دولتا السودان تتفقان على تذليل العقبات أمام تنفيذ الاتفاقيات.. والجنيه السوداني يهبط من جديد

باقان أموم يصف اجتماعاته في الخرطوم بالناجحة.. وزيارة مرتقبة لمساعد البشير إلى جوبا

TT

تحاول دولتا السودان وجنوب السودان إنقاذ اتفاقهما الأمني والاقتصادي الذي وقعته الدولتان في سبتمبر (أيلول) الماضي من الانهيار. والتقى كبير مفاوضي دولة الجنوب الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم في الخرطوم أمس بعدد من كبار المسؤولين السودانيين، وسط هبوط كبير لسعر العملة السودانية في السوق السوداء أمام الدولار.

وأبدى أموم تفاؤلا بتفعيل تنفيذ الاتفاقيات، بينما أعلن مساعد الرئيس السوداني ونائبه في المؤتمر الوطني الحزب الحاكم الدكتور نافع علي نافع أن حزبه والحركة الشعبية الحاكمة في جوبا اتفقا على أهمية تسهيل وتسريع الخطى والعمل على تجاوز العقبات والتحديات في سبيل تنفيذ الاتفاقيات. ووصف أموم الذي وصل إلى الخرطوم أول من امس، في أول زيارة له منذ استقلال دولة الجنوب في منتصف عام 2011، في تصريحات صحافية اجتماعاته في الخرطوم بالناجحة، وقال إنه عقد سلسلة اجتماعات ناجحة مع المسؤولين في السودان، من بينها اجتماع مع لجنة التفاوض برئاسة وزير الدولة في القصر الرئاسي إدريس محمد عبد القادر، وآخر مع مساعد البشير الدكتور نافع علي نافع، ومع وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين. وقال: «كل الاجتماعات تأتي في إطار تفعيل تنفيذ اتفاقيات التعاون وإزالة كل العراقيل»، وأضاف أن الزيارة تهدف إلى تطوير علاقات تعاون والعمل المشترك لمصالح الشعبين.

من جهة أخرى اتفق المؤتمر الوطني والحركة الشعبية على أهمية إسراع الخطى وتوفير المزيد من الدعم السياسي لتنفيذ اتفاق التعاون الموقع بين السودان ودولة جنوب السودان، وقال مساعد الرئيس السوداني ونائبه المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور نافع علي نافع إن الطرفين اتفقا على أهمية تسهيل وتسريع الخطى والعمل على تجاوز العقبات والتحديات في سبيل تنفيذ اتفاق التعاون باعتباره الضامن لعلاقات مستقبلية بين البلدين، وأضاف أن الدور السياسي للحزبين سيتعاظم، حاثا فريقي التفاوض في البلدين على ترجمة ما تم الاتفاق عليه والانتقال إلى مراحل التنفيذ العملية، مشيرا إلى أن الطرفين اتفقا على أهمية تطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، وقال: «حتى ينعم شعبا البلدين بالأمن والسلام والاستقرار، ويحولا فترات الحرب والاختلاف إلى المنافع المتبادلة»، كاشفا عن زيارة قريبة سيقوم بها إلى جوبا لمزيد من التواصل وترجمة ما تم الاتفاق عليه.

وينص الاتفاق الأمني الذي تم التوصل إليه بوساطة من الاتحاد الأفريقي على إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح بعرض عشرة كيلومترات على جانبي الحدود البالغة نحو ألفي كيلومتر، وعلى استئناف إنتاج النفط في جنوب السودان، الأمر الذي لم يتحقق بعد. وجرت مواجهات عسكرية بين الدولتين على طول الحدود غير المرسمة بينهما خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين. وازدادت حدة التوتر الشهر الماضي عقب اتهام جوبا للخرطوم بقصف أراضيها بواسطة الطائرات الحربية. ويفترض بهذه المنطقة العازلة أن توقف الدعم عن متمردي الحركة الشعبية - شمال السودان التي تقاتل الخرطوم في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي تتهم الخرطوم جوبا بدعمها، وهو ما تنفيه الأخيرة.

وتشترط الخرطوم على جوبا وقف دعمها للمتمردين لتسمح بتصدير إنتاج نفط جنوب السودان عبر أنبوب يمر عبر أراضي السودان. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أوقفت جوبا إنتاجها من النفط الذي يمثل كل عائدات حكومتها في ظل خلاف مع الخرطوم حول الرسوم التي يجب أن تدفعها جوبا للخرطوم لتسمح لنفطها بعبور الأراضي السودانية. وقال مبعوث الرئيس الأميركي للسودان وجنوب السودان برنتسون ليمان الخميس بعد مباحثات مع مسؤولين سودانيين إن «الترتيبات الأمنية يجب أن تسبق تدفق النفط وفتح الحدود للتجارة». وأكد ليمان أن غياب الثقة بين السودان وجنوب السودان يعوق تنفيذ اتفاق التعاون بين البلدين، معتبرا أنه من الصعب إقرار هذه الثقة مع وجود مسلحين في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق على الحدود مع جنوب السودان.

من جانبه أعرب أموم عن سعادته باللقاء، مؤكدا تطابق وجهات النظر والرؤى حول ضرورة الانتقال بعلاقات البلدين إلى مراحل جديدة، مشيرا إلى أن اللقاء بحث العلاقات السياسية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وبين السودان ودولة جنوب السودان في إطار اتفاق التعاون الموقع بينهما، وقال إن اللقاء ناقش كذلك دور القيادة السياسية في البلدين للمساعدة في تذليل العقبات التي تعترض التنفيذ الكامل لاتفاق التعاون وبلورة علاقات استراتيجية وتطوير العمل المشترك وتحقيق المصالح العليا لشعبي السودان ودولة جنوب السودان. ووصف أموم خلال زيارته سفارة بلاده في الخرطوم ظهر أمس زيارته للخرطوم بالناجحة، وقال إنه سيلتقي في ختام زيارته الرئيس البشير، حيث يسلمه رسالة خطية من الرئيس سلفا كير. وينتظر أن تعقد اللجنة الفنية الأمنية بين البلدين اجتماعاتها وأعمالها اليوم وترفع في ختام أعمالها توصياتها ومقترحاتها للجنة السياسية الأمنية المشتركة التي ستبدأ اجتماعاتها يوم غد الثلاثاء على مستوى وزيري الدفاع بالبلدين.

ولم يتضمن الاتفاق بين البلدين حلا للخلاف بين البلدين حول منطقة أبيي المتنازع عليها والتي أعطى الاتحاد الأفريقي الدولتين مهلة للتوصل إلى حل بشأنها تنتهي في الخامس من الشهر الحالي.

وفي حال فشل الدولتين في التوصل إلى اتفاق سيتم تنفيذ مقترح الاتحاد الأفريقي والقاضي بإجراء استفتاء لمواطني المنطقة يختارون من خلاله واحدة منهما. ومن المفترض إجراء هذا الاستفتاء في أكتوبر (تشرين الأول) القادم.

وإثر اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية فقد السودان 75% من إنتاجه النفطي مما جعل الاقتصاد السوداني يعاني من صعوبات بعد أن فقدت الدولة 40% من إيراداتها. وتسبب ذلك في ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الجنيه السوداني. وقال تجار يتعاملون في السوق السوداء للعملات إن سعر الدولار الواحد بلغ الأحد 6,5 جنيه سوداني، وهي أقل قيمة يصل إليها الجنيه السوداني الذي فقد نحو 50% من قيمته منذ سبتمبر الماضي. ويؤكد تجار أن عدم تنفيذ اتفاق التعاون وعودة تدفق صادرات جنوب السودان من النفط عبر الأراضي السودانية من أهم عوامل تراجع قيمة العملة السودانية. وكانت الحكومة خفضت في يونيو (حزيران) الماضي القيمة الرسمية للعملة السودانية من 2,7 جنيه للدولار إلى 4,40 جنيه.