معركة عنيفة بين مؤيدي الرئيس المصري ومعارضيه حول القصر الجمهوري

قوى سياسية تحمل مرسي مسؤولية العنف وتدعو لمليونية «الحشد العظيم»

اشتباكات عنيفة بين معارضين وموالين للرئيس المصري محمد مرسي خارج القصر الرئاسي في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

في تطور خطير للأزمة السياسية في مصر، اشتعلت معركة عنيفة استخدمت فيها الأسلحة النارية، بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، أمام القصر الجمهورية بمنطقة مصر الجديدة شرق القاهرة، أسفرت عن إصابة العشرات في صفوف الفريقين، كما تحدث الجانبان عن قتلى بين أنصاره، لم يتم حصرها رسميا حتى كتابة التقرير.

وقال شهود عيان إن المئات من أنصار الرئيس ومعارضيه قاموا بقذف متبادل في ما بينهم بطلقات الخرطوش والشماريخ النارية وزجاجات المولوتوف الحارقة والحجارة، في محاولة من جانب كل فريق للسيطرة على محيط القصر، وسط غياب تام لقوات الأمن، وقد تحولت المنطقة إلى «حرب شوارع» تواصلت حتى ساعات متأخرة من الليل، شهدت كرا وفرا بين الجانبين.

هذا في حين كشفت هيئة الإسعاف عن نحو 20 إصابة بسبب الأحداث، وأنه جرى نقلهم إلى مستشفى «هليوبوليس» و«منشية البكري».

وجاءت هذه الاشتباكات بعدما قام مؤيدو الرئيس مرسي، وبدعوة من جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة»، بحشد أنصارهم أمام قصر «الاتحادية» الرئاسي أمس، للتعبير عن رفضهم للمظاهرات المناوئة له هناك، ودعمهم للرئيس وقراراته، حيث سيطر الإسلاميون على ساحة القصر، وقاموا بتحطيم خيام المعتصمين هناك بالقوة، مرددين هتافات: «الشعب يؤيد قرارات الرئيس»، «قوة عزيمة إيمان.. مرسي بيضرب في المليان»، كما أزال مؤيدو الرئيس شعارات معارضيه التي كتبوها على سور القصر، وقاموا بطلائه.

وكان الرئيس محمد مرسي قد غادر قصر الاتحادية قبل وقوع الاشتباكات، وسط هتافات المئات من أنصاره الذين اصطفوا على جانبي الطريق بعد نجاحهم في طرد معارضيه من أمام القصر صباح أمس، وقبل أن يحشد المعارضون أنفسهم مرة أخرى، بقيادة شباب «الألتراس» (مشجعو كرة القدم)، ويقومون بالاشتباك مع الإسلاميين، في محاولة للسيطرة على الموقف.

وأصدرت رئاسة الجمهورية، بيانا أمس أعربت فيه عن احترامها لحق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي في إطار القانون والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وقالت الرئاسة في بيانها إنها أصدرت تعليمات واضحة لقوات الأمن التي تواجدت في محيط مقر رئاسة الجمهورية بالحفاظ على سلامة المتظاهرين وحمايتهم، والخروج بها بالصورة السلمية التي أعلن الجميع عنها.

وحملت القوى السياسية المعارضة الرئيس مرسي مسؤولية أعمال العنف الجارية هناك، ودعت إلى مظاهرة مليونية جديدة الجمعة المقبلة تحت عنوان «الحشد العظيم» لإسقاط الرئيس مرسي.

ومنحت «الجبهة الحرة للتغيير السلمي»، الرئيس الدكتور محمد مرسي مهلة ليومين فقط لإلغاء الإعلان الذي قالت إنه «غير دستوري»، وحل الجمعية التأسيسية للدستور، وتشكيل جمعية جديدة توافقية، حيث لوحت الجبهة بالزحف مجددا لقصر الاتحادية في «جمعة الرحيل». وأضافت الجبهة في بيان لها أمس: «الشعب المصري الذي انتفض الأسبوعين الماضيين بطول البلاد وعرضها، لن يحتمل أي نوع من الديكتاتورية المدمرة».

وقال أحمد طه النقر، المتحدث باسم «الجمعية الوطنية للتغيير»: «إن القوى الوطنية والثورية تطالب وزارة الداخلية بالقيام بواجبها في حماية المظاهرات السلمية في التحرير وأمام قصر الاتحادية».

وأدانت «حركة شباب 6 أبريل» التي يقودها أحمد ماهر، ما يسمى حالة «النفير العام» داخل جماعة الإخوان المسلمين لحشد أعضائها في الشوارع والميادين، معتبرة ذلك يماثل تدشين الدعوة للحرب الأهلية والاقتتال الداخلي. وناشدت الحركة المتظاهرين بميادين مصر وشوارعها «الالتزام التام بالسلمية وعدم الانسياق خلف دعوات الفوضى والتخريب غير المسؤولة التي تحاول دفع الوطن إلى حافة الهاوية».

وحمل حزب التجمع اليساري في بيان له، أمس، الرئيس محمد مرسي، مسؤولية حماية المتظاهرين بميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية، قائلا: «أي نقطة دم ستهدر سيكون لها رد قاس، وسيكون الرد في جميع أنحاء مصر وليس ميدان المعركة فقط». وأضاف: «على الرئيس التدخل وتنفيذ مطالب المعتصمين فورا وإلا فسيجر معه البلاد إلى حرب أهلية تنهي ما تبقى له من أمل في حكم مصر».

في المقابل، قال الدكتور محمود غزلان، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، إن وقفتهم أمام قصر الاتحادية هي «لحماية الشرعية، بعد التعديات الغاشمة التي قامت بها فئة تصورت أنها يمكن أن تهز الشرعية أو تفرض رأيها بالقوة».

ورفعت جماعة الإخوان حالة التعبئة العامة على مستوى الجمهورية تحسبا لتطور الأحداث السياسية في مصر قريبا، وطالب مكتب الإرشاد كافة أعضاء الجماعة بالاستعداد وانتظار التكليفات، في ظل بحث مكتب الإرشاد مع مسؤولي المكاتب الإدارية الدعوة إلى مليونية دعما لمرسي.

وقال مصدر إخواني من مكتب الإرشاد: «إن الجماعة استدعت شباب الإخوان المسلمين بالقاهرة والجيزة لتأمين المقر العام بالمقطم، تحسبا لوقوع أي اعتداءات على مكتب الإرشاد من جانب القوى الثورة».

كما استنكر «ائتلاف القوى الإسلامية»، الذي تشكل من عدد من الأحزاب والقوى الإسلامية بزعامة (الدعوة السلفية، والإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية)، ما سماه «محاولات التخريب واقتحام مؤسسات الدولة وعلى رأسها قصر الاتحادية»، مؤكدين أن «التظاهر حق مكفول، ولكن إسقاط رئيس منتخب وله شرعية لا يجوز بأي حال من الأحوال».

وقال الائتلاف في بيان له أمس إن «(ائتلاف القوى الإسلامية) وهو يتابع ما يجري أمام قصر الاتحادية ليستنكر بكل قوة هذه الممارسات المشينة، ويعلن لكل الشعب المصري أن التجاوز في التعبير عن الرأي وعدم سلميته لهو إساءة لمصر كلها».

وحذرت الجماعة الإسلامية وذراعها السياسية حزب البناء والتنمية من محاولات جر البلاد إلى موجة من العنف والاضطراب. وقال خالد الشريف، المستشار الإعلامي للحزب، إن محاولات نشر الفوضى وتكريس أجواء الاضطراب ما هي إلا محاولة رخيصة لإسقاط الرئيس الدكتور محمد مرسي، مشددا على أهمية فك الارتباط بين الإعلان الدستوري المكمل والدستور، خصوصا أن هذا الخلط قد يؤدي إلى انجرار البلاد لنفق مظلم.

وفي جنوب مصر، أعلنت القوى الثورية اعتزامهم السفر للقاهرة لمؤازرة ومشاركة المتظاهرين مطالبهم، وأعلنت بعض القوى بقاءها في محافظاتها لتنظيم المسيرات الرافضة للإعلان الدستوري، حيث بدأ بعض رموز القبائل في محافظات الصعيد حشد أبناء قبائلهم للمشاركة في المظاهرات.

وقال الناشط جمال فريد، القيادي بالحزب الناصري بقنا، «سوف أرافق العشرات من أعضاء القوى الثورية للذهاب إلى ميدان التحرير للتأكيد على تضامننا مع ثوار التحرير ورفضنا القاطع للإعلان الدستوري الذي أعتبره أنه غير دستوري»، مضيفا: «إن مصر في خطر، لأن جماعة الإخوان المسلمين تصر على العناد وتدفع الرئيس إلى التمسك بالقرارات، معتمدين على أعدادهم التي يحشدونها في كل مظاهرة، وهو ما قد يدفع بمصر إلى الوقوع في حرب أهلية».

وفي المقابل، بدأت أمانات حزب الإخوان المسلمين «الحرية والعدالة» بمحافظات الصعيد دعوة أنصارهم إلى المشاركة في مليونية الجمعة المقبلة لحماية الشرعية على حد وصفهم، على أن يتجه أبناء محافظات الصعيد إلى محافظة أسيوط وأبناء الوجه البحري إلى القاهرة لحماية الرئيس والقصر الجمهوري، وطالبت الأمانات أعضاءها المنتمين بعدم التخلف عن الحضور.

وشهدت محافظة المنيا مساء الثلاثاء اشتباكات حول محيط مقر «الحرية والعدالة» بمدينة المنيا بين جماعة الإخوان المسلمين والرافضين للإعلان الدستوري، إلا أنها لم تسفر عن أي إصابات، وتمكنت قوات الأمن من فض الاشتباكات بعد القبض على 3 أفراد، وتم إغلاق الطرق المؤدية إلى مقر «الحرية والعدالة» لمنع تجدد الاشتباكات.

ومن جانبها، نفت «حركة 6 أبريل» بالمنيا محاولة اقتحام شباب الحركة لمقر الإخوان المسلمين، وأكدت أن أعضاء الجماعة هم من تعدوا على 3 من أعضائها وتم تحرير محضر بالواقعة.