القاهرة تستعيد ملامحها المألوفة بعد مليونية «الشرعية والشريعة»

تسببت في أزمة في وسائل النقل.. وبضاعة الأرصفة تستهدف الإسلاميين

TT

لم يتعود «عادل»، الشاب الثلاثيني، أن يرى قطارات محافظات الدلتا مزدحمة بهذه الأعداد الكبيرة يوم السبت من كل أسبوع، كونه عطلة رسمية. لكن هذا ما حدث أول من أمس، حيث اكتظت «محطة مصر» (محطة قطارات القاهرة الرئيسية) بأعداد هائلة ترغب في مغادرة العاصمة، عقب المشاركة في مليونية «الشرعية والشريعة» المؤيدة للرئيس محمد مرسي وقراراته أمام جامعة القاهرة وميدان نهضة مصر.

ويقول عادل «ملامح الركاب أيضا تبدلت في هذا اليوم، فغالبيتهم من الإسلاميين الملتحين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية، الذين وفدوا منذ صباح السبت بالمئات من المحافظات القريبة مثل القليوبية والمنوفية والشرقية والغربية، لتأييد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس قبل أيام».

وتسببت الأعداد الكبيرة التي شاركت في المليونية في حدوث أزمة في وسائل المواصلات بالعاصمة، خاصة الحافلات العامة ومترو الأنفاق، حيث شهدت زحاما شديدا، وهو ما أثار كثير من سكان العاصمة، خاصة في الأماكن التي أحاطت بمكان المظاهرة في أحياء الدقي وبين السرايات وميدان الجيزة، وحفلت وسائل النقل بالعديد من النقاشات الحامية وصلت لحد الشجارات بين مؤيدي الرئيس والمعارضين له، مما حولها إلى ساحة صراع سياسي.

وشهدت مناطق مختلفة بالعاصمة سير سيارات «تاكسي» تابعة لجماعة الإخوان المسلمين لحشد المواطنين ونقلهم بالمجان إلى أماكن التظاهر، كما حشدت الجماعة أنصارها من خلال مئات الحافلات التي تم تأجيرها لتلك المهمة، واصطفت على امتداد المليونية أو على أطراف القاهرة، وهو ما ذكر بنفس سلوك الحزب الوطني (المنحل) في مناسبات مختلفة في عهد الرئيس السابق مبارك.

ولمسايرة أجواء المليونية؛ تبدلت معالم المناطق المحيطة بها، حيث تحولت الأرصفة لأماكن للاستراحة، ورفعت المساجد شعار «كاملة العدد»، وهو ما أجبر أهالي الأحياء المجاورة على التزام منازلهم وإخلاء الشوارع وكتمان آرائهم السياسية باستثناء بعض عبارات الاستهجان التي رفعوها من الشرفات على استحياء، تخوفا من حدوث احتكاكات مع تلك الحشود الغفيرة التي جاءت تؤيد الرئيس. فيما شهدت مقاهي المنطقة مشادات ساخنة بين معارضي قرارات الرئيس وأنصاره، الذين فضل البعض منهم الاستراحة على مقاعدها من عناء التظاهر.

ومع انتهاء فعاليات المليونية حاولت القاهرة العودة لأدراجها، فعاد بائع الكتب أسامة علي (18 عاما) أمس إلى الرصيف المواجه لجامعة القاهرة، مفترشا كتب الأبراج ومجلات الأزياء التي يبيعها، بعد أن امتنع عن رصيفه أول من أمس بعد أن بدا أن جمهور المتظاهرين لن يقبل عليها. وهو ما جعل باعة السواك والتمر والمصليات يحتلون مكانه في هذا اليوم لتماشي بضاعتهم مع توجهات المتظاهرين.

وفتحت جامعة القاهرة أبوابها، أمس، بعد أن أغلقتها بسبب المليونية، وعادت أسوار الجامعة لطبيعتها بعد أن طغت ألوان التيارات الإسلامية على أسوار كليات الآداب والحقوق والهندسة، كما أزيلت اللافتات الكبيرة التي طالبت بتطبيق الشريعة الإسلامية وتأييد قرارات الرئيس، والخيام التي نصبها المتظاهرون على أرصفتها والتي خصصت للصلاة والاستراحة.

وحتى تستعيد شوارع المليونية طبيعتها، قامت أمس هيئة النظافة والتجميل بإعلان حالة الطوارئ لرفع المخلفات الموجودة أمام الجامعة عقب انتهاء المظاهرة. كما عادت حركة المرور لطبيعتها بعد تنفيذ عدة تحويلات مرورية يوم المظاهرات.

ولم تقتصر التغييرات على تبدل المعالم، بل امتدت لتبدل السياسات الإعلامية، فمن ملامح التغيير ما شهدته المليونية من استخدام 3 كاميرات وسيارة إذاعة خارجية مزودة بجهاز إرسال متنقل لنقل فعالياتها، وهو ما لم يحدث من قبل. ولم تغفل عناوين الصحف القومية التأكيد على الحشود «الكبيرة» والإشارة إلى تأييدها للرئيس، فكتب صحيفة «الأهرام»: «مليونيات حاشدة بالقاهرة والمحافظات تأييدا للرئيس»، وكتبت صحيفة «الأخبار»: «حشود بالملايين بالقاهرة والمحافظات تأييدا لمرسي»، فيما كتبت صحيفة «الجمهورية»: «صوت الجامعة يحاصر التحرير».