مجالس الإدارة المدنية.. أبرز القوى «غير المقاتلة» في الثورة السورية

ثائر الحاجي لـ«الشرق الأوسط»: تؤمن احتياجات المواطنين.. وتمثل طرفا أساسيا في أي تحالف

TT

جري في الوقت الحالي تفعيل العمل المدني في المناطق المحررة داخل سوريا. وتم تشكيل المجالس المدنية من خلال التوافق الشعبي، لتمارس مهام وزارة الإدارة المحلية. وتسعى هذه المجالس إلى إنجاز مهمتين، الأولى للخدمات المدنية وحفظ الأمن، بالشكل الذي يضمن إعادة الخدمات الطبية والتعليمية والتجارية، والثانية إعادة المرافق إلى العمل المدارس والمستشفيات والطرق والأسواق وخدمات الماء والكهرباء والاتصالات. وقال ثائر الحاجي عضو مجالس الإدارة المدنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجالس تؤمن مياه الشرب وترميم المدارس وحاجات الأطفال نظرا لغياب سلطة النظام في المناطق المحررة حتى لا تتوقف حياة السكان وأنشطتهم الاقتصادية».

ومع مرور الوقت والعمل الدءوب من أجل التخلص من نظام الرئيس بشار الأسد، أصبحت المجالس المحلية طرفا أساسيا في أي تحالف سياسي أو برنامج وطني أو تكتل حزبي، بصفتها القوة التي تمثل الأرض بجانب الجيش الحر. ويمثل في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية 14 عضوا يمثلون المحافظات السورية. وأصدر المجلس الوطني سابقا بيانا يدعم ويساند هذا التوجه. وأعلن بدء التعاون الرسمي مع المجالس المدنية.

وقال الحاجي، إن «هناك تسعة مجالس في الشمال وريف دمشق وريف إدلب واللاذقية (رافضا ذكر المناطق بالتحديد لأسباب أمينة) تعمل بالشكل النظامي على إعادة إعمار وترميم المدارس والمستشفيات وتأمين الحليب والغذاء للأطفال وتنظيف الطرق من آثار التدمير وتأمين أغطية الشتاء ومعدات لتوليد الطاقة الكهربائية وأجهزة تعقيم مياه الشرب وتوفير الكتب المدرسية».

ويبدأ العمل تحت سقف المجلس الأعلى للإدارة المدنية والذي يضم مجالس مدنية في مختلف المحافظات بحيث يكون دور هذا المجلس شبيها بدور وزارة الإدارة المحلية ولذلك سيقوم بمهمة التمويل والتنظيم. وستعمل ضمن مرجعية وطنية تمثلها الهيئة الاستشارية العليا للإدارة المدنية وتضم شخصيات وطنية خارج إطار العمل السياسي المباشر.

وأشار الحاجي إلى أن «التنسيقيات نواة عمل المجالس المحلية منذ البداية واضطلع بها شباب الثورة فعملوا بسرية شديدة وبدرجة عالية من المخاطرة وتواصلوا مع الحاضنة الشعبية واكتسبوا ثقة متبادلة وخبرة ميدانية».

ومع تطورات الثورة وخروج الكثير من القرى والنواحي والبلدات وبعض أحياء المدن عن سيطرة النظام وسلطته وغياب الخدمات المدنية، أما بسبب معاقبة النظام لتلك المناطق أو لعجزه عن الوجود فيها، ظهر فراغ حقيقي في توفير الأمن والحفاظ على المرافق والمؤسسات الحكومية التي تقدم مختلف الخدمات المدنية. وكان لا بد للتنسيقيات من لعب دور جديد وهو ملء هذا الفراغ.

وقالت مصادر - طلبت من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن أسمائها - إنه «وخلال هذا الأسبوع تم إطلاق عدة مجالس في ريف دمشق وهناك مجالس أخرى سوف يعلن عنها في الأيام القلية المقبلة».

ونشأت فكرة المجالس الإدارية بشكل مبكر عندما اجتمعت مجموعة من الناشطين بشكل سري في الشهر الثالث مارس (آذار) من العام الحالي وتم التواصل مع قيادات الجيش الحر الذين بدورهم أيدوا فكرة المجالس الإدارية المدنية وأعلنوا رسميا التعاون معها للحفاظ على مكتسبات الثورة واستقرار الأمن في سوريا.

ومن أهم المبررات الإدارية لهذا التحرك في بنية عمل مؤسسات الدولة بالمناطق المحررة تشجيع النازحين على العودة، وتسيير الأنشطة الاقتصادية للسكان من زراعة وتجارة وتبادل وتسويق وتوزيع. وكل هذا يحتاج إلى عودة التنظيم المدني و«الذي سيقوم بدور حيوي في تخفيف المعاناة وتوفير مصادر المعيشة لهم وهذه هي المبررات لما تقترحه كبديل مؤقت لعمل مؤسسات الدولة»، وفقا للمصادر.

وتتألف الهيئة الاستشارية العليا للإدارة المدنية من عدد من الشخصيات الوطنية ذات الخبرة والقبول وتقوم بدور التوجيه والترشيد والمراقبة لعمل المجلس الأعلى للإدارة المدنية الذي تتلقى تقاريره وتقوم بالإطلاع والتوجيه بصفة ملزمة.

ويعتمد برنامج المجلس الأعلى للإدارة المدنية على وجود جميع الأعضاء داخل سوريا إلا أن شلل الحياة المدنية وتجفيف معظم المصادر الداخلية دفعهم لاقتراح وجود بعض أعضائه في المكتب الخارجي بغرض التنسيق والتمويل، وينقسم العمل فيه إلى مكاتب تتولى المهام المالية والإعلامية وعلاقات خارجية وإدارة تنسيق المعلومات والإغاثة الطبية ومكتب للبنية التحتية والمخاطر الأمنية والسلم الأهلي.

وتتألف مجالس الإدارة المدنية من قرى ونواح وبلدات ومناطق وإحياء ومدن ومحافظات. ويقول مسؤولون عنها إن كل المناطق المحررة التي انسحب منها الجيش النظامي يمكن أن تخضع لهذا التسلسل الإداري الجديد وصولا إلى سوريا المحررة.

ويجتمع أعضاء المكتب أسبوعيا لقراءة التقارير وتقييم العمل ووضع التوصيات، ويقوم المكتب بإصدار تقرير واحد عن جميع المكاتب وتتخذ جميع القرارات بعد موافقة الهيئة الاستشارية العليا. ويتم اختيار أعضاء المكاتب بناء على التخصص والكفاءة بعد موافقة الهيئة الاستشارية.

وأشار ثائر الحاجي إلى أن جلال صادق العظم والدكتور مؤيد الرشيد يشرفان على الهيئة الاستشارية لمجالس الإدارة المدنية، وأن صلاح الدين بلال هو رئيس المجلس الإدارة وأن عدد أعضاء مجلس الإدارة يصل إلى نحو عشرة أعضاء.