كلينتون: أسلحة سوريا الكيماوية خط أحمر.. ولدينا خطة للتصرف إذا استخدمت

تقارير غربية سجلت نشاطا عسكريا غير طبيعي بالقرب من مستودعاتها

TT

حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون النظام السوري من استخدام السلاح الكيماوي ضد المعارضين في سوريا، وشددت خلال لقائها مع نظيرها التشيكي كارل شفارتسنبيرغ أمس على أن بلادها لن تقبل ذلك إطلاقا، وقالت إنه «خط أحمر بالنسبة للولايات المتحدة، نحن نحذر مجددا نظام الأسد بأن أفعاله تستحق الإدانة، وأن تصرفاته بحق شعبه مأساوية». وذلك بالتزامن مع تقارير استخباراتية غربية تشير إلى وجود «أنشطة عسكرية غير طبيعية» بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية، فيما أكدت دمشق أنها لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبها «تحت أي ظرف كان».

ولم تشر كلينتون إلى أدلة جديدة حول تحركات محتملة لمخزنات الأسلحة الكيماوية التي يملكها نظام الأسد، وقالت للصحافيين في براغ «لن أحدد ما سنقوم به في حال حصلنا على إثباتات قوية بأن نظام الأسد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه، لكن يكفي أن أقول إننا نخطط لاتخاذ إجراءات في هذه الحال». وشددت كلينتون قائلة: «مرة أخرى نصدر تحذيرا قويا جدا لنظام الأسد أن سلوكهم مستهجن، وتحركاتهم ضد شعبهم مأساوية، لكن ليس هناك أي شك أن هناك خطا فاصلا بين الأهوال التي ألحقت حتى الآن على الشعب السوري، وبين الانتقال إلى ما يمكن أن يكون خطوة لإدانة دولية لاستخدام الأسلحة الكيماوية». وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد تجنبت التدخل العسكري المباشر في مناقشة سبل حل الأزمة السورية، وطالبت الرئيس بشار الأسد بالتنحي والبدء في عملية انتقال سياسي سلمي ورفضت تسليح المعارضة السورية خوفا من سقوط الأسلحة في أيدي إرهابيين وزيادة عسكرة الصراع. وحذرت الإدارة الأميركية النظام السوري من التفكير في استخدام الأسلحة الكيماوية. لكن الرئيس أوباما أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي أن إقدام سوريا على استخدام الأسلحة الكيماوية قد يجبره على تغيير حساباته.

وتشير بعض التقارير الاستخباراتية إلى أن سوريا لديها مئات من الصواريخ البالستية القادرة على حمل رؤوس حربية كيماوية. وتشكل تلك الترسانة تهديدا خاصا لتركيا حليفة أميركا. وقد طلبت تركيا من حلف شمال الأطلنطي الموافقة على خطة لنشر صواريخ باتريوت بالقرب من حدودها مع سوريا من أجل تعزيز دفاعاتها الجوية، وهو الأمر الذي تعارضه روسيا - حليف سوريا - وتؤكد أن تلك الخطوة لن تؤدي إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة. وإذا وافق حلف الناتو على الطلب التركي في اجتماعه في بروكسل الثلاثاء، فإنه من المرجح أن يتم نشر تلك الصواريخ في غضون أسابيع قليلة.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أوروبي أن واشنطن حذرت في وقت سابق نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية وحذرت عدة دول غربية الحكومة السورية من التفكير في استخدام تلك الأسلحة ضد المعارضة، وتم إيصال تلك التحذيرات إلى دمشق عبر روسيا وغيرها من الوسطاء.

وأوضحت الصحيفة أن تلك التحذيرات للأسد جاءت بعد أن سجلت الاستخبارات الغربية نشاطا عسكريا غير طبيعي بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية في سوريا، مما دفع الدول الغربية إلى إجراء اتصالات عاجلة خلال الأيام الماضية لوضع خطط طارئة في حال ظهور ضرورة للتدخل بهدف منع استعمالها.

وقالت الصحيفة إن قلق الإدارة الأميركية يتزايد من وقوع الأسلحة الكيماوية في أيدي حزب الله، خاصة مع تصاعد نيران الحرب الأهلية في سوريا وتزايد القلق الأميركي مع إنشاء معسكرات تدريب لمقاتلي حزب الله بالقرب من بعض مواقع التخزين، لكن لا توجد أي مؤشرات على أن حزب الله يحاول الوصول إلى الأسلحة، وأغلب الظن أنهم أنشأوا معسكراتهم بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية لاعتقادهم أنهم لن يتعرضوا للقصف إذا كانت تلك الأسلحة في مكان قريب.

من ناحية أخرى، قال مسؤولون بالبنتاغون إن قادة القيادة المركزية العسكرية الأميركية وقيادة الأركان المشتركة قدموا للبيت الأبيض تقريرا منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يتضمن تقييم الأوضاع في سوريا ومدى التأمين المفروض على الأسلحة الكيماوية التي تمتلكها، والموارد المطلوبة إذا تطلب الأمر التحرك بسرعة لتأمين تلك الأسلحة. وقال التقرير إن أي جهد عسكري أميركي للاستيلاء على مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية يتطلب حشد 75 ألف جندي، وأبدت وزارة الدفاع قلقها من قيام حزب الله اللبناني بإنشاء معسكرات تدريب بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيماوية. وأشار المسؤولون إلى أن التقرير لا يتضمن خطة تفصيلية لكيفية تنفيذ مثل هذه المهمة؛ لكنه يتضمن خطة للطوارئ لتأمين عدد محدود من مستودعات الأسلحة الكيماوية السورية، وما يتطلبه من عدد من القوات العسكرية الأميركية. وأشار مسؤول عسكري بالبنتاغون إلى القلق الكبير من سقوط الأسلحة الكيماوية في الأيدي الخطأ مشيرا إلى قيام مقاتلي حزب الله بالتدريب بالقرب من مخزونات الأسلحة الكيماوية، وقال «هناك صعوبة في شحن تلك الأسلحة إلى خارج البلاد والمخاطر عالية في احتمالات تلوث المدن السورية، والهجوم على أي محاولات لنقل تلك الأسلحة إلى أماكن آمنة. ونتيجة لذلك فإن الكثير من المخزونات الكيمائية قد يتعين تدميرها في مكانها وهي مهمة خطيرة وتتطلب أعدادا كبيرة من القوات حول تلك المواقع».

من جهتها، قالت وزارة الخارجية السورية أمس إن «دمشق لن تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبها خلال المواجهات المستمرة منذ أكثر من 20 شهرا تحت أي ظرف كان». وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في بيان تعقيبا على تصريحات كلينتون، إن «سوريا أكدت مرارا وتكرارا بأنها لن تستخدم مثل هذه الأسلحة - إن وجدت - ضد شعبها تحت أي ظرف كان».