سعود الفيصل: نأمل أن يكون توحد المعارضة السورية فاتحة خير لوحدة الموقف الدولي

قال: إذا تغير الموقف الروسي فإنه سيفتح الطريق لحل أساسي للأزمة السورية

الأمير سعود الفيصل خلال لقائه رئيس وأعضاء «الائتلاف الوطني للمعارضة السورية» في الرياض أمس (واس)
TT

قال الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، إن الوضع في سوريا يزداد تدهورا، سواء لجهة ازدياد حجم الضحايا والمهجرين أو لجهة التدمير الشديد الذي تشهده المدن السورية تحت قصف الآلة العسكرية العمياء للنظام التي لا تبقي ولا تذر، وهو الأمر الذي يجعل من عملية الانتقال السياسي للسلطة أكثر حتمية وضرورة للحفاظ على سوريا أرضا وشعبا، مؤكدا أن «السعودية ترى في تشكيل الائتلاف السوري الجديد خطوة إيجابية مهمة تجاه توحيد المعارضة تحت لواء واحد، ونأمل أن نشهد خطوة مماثلة نحو توحيد مواقف ورؤى المجتمع الدولي في تعامله مع الشأن السوري على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والإنسانية»، مبديا أسفه على الدمار الذي أصبح ظاهرة في سوريا «تفوق ما قد رأيناه من تصرفات مأساوية، مثل قصف العاصمة دمشق التي هي أقدم عاصمة في العالم والتاريخ، بينما سيكون أمام السوريين مهمة هائلة في بناء بلدهم».

وأعلن الفيصل في مؤتمر صحافي، عقده بمقر وزارة الخارجية بالرياض، أمس، مشاركة السعودية في مؤتمر «أصدقاء سوريا» المقرر عقده في مراكش الأسبوع المقبل، وذلك في ظل حرصها على الدفع بالجهود الدولية في هذا الاتجاه، مبينا أن «الأمل دائما موجود على كل حال، وأعتقد أن وحدة المعارضة حاليا تحت سقف واحد، واستمرار توحيد الفصائل الباقية، هو أهم عنصر حدث في الفترة الأخيرة، وإذا استمر التوجه وزادت فعالية المعارضة بمؤازرة المجتمع الدولي». وقال: «توحيد المعارضة شيء، وتوحيد الموقف الدولي شيء آخر، ومن الغريب أن يكون مجلس الأمن هو المكان الذي تختلف فيه الرؤى، مجلس الأمن، بما فيه الدول دائمة العضوية، منحت هيئة عالية للديمومة لتكون ركيزة للحلول لا أن تكون مصبا للنزاعات بين الدول الكبرى. وكما توحدت المعارضة نأمل أن يكون ذلك فاتح خير لوحدة الموقف الدولي في مجلس الأمن، جميع من اتحد تحت سقف المعارضة أكدوا مرارا وتكرارا أنه لا خوف على الأقليات، وأنه لا توجد رغبة في الانتقام أو متابعة من قاتلوا في هذه الحرب، والأمم المتحدة تستطيع أن تكون ليس فقط شاهدا وإنما منظم لهذه العملية». وتابع قائلا: «بالتالي، فإن التخوف أو التخويف من هذه القضية هو بسبب إعاقة الحل»، مشيرا إلى أن «مصدر القلق هو وجود بشار الأسد، وليس سوريا بعده، حيث ستكون دولة تحافظ على وحدتها وحقوق المساواة في ما بين شعبها»، معربا عن ثقته بأن «الائتلاف والمعارضة السورية قادران على السير بعد الأسد، والسعودية تعترف بشرعيتهم كممثلين للشعب السوري».

وفي ما يخص المباحثات الأخيرة التي أجريت مؤخرا في العاصمة الرياض بين وزراء الخارجية الخليجيين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول الملف السوري، قال الفيصل: «عقدنا جلسة مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونحن في مجلس التعاون حريصون كل الحرص على العلاقات بيننا وبين روسيا، كما أننا حريصون على علاقات روسيا مع الدول العربية جميعها، روسيا بلد كبير ومهم ولها مواقف مشرفة في مؤازرة القضايا العربية، لذلك المفاجأة الكبرى التي حصلت في العالم العربي والإسلامي هي عندما وقفت روسيا رافضة الدعم في القضية السورية، وبالتالي هناك شبه صدمة من هذا الموقف، وحرصا على هذه العلاقات تحدثنا مطولا مع الوزير لافروف بأن موقف روسيا مستغرب ومستنكر، وأملنا أن يعود الموقف الروسي لمؤازرة الحق والعدل في هذه المشكلة». وقال: «لا أعرف مدى تأثير تلك المباحثات على موقف روسيا الحالي، فهناك من يقول بأن هناك مؤشرات لتحلحل في الموقف الروسي، ولكننا لا نتحدث عن فرضيات، إذا تغير الموقف الروسي فلا شك في أنه سيفتح الطريق لحل أساسي للأزمة السورية، وإذا لم يتغير فستبقى المشكلة على ما هي عليه». أما في ما يخص إيران وكونها جزءا من الحل أو جزءا من المشكلة في الملف السوري، قال: «لا أعتقد أن أحدا من المقيمين للسياسة الإيرانية الحالية يستطيع أن يقول إن إيران جزء من الحل في سوريا، وعسى أن تتغير إيران لأنها دولة مهمة وكبيرة، وموقفها سيكون ذا تأثير».

وحول حالة التصعيد التي شهدتها مصر عقب الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي، أجاب الفيصل: «في الواقع، هذا شأن داخلي، ونحن لا نتدخل في شؤون الآخرين، وأي إجابة عن هذا السؤال تعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية، الإخوة المصريون أدرى باحتياجات بلدهم في هذه الفترة».

وأضاف الفيصل، في سياق متصل حول الحملات الإعلامية التي تواجهها السعودية، قائلا: «نحن تعودنا، وجلدنا أصبح سميكا، أننا مهما عملنا يكون هناك انتقاد، ونحن سائرون إن شاء الله تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بنية صافية ومسؤولية كاملة، والانتقادات التي تحدث بين فترة وأخرى لا تهم».

وحول الاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية، قال الفيصل: «أعتقد - دون تدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول - أن الحس الوطني فيها هو الضمان الذي سيحقق استقرارها واستقلالها، والشعوب ستنال حقوقها، والحكومات المتجاوبة - كما هو الحال في الأردن والكويت - قادرة برجالاتها على أن تحل المشاكل الداخلية».

وأشار الفيصل إلى أن «قمة التنمية الاقتصادية العربية القادمة تأتي في وقت دقيق في ظل التغيرات والتقلبات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط والتي تثير التساؤلات الكثيرة، والقمة لا يمكن إلا أن تكون قادرة على أن تخدم مصلحة الدول العربية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية»، وأضاف قائلا: «نحن أمامنا ميثاق الجامعة العربية الذي يجعلنا مسؤولين تجاه بعضنا البعض، ولا أشك في أن هذه القمة ستسعى للمؤازرة في أن تكون مفيدة في حل القضايا وخدمة المصالح المشتركة، في هذه الفترة بالذات التي تواجه فيها تحديات مستقبلية كبيرة، فنحن نجابه مشاكل داخلية، والعالم أمامنا يتطور بشكل مذهل علما واقتصادا وتطويرا، وبالتالي على القمة أن تدرس هذا الملف بالدقة المطلوبة وتسخر إمكانياتها التي تستطيعها للنهوض بعالمنا العربي من كبوته التي يعانيها».

وطالب الفيصل بأن يقوم مجلس الأمن الدولي والجهاز القانوني في محكمة العدل الدولية بمسؤولياتهم في المذبحة والتصفية الجسدية التي يتعرض لها سكان ميانمار، مبينا أنه «لا يجوز لهم أن يبقوا متفرجين في ظل هذا الوضع، وسننسق مع إخواننا في الدول الإسلامية في كيفية معالجة هذا الموضوع من قبل مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية إن لم تتم معالجته من قبل حكومة ميانمار».

وجدد الفيصل الترحيب بقرار الجمعية العامة بمنح فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، مع التأكيد على أن «هذا القرار يجب أن يشكل عاملا مساعدا للحل وليس معطلا له»، مؤكدا أن «التعطيل الحقيقي يتمثل في غياب أفق الحل السياسي، ورفض إسرائيل لكافة الحلول السلمية، واستمرارها في بناء المزيد من المستوطنات وابتلاع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي السياسة التي من شأنها إجهاض الحل العادل والشامل والدائم لهذا النزاع الطويل، ويضفي عليه المزيد من التعقيدات»، آملا أن يتعامل مجلس الأمن الدولي بإيجابية مع هذا القرار ويستجيب لرأي الأغلبية الدولية في تعاطيه مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ووضع حد لسياسة المماطلة الإسرائيلية، في إطار مسؤوليته في حفظ الأمن والسلم الدوليين.

وفي ما يتعلق ببناء المستوطنات الإسرائيلية وتأثيرها على عملية السلام، شدد الفيصل على أنه «إذا لم يحدث انسحاب من المستوطنات فلن يتحقق حل الدولتين»، متسائلا: «أين يمكن للدولة الفلسطينية أن تنشأ، وما الأراضي التي تكون تابعة لها والضفة الغربية تسيطر عليها إسرائيل كلية تقريبا، وأريحا هي المنطقة الأكثر عددا من السكان وهي منطقة صغيرة، ولكن بالنسبة للضفة الغربية، فإن الأراضي استولت عليها إسرائيل تقريبا بشكل كامل، ودون الانسحاب من هذه الأراضي لا أعتقد أن هناك فرصة أو احتمالا لحل الدولتين».

ودعا الفيصل اليمنيين بكافة فئاتهم وأطيافهم للاستجابة لجهود الحكومة اليمنية والانخراط في المؤتمر الوطني للحوار الشامل الذي يحتاجه اليمن أكثر من أي وقت مضى، استكمالا لتنفيذ نصوص اتفاقية المبادرة الخليجية والحفاظ على وحدتهم الوطنية والإقليمية لتحقيق أمنهم واستقرارهم وازدهارهم.

وذكر الفيصل أنه «في خضم الأزمات المتلاحقة التي تجتاح العالم، يبرز بصيص نور وأمل يتمثل في افتتاح مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في العاصمة النمساوية فيينا»، مبينا أنه تشرف بالمشاركة في افتتاحه مع كل من وزيري الخارجية النمساوي والإسباني، بمشاركة واسعة من قيادات الديانات والثقافات في العالم، مؤكدا أن الأمل يحدوه لأن يصبح المركز منارة للسلام والوئام وترسيخ ثقافة الاحترام والتعايش بين الشعوب ومعالجة الاختلافات في ما بينها.

وكان الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، استقبل في مكتبه بالوزارة أمس، رئيس «الائتلاف الوطني للمعارضة السورية» الشيخ أحمد معاذ الخطيب، يرافقه كل من نائبي رئيس الائتلاف، والدكتورة سهير الأتاسي، إضافة إلى الأمين العام للائتلاف أحمد عاصي الجربة، والدكتور نجيب الغضبان وعدد من المسؤولين في الائتلاف السوري.

وقد جدد الأمير سعود الفيصل خلال اللقاء ترحيب بلاده بتشكيل الائتلاف «باعتباره خطوة إيجابية مهمة تجاه توحيد المعارضة السورية تحت لواء واحد»، بينما تناول الاجتماع استعراض المستجدات على الساحة السورية وكافة الاتصالات والجهود الدولية القائمة في هذا الشأن، حضر اللقاء السفير خالد الجندان وكيل وزارة الخارجية للعلاقات الثنائية.