العاهل الأردني يبحث مع عباس «ما بعد الدولة» والمفاوضات

أول زعيم يزور فلسطين للتهنئة.. ورام الله تطلق اسمه على أحد ميادينها الرئيسية

أبو مازن وضيفه الملك عبد الله الثاني يستعرضان حرس الشرف في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله أمس (أ.ب)
TT

بحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في رام الله، أمس، الخطوات الفلسطينية ما بعد الدولة، ومن بينها العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل. وقال مسؤولون فلسطينيون وأردنيون إن الزعيمين، بحثا العودة إلى طاولة المفاوضات على طريق الوصول إلى دولة كاملة العضوية.

وحرص العاهل الأردني، على أن يكون أول زعيم عربي أو أجنبي يصل إلى رام الله مهنئا بالدولة الفلسطينية (المراقب)، فوصل قبل ظهر أمس، مقبلا من عمان مباشرة بطائرته الخاصة التي هبطت في مقر الرئاسة برام الله، بعد طائرة هليكوبتر أخرى كانت تقل الأمن الخاص به، واستقبل أبو مازن ضيفه واستعرضا حرس الشرف وعزف السلامان الملكي الأردني، والوطني الفلسطيني، قبل أن يصافح الملك مستقبليه، وينتقل سريعا مع مساعديه، برفقة أبو مازن ومساعديه، إلى قاعة الاجتماعات. ولم تطل زيارة الملك الأردني إلى رام الله، واقتصرت مع الاجتماع على نحو 4 ساعات.

وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني ناصر جودة، بعد اللقاء الذي حضراه، «هناك تطابق كامل في وجهات النظر والرؤية بين الزعيمين في مجمل القضايا. هناك اتفاق تام فيما يخص المرحلة المقبلة، بالعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل للوصول إلى المرحلة النهائية مع استمرار الجهود لرفع عضوية فلسطين إلى عضوية كاملة في الأمم المتحدة». وأضاف، «المباحثات بين الجانبين تركزت على كيفية التنسيق بينهما للخطوات المقبلة، لتمتين الإنجاز الفلسطيني الأخير، عبر الجهود الفلسطينية والأردنية والعربية وجهود الدول الشقيقة والصديقة».

ويرى الأردن أن خطوة الحصول على دولة مراقب يجب أن تصب في صالح المفاوضات مع إسرائيل وصولا لاتفاق يقضي بإقامة دولة ذات سيادة على الأرض وكاملة العضوية، كما قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط». وبحسب المصادر، فثمة توافق في هذا الشأن بين العاهل الأردني وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، الذي ناقش مع الملك ذلك في لقائهما الأخير في عمان، وكذلك مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ولم يكن موقف أبو مازن مختلفا.

واعتبر وزير الخارجية الأردني أن «أهمية هذه الزيارة تكمن في حرص الملك على أن يكون أول زعيم يزور فلسطين بعد أن باتت دولة، لتقديم التهنئة برفع مستوى فلسطين إلى دولة مراقب غير عضو في الجمعية للأمم المتحدة». وقال «هذه محطة تاريخية، نأمل أن تصب في اتجاه أن تصبح فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة، والأهم أن تقوم دولة فلسطين القابلة للحياة على الأرض الفلسطينية، وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية».

وأضاف «هذه المحطة هي لبنة أساسية في هذا الاتجاه، وهي خطوة حاسمة نحو العودة مرة أخرى إلى المفاوضات، بغية الوصول إلى الحل النهائي». وتابع القول «إن من الضروري التأكد من أن المرحلة المقبلة ستقود مرة أخرى إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، لمعالجة قضايا الحل النهائي».

وهذه هي المرة الثانية التي يقوم فيها العاهل الأردني بزيارة إلى رام الله بعد تولي عباس الرئاسة مطلع عام 2005. وكانت الزيارة الأولى في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011.

ويعتبر الأردن الوطن الثاني للفلسطينيين وبوابتهم الوحيدة للضفة الغربية.

ولعب الملك مؤخرا دورا في المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، واستضافت عمان لقاءات فلسطينية إسرائيلية في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي في محاولة لتقريب وجهات النظر. ويقول الرئيس الفلسطيني إنه مستعد للعودة إلى المفاوضات الآن بعد حصوله على «دولة».

وقال عباس قبل ساعات من وصول الملك الأردني، إنه لا تعارض بين أي حلول بما فيها استئناف المفاوضات وحصول فلسطين على دولة مراقب. وأضاف في لقاء مفتوح مع الصحافيين، «إن الشعب الفلسطيني يريد أن يعيش بسلام في دولته المستقلة جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وهذا ما نطلبه ونقوله في العلن وليس في الغرف المغلقة».

وأكد عباس أن اجتماعا للجنة المتابعة العربية سيعقد في 9 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لمتابعة الخطوات المقبلة فيما يخص الشأن الفلسطيني.

وحظيت زيارة العاهل الأردني باهتمام كبير واستثنائي في الأراضي الفلسطينية، ووصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات الزيارة بالتاريخية. وأطلقت بلدية رام الله، بتوصية من أبو مازن، اسم «الملك عبد الله الثاني بن الحسين»، على الميدان المحاذي لقصر رام الله الثقافي، وتسلم الملك قرار البلدية بذلك وقرأه أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم.

وقال المالكي، «هذا تثمين من الشعب الفلسطيني للدور الكبير لجلالة الملك في نصرة فلسطين والقضية الفلسطينية»، ورد جودة «نقدر باسم جلالة الملك والحكومة الأردنية لفتة الرئيس وبلدية رام الله بتسمية ميدان رئيسي في رام الله باسم جلالة الملك، وهذا يدل على اللحمة بين الشعبين الشقيقين والقيادتين».

وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان إنها «تقدر عاليا الدور الكبير والمهم الذي بذله جلالته والأردن الشقيق على المستويين الدولي والإقليمي وفي الأمم المتحدة، لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي الهام لشعبنا ولأمتنا ولقضيتنا المركزية». وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «إننا على يقين تام بأن هذه الزيارة التي تأتي امتدادا لمواقف جلالته الداعمة لحقوق شعبنا، ستؤدي إلى ترسيخ وتمتين أواصر الأخوة القائمة بين شعبينا وبلدينا وستسهم في تطوير علاقات التعاون المشترك بيننا على كل المستويات لما لهذه العلاقات من مكانة خاصة وفريدة، ولما يقوم به جلالته وشعب الأردن الشقيق من جهد مميز في دعم مقومات دولتنا الفلسطينية وصمود شعبنا ومساندة قضيته ونضاله في كل المحافل والهيئات العالمية».

كما ثمنت حركة فتح «الزيارة التاريخية»، للملك. وقال المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي في بيان، إن الحركة تؤكد «عمق العلاقات الثنائية بين الشعبين والبلدين الشقيقين، وحرص حركة فتح على أمن واستقرار الأردن وازدهاره».