العراق: النجيفي يضمن موافقة بارزاني على سحب قوات البيشمركة والجيش من مناطق التوتر.. وينتظر رد المالكي

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: مبعوث إيراني تعهد للقيادة الكردية بعدم نشوب القتال في المناطق المتنازع عليها

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني خلال استقباله رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

في وقت تتفاقم الأوضاع الميدانية في المناطق المتنازعة بعد ورود معلومات حول إرسال المزيد من القوات الإضافية من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مدعومة بالأسلحة الثقيلة إلى تلك المناطق، تقترب الجهود التي يبذلها رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي من التوصل إلى اتفاق يقضي بسحب جميع القوات الإضافية من الجيش والبيشمركة التي دخلت المنطقة على إثر تفجر النزاع في منتصف الشهر الماضي؛ حيث حصل النجيفي على موافقة رئيس الإقليم مسعود بارزاني على سحب قوات البيشمركة من المنطقة مقابل سحب الجيش لقواته أيضا وينتظر رد رئيس الوزراء العراقي على مقترحه.

وعلى الرغم من أن رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان الدكتور فؤاد حسين قد رحب بوساطة رئيس مجلس النواب العراقي لتطبيع الأوضاع ووقف التدهور في المناطق المتنازعة ووصولها إلى نقطة اللاعودة، لكنه طرح عدة تساؤلات حول آلية وتفاصيل تنفيذ تلك المبادرة، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» نحن نثمن مبادرة السيد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ونعتبرها مبادرة مخلصة وحريصة على إنقاذ العراق من أزمة خانقة، والسيد رئيس الإقليم تعاطى مع تلك المبادرة بشكل إيجابي ووافق على مقترحه الداعي إلى سحب القوات الإضافية من البيشمركة في المناطق المتوترة حرصا منه على إنجاح مبادرة السيد النجيفي، ولكننا بالمقابل نتساءل عن آلية تنفيذ هذا التفاهم، فالقوات المنسحبة إلى أين، وما هي حدود إعادة انتشارها، ثم إن السيد رئيس الوزراء طرح في مؤتمره الصحافي الأخير ما يراه حلا بسحب قوات الجيش والبيشمركة وإحلال قوات الشرطة والأمن الاتحادية مكانهما، والسؤال هو من هي هذه القوات المحلية، وهل ستكون تابعة لإدارة المحافظات أم أنها ستكون مرتبطة بقيادات أخرى خارج إطار سلطة المحافظات.

وأشار حسين إلى أن «السيد المالكي أشار سابقا إلى أن حدود كردستان هي التي كانت عليها قبل 2003، وهذا يعني بأنه لا يعترف بوجود مناطق متنازعة نص عليها الدستور العراقي وفقا للمادة 140، فحدود كردستان مرتبطة بتنفيذ هذه المادة الدستورية، عندما يتم تنفيذها عندها يمكن الحديث عن الحدود الإدارية للمحافظات وحدود إقليم كردستان بعد أن يقرر سكان تلك المناطق مصيرهم وفقا للفقرة الثالثة من تلك المادة المتعلقة بالاستفتاء».

ميدانيا، أفاد قائممقام قضاء طوزخورماتو شلال عبدول في تصريحات موقع خندان الكردي أن الجيش العراقي بدأ بإرسال أعداد كبيرة من مراتب وضباط فوجين تابعين للفرقتين الثامنة والتاسعة بملابس مدنية إلى داخل كركوك. وقال إن هؤلاء تم نقلهم بسيارة الأجرة والحافلات واستقروا في حي واحد حزيران بمركز المدينة وتم تأمين أماكن إيوائهم هناك.

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادرها الخاصة أن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، والمستشار الأمني للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي زار إقليم كردستان قبل أسبوع لتقديم التطمينات إلى القيادة الكردية بعدم السماح بوقوع الحرب في المناطق المتنازعة. وكشف مصدر رفيع المستوى طلب عدم ذكر اسمه أن سليماني التقى فعلا خلال زيارته الخاصة بصفته مندوبا عن المرشد الإيراني الأعلى بكل من الرئيسين جلال طالباني ومسعود بارزاني ونائبيهما برهم صالح ونيجيرفان بارزاني للتباحث معهم حول تطورات الأزمة بين الأكراد والحكومة العراقية، وأنه قدم تطمينات إلى القادة الكرد بأن إيران لن تسمح بحدوث مواجهات عسكرية بين الجيش والبيشمركة في المناطق المتنازعة، على الرغم من أنه تحدث بأن الوضع خطير جدا، ولكنه طمأن بأنه لن يصل إلى حد المواجهة العسكرية والقتال بين الجيش العراقي والبيشمركة الكردية.

إلى ذلك، واصل طالباني لقاءاته مع قادة التحالف الشيعي. فبعد لقائه زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم التقى نائبه خضير الخزاعي القيادي البارز في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي وحسب بيان أصدره مكتب الرئيس فإنه «تم التأكيد على ضرورة مواصلة الجهود من أجل تهيئة الأجواء للحوارات الجادة لحل المشكلات وتذليل العقبات أمام وصول الأطراف السياسية إلى الاتفاق».

وفي السياق ذاته أكد عضو البرلمان العراقي عن المجلس الأعلى الإسلامي فرات الشرع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «انزعاج كتلته مما يجري وهو أمر لم يكن متوقعا ويحتاج إلى معالجة سريعة قبل أن تتدهور الأوضاع». وأضاف الشرع: «إننا في المجلس الأعلى الإسلامي وفي كتلة المواطن البرلمانية ندرس حاليا مجموعة من الأفكار والمقترحات الهادفة إلى الوصول إلى حل لهذه الأزمة» مبينا أن «من بين ما تتم دراسته هو تنظيم زيارة من قبل كتل مختلفة من البرلمان إلى المناطق المتنازع عليها للاطلاع على ما يجري فيها لكي تتضح الصورة لنا كممثلين للشعب بعيدا عما يقوله العسكر والجنرالات لأننا بهدف بناء تجربة لدولة مدنية يتم فيها التعايش بين الجميع على أساس المواطنة».

من جانبه، هدد عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بإمكانية أن يلجأ الأكراد إلى «اتخاذ إجراءات قانونية بحق الحكومة التي تمثلها الآن دولة القانون وذلك باستخدامها أسلحة ثقيلة في التهديد لمحاربة شعبها وهو أمر مخالف للدستور فضلا عن مخالفته لشروط التسليح لا سيما أن الأسلحة التي يريد أن يستخدمها المالكي ضدنا هي أسلحة أميركية الصنع». وتساءل طه قائلا: «أين شروط الولايات المتحدة الأميركية التسليحية التي تحرم على من يشتري السلاح منها استخدامه في النزاعات الداخلية؟». وأضاف طه: أنه «في حال تم استخدام هذا السلاح الأميركي ضدنا فإننا سنتقدم بشكوى ضد الولايات المتحدة الأميركية».