنه رفع دعوى قضائية مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري لوقف تنفيذ قرار الرئيس مرسي بتعيين المستشار طلعت إبراهيم نائبا عاما خلفا للمستشار عبد المجيد محمود. وقال إن قرار مرسي باطل ومخالف للقانون والدستور. وأضاف: «انكشف جليا أن جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها المطعون ضده الأول (الرئيس مرسي) خطفوا الثورة ولم يحققوا أي أمل من آمال شعب مصر».