المالكي يحذر أربيل من تصعيد «لا تحمد عقباه».. ومسؤول كردي يتهمه بـ«تسليح» العشائر

طالباني يعود إلى بغداد يرافقه وفد سياسي كردي رفيع لحسم الخلافات مع بغداد

الرئيس العراقي جلال طالباني لدى استقباله السفير الأميركي ستيفن بيكروفت في السليمانية أول من أمس (المكتب الإعلامي للاتحاد الوطني الكردستاني)
TT

يبدأ الرئيس العراقي جلال طالباني اليوم حوارات الأزمة من العاصمة بغداد بعد قطيعة معها استمرت أكثر من شهر قضاها بين معقله مدينة السليمانية وعاصمة إقليم كردستان مدينة أربيل. وطبقا للمعلومات التي أفادت بها لـ«الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني آلاء طالباني المقربة من الرئيس أن «من المبكر الحديث عن برنامج محدد للقاءات الرئيس طالباني في بغداد، لكنه سيكون على الأرجح برنامجا مكثفا نظرا لابتعاد الرئيس عن العاصمة مدة طويلة وهناك أمور كثيرة متراكمة فضلا عن المستجدات في الأزمة الحالية والتي باتت تتطلب الآن وجوده في بغداد».

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت بقوة على خط «الضغوط» على طرفي النزاع في أربيل وبغداد وهو ما أدى إلى حصول تراجع ملموس من قبل كلا الطرفين بعد التصعيد الخطير الذي جاء على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي في مؤتمره الصحافي والذي تلاه عقد اجتماع لقادة الكتل البرلمانية قاطعته كتلة التحالف الكردستاني. وبينما اقترح المالكي تشكيل قوات مشتركة من أهالي المناطق المتنازع عليها مع إبقاء نقاط تفتيش بين الجيش والبيشمركة فإن القيادة الكردية لم ترد حتى الآن رسميا على هذا الاقتراح. في غضون ذلك بعثت القيادة الكردية رسائل إلى مراجع الدين الشيعة الكبار في مدينتي النجف والكاظمية حملها نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي محسن السعدون.

وكان الرئيس جلال طالباني أبلغ السفير الأميركي في العراق ستيفن بيكروفت بأن «الظرف الحالي لا يتحمل التصعيد والتشنجات»، متعهدا بمواصلة جهوده من أجل تهدئة الأوضاع بينما أشار بيكروفت إلى أن الولايات المتحدة تدعم جميع الأطراف العراقية دون تمييز. من جانبه، أشار بيكروفت إلى، «دعم بلاده للأطراف العراقية دون تمييز من أجل إنجاح الحوارات السياسية فيما بينهم بغية التوصل إلى الاتفاق وحل المشاكل وحثهم من أجل العمل على ما يرونه مناسبا لإنهاء الاستعصاءات السياسية».وعبر بيكروفت عن «اهتمام بلاده بالدور الحيوي والمهم للرئيس طالباني وسعيه الحثيث للتقريب بين مختلف الأطراف ووجهات النظر»، وبينما أكد «حرص الولايات المتحدة على دعم وإسناد هذا الدور الأساسي لرئيس الجمهورية»، أشار إلى أن «الرغبة بالعودة السريعة للرئيس طالباني إلى بغداد للقيام بهذا الدور المنشود».

إلى ذلك، التقى الرئيس طالباني أمس رئيس المعارضة الكردية نوشيروان مصطفى لإجراء مشاورات معه حول الأزمة السياسية في العراق. وكان الاتحاد الوطني الذي يتزعمه الرئيس طالباني وحركة التغيير التي يقودها نوشيروان مصطفى قد اتفقا مع سبعة أحزاب كردية أخرى من بينها حزب بارزاني والحزبان الإسلاميان (الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية) لخوض انتخابات مجالس المحافظات العراقية المقبلة في المناطق المتنازع عليها بقائمة موحدة.

ويبدو أن الرئيس طالباني مصمم هذه المرة على إجراء مشاورات جدية وحاسمة مع الأطراف السياسية المعنية بالأزمة الحالية، ولذلك يصطحب معه وفدا كرديا رفيع المستوى يضم كلا من برهم صالح نائبه الحزبي وفاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وجعفر مصطفى وزير البيشمركة.

إلى ذلك، أفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن تطور الأحداث الجارية في المناطق المختلطة وطبيعة التصريحات الصادرة من المسؤولين في إقليم كردستان «لا تنم عن نية حسنة ورغبة حقيقية في حل المشكلات عن طريق الحوار». وأضاف البيان «رغم إصرار الحكومة الاتحادية على وجوب حل المشكلات عن طريق التفاهم والحوار وما قدمته من مبادرات عملية للحل (..) يصر المسؤولون هناك على انتهاج نبرة التصعيد غير المسؤولة التي تعود بالضرر الكبير على الجميع وفي مقدمتهم الشعب الكردي». واعتبر أن «تحريك القوات العسكرية والتحشيدات (الحشود) الجديدة خلال الساعات الأخيرة والدفع بها إلى هذه المناطق ومحاولات تهجير بعض العوائل من كركوك وتوجيه الإنذارات إليهم وما يتعرض له المواطنون من مضايقات في إقامتهم هناك أو أثناء دخولهم أو خروجهم من الإقليم كل هذه المؤشرات وغيرها لا تدل على رغبة حقيقية في إيجاد الحلول بل تكشف عن محاولات للتصعيد لأغراض تعبوية خاصة بمسؤولين معينين بعيدا عن مصالح الشعب الكردي وحقه في الأمن والاستقرار». ودعا البيان «المسؤولين هناك إلى الكف عن هذه التصرفات والانتباه لخطورة هذا المسلك وما يمكن أن يجلبه من مخاطر لا تحمد عقباها على الجميع».

بدوره، كشف الفريق جبار ياور المتحدث باسم قيادة قوات بيشمركة كردستان أن المالكي «بدأ بتنفيذ تهديده السابق بتحويل الصراع الحالي بين أربيل وبغداد إلى صراع قومي مسلح بين العرب والكرد، حيث بدأ فعلا بتسليح العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك الآلاف من أفراد العشائر العربية يتم تسليحهم في تلك المناطق، ولدينا معلومات بوجود خمسة آلاف مسلح عشائري في محافظة ديالى، وأربعة آلاف في كركوك، وسبعة آلاف في الموصل، ويتم تسليح هذا العشائر تحت غطاء قوات الصحوات». وبسؤاله عن أن قوات الصحوات العشائرية موجودة منذ فترة في معظم مدن العراق، فلماذا التخوف منهم، رد ياور «نعم صحيح، هم موجودون منذ فترة، ولكن تشكليهم كان بالأساس للدفاع عن مناطقهم ضد الإرهابيين وعملياتهم المسلحة في حدود مناطقهم، ولكن ما يجري الآن هو ربط هذه القوات العشائرية بقيادات الفرق العسكرية بالجيش العراقي، وهذه الفرق في حدود تلك المحافظات مرتبطة بقيادة عمليات دجلة، وهذا بحد ذاته يوضح الهدف الأساسي من تسليحهم». وأضاف «قبل فترة هدد المالكي بتحويل الصراع السياسي الحالي إلى صراع قومي بين العرب والكرد، ويبدو أنه يعمل حاليا بهذا الاتجاه فعلا، فهو بتسليحه هؤلاء يريد أن يخلق صداما عسكريا بين الشيعة والكرد من جهة، وبين العرب والكرد من جهة أخرى، وهذا سيكون كارثة بالنسبة للعراق».