نيجيرفان بارزاني: سنمضي في إنشاء خط ينقل لنفط كردستان إلى الأسواق العالمية

دعا الحكومة المركزية إلى عدم تكرار أخطاء الماضي في التعامل مع الثروة النفطية

جانب من المؤتمر النفطي الذي بدأ أعماله في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

انطلقت في أربيل، أمس، أعمال مؤتمر كردستان - العراق للنفط والغاز، بحضور نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم، ونائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية روز نوري شاويس، ونائب وزير الطاقة التركي، ووزير الموارد الطبيعية في حكومة الإقليم آشتي هورامي، وعدد كبير من السفراء والقناصل ووزراء الحكومة والبرلمان، وخبراء عالميين في مجالي النفط والغاز.

وألقى نيجيرفان بارزاني كلمة أشار فيها إلى أن «الثروة النفطية كانت في العقود السابقة، وخاصة في عهد النظام الديكتاتوري، تستخدم لشراء الأسلحة وقمع الشعب العراقي وشن الحروب على الدول المجاورة، واليوم تحاول حكومة الإقليم أن تغير من ذلك النهج، وأن يكون لها دور في تصحيح تلك السياسة الخاطئة، وألا تسمح بتكرار التراجيديات السابقة مرة أخرى في العراق، وسنعمل في إطار الدستور الذي أقره العراقيون عام 2005 من أجل استثمار أفضل للثروات الطبيعية وتكريسها لخدمة جميع العراقيين، ولكي ننجح في هذه المهمة يجب اعتماد أسس الشراكة في السلطة، وتحقيق العدالة بتقاسم ثروات البلاد والعمل على الاستثمار الأمثل للثروات الطبيعية، والدستور ذاته يطلب منا ذلك، ولذلك نحن نعتبر الدستور الشعلة التي تنير دربنا في مسيرة الانطلاق نحو تطوير صناعة نفطية حديثة تحقق الأمن والاستقرار لهذا البلد».

وتطرق بارزاني إلى المشاكل العالقة بين حكومته والمركز في المجال النفطي، وقال: «هناك بعض الخلافات في وجهات النظر بيننا وبين عدد من مسؤولي الحكومة المركزية، فهم يعتقدون أنهم الوحيدون الذين يحق لهم التصرف في موارد البلد وإدارتها، ولكن هذا مخالف للدستور، ولذلك نرى اليوم أن الكثير من محافظات العراق تسعى مثلنا إلى انتهاج نفس سياستنا باستثمار مواردها وفقا للاستحقاقات التي أقرها الدستور. وللأسف، فإن بغداد تحاول دائما أن تستخدم مسألة الميزانية والنفط كورقة ضغط ضد إقليم كردستان، وهذا في وقت نعتقد فيه أن العودة إلى مضامين الدستور ستمكننا من التغلب على جميع المشاكل العالقة. نحن نؤكد أن الديكتاتورية والفردية واعتماد سياسة مركزية للاقتصاد قد أثبتت فشلها، وحان الوقت لكي تتغير تلك السياسات. ولتحسين الأداء وتحديث الصناعة النفطية، فإن الحكومة بحاجة إلى دعم الجيل الحالي والقادم، وليس شراء الأسلحة الثقيلة وتأجيج الأزمات وتوريط البلد في حروب داخلية».

ونوه بارزاني بسياسة حكومته في مجال الاستثمار النفطي، وقال: «إن السياسة الناجحة التي انتهجتها حكومة الإقليم بعد عام 2003 بفتح المجال أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، وخاصة في مجال الصناعة النفطية، حققت تقدما لافتا في هذا المجال، فنحن نستثمر مواردنا الطبيعية بحكمة وتعقل، مستندين على الدستور الذي يجيز لنا ذلك، ومعتمدين على تعزيز علاقاتنا مع دول الجوار بما يخدم مصالحنا المشتركة وبالتالي مصلحة العراقيين جميعا، ونحن نعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من التعاون والتنسيق في المجال النفطي، وليس الدخول في صراعات جانبية تعيق مسيرة النهضة الاقتصادية في البلد. فكردستان ومن خلال سياستها النفطية الناجحة أصبحت اليوم تحتل موقعا متميزا على خريطة الطاقة بالعالم، فاحتياطي النفط يصل حاليا إلى 45 مليار برميل من النفط، و3 تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهذه كمية جيدة تستأثر باهتمام العالم، وبنتيجة التقدم الحاصل في الصناعة النفطية بكردستان دخلت مئات الملايين من الدولارات إلى خزينة الدولة، نأمل أن تستثمرها الحكومة العراقية لإنهاض البنية التحتية للعراق، ونتوقع أن نتمكن في العام المقبل من إنتاج وتصدير 250 ألف برميل من النفط إلى الخارج، مما سيدر على العراق سنويا بحدود 8 مليارات دولار».

وتحدث بارزاني عن خطة حكومته بإيجاد منافذ جديدة للتصدير، قائلا: «لقد حققنا تقدما لافتا في زيادة نسبة صادراتنا النفطية، والعمل جار في البحث والتنقيب عن النفط في مختلف مناطق كردستان، ورغم هذا التقدم تبقى هناك الحاجة الملحة إلى البحث عن منافذ لتسويق هذا النفط المنتج، فمع حلول عام 2019 سنكون قادرين على ضخ ثلاثة ملايين برميل من النفط إلى الأسواق العالمية، كما أننا نبحث حاليا في المعرقلات التي تعيق تصدير نفطنا إلى الخارج، وهذا يتطلب منا أن نبحث في مشروع إنشاء خط جديد ناقل للنفط من كردستان، وهذه مسألة تستأثر باهتمام بالغ من قبل حكومة الإقليم وفقا لأسس الدستور. كما لدينا خطة تنفذ حاليا من أجل تأمين الوقود من النفط والغاز والبنزين للاحتياجات المحلية، لكي نتخلص من القلق الدائم جراء تهديدات بغداد بقطع حصتنا من الوقود كلما حدثت أزمة بيننا وبينهم».

وختم بارزاني كلمته بالقول: «نعلم جميعا أن الأمن والاستقرار عاملان أساسيان لإنجاح السياسات الاقتصادية لأي حكومة، ونحن سنتحمل مسؤوليتنا في هذا المجال، ونأمل ألا يعتبر أي طرف أن هذه السياسة الاقتصادية موجهة إليهم، أو أنها ستهدد وحدة العراق، أو ستؤدي إلى الاستئثار بمزيد من السلطات، فالدستور يجيز لنا تصدير نفطنا، وهذا لا يعني احتكارنا لثروات بلدنا، ما دامت عوائدها ستعود إلى الخزينة العامة وتوزع بشكل عادل على جميع مناطق العراق، ونأمل أن تسرع الحكومة العراقية بخطواتها نحو تشريع قانون النفط والغاز الجديد وفقا لمبادئ الدستور، كما أننا بحاجة إلى تشريع قانون آخر لتوزيع العوائد النفطية بشكل عادل، ويجب أن تكون لدينا الخطط الكافية لطمأنة المواطن العراقي بأن عوائد النفط تستخدم لمصلحته ومصلحة الأجيال القادمة، ونحن في إقليم كردستان نتطلع إلى المستقبل بأمل أن يتحقق للعراق التقدم والازدهار، ونرفض كل الجهود والمحاولات التي تهدف إلى إعادة العراق للوراء، نحن نريد عراقا اتحاديا ديمقراطيا يحقق حاجات المواطنين ويتمتع بسيادته وينتهج سياسة اقتصادية سليمة، ونريد أن نتأكد أن مصادر الطاقة في هذا البلد تستخدم من أجل تحقيق حياة أفضل للمواطنين وتحقق أحلامهم في عراق مستقر يضمن الأمن والأمان لكل المواطنين».