«الجيش الحر» يعلن مطار دمشق منطقة عسكرية ويحذر المدنيين من الاقتراب

مظاهرات على وقع الاشتباكات والقصف العنيف في جمعة «لا لقوات حفظ السلام على أرض الشام»

TT

لبى آلاف السوريين دعوة المعارضة السورية إلى التظاهر أمس بعد صلاة الجمعة تحت عنوان «لا لقوات حفظ السلام على أرض الشام»، في حين دارت اشتباكات عنيفة في مناطق سوريا عدة وتعرضت مناطق أخرى لقصف نظامي، أدى إلى مقتل 100 سوري على الأقل في حصيلة مسائية أولية. وواصلت قوات الأمن السورية عملياتها العسكرية بشكل خاص في العاصمة دمشق وريفها بهدف السيطرة على أماكن وجود «الجيش السوري الحر»، تحديدا في محيط مطار دمشق الدولي.

وأعلن مقاتلو «الجيش الحر» أمس مطار دمشق الدولي «منطقة عسكرية»، محذرين «المدنيين والطائرات من الاقتراب منه»، إذ أعلن المتحدث باسم المجلس العسكري في دمشق نبيل العامر إن «ألوية المقاتلين الذين يحاصرون المطار قرروا أول من أمس أن المطار بات هدفا»، موضحا أن «المطار يغص الآن بالمركبات العسكرية المدرعة والجنود، وأن المدنيين الذين سيقتربون منه الآن هم المسؤولون عن أنفسهم».

وكان ناشطون سوريون أبدوا في اليومين الأخيرين خشيتهم من أن تقوم القوات النظامية بعملية برية واسعة النطاق ضد عدد من ضواحي دمشق، بعد استقدام تعزيزات أمنية مكثفة وازدياد وتيرة العمليات العسكرية منذ نهاية الأسبوع الماضي.

وفي دمشق، أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بـ«اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والجيش النظامي بالقرب من حاجز بورسعيد في حي القدم، بالتزامن مع قصف عنيف استهدف الحي والأحياء المجاورة».

كما تعرض حي التضامن لقصف عنيف براجمات الصواريخ من الثكنة العسكرية بالقرب من شارع الثلاثين، في موازاة إشارة ناشطين إلى اشتباكات عنيفة قرب مطار المزة العسكري وفي كفرسوسة، في محاولة لصد اقتحام مدينة داريا. وكان المركز الإعلامي السوري قد أشار إلى أن قوات النظام قصفت كلا من داريا والمعضمية وببيلا وأحياء العاصمة الجنوبية براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة.

وكانت أصوات راجمات الصواريخ والقصف المدفعي العنيف تدوي على نحو غير مسبوق في أرجاء العاصمة دمشق، وحذر المجلس العسكري للجيش الحر في دمشق، المدنيين وخطوط الطيران من الاقتراب من مطار دمشق الدولي، وذلك بعد أن أعلنوا أن المطار بات «منطقة عسكرية»، بينما قتل أكثر من 100 شخص في مناطق كثيرة من البلاد، في جمعة اختار المعارضون الثوار لها اسم «لا لقوات حفظ السلام على أرض الشام».

وقال ناشطون في دمشق إن أصوات القصف الغريبة من حيث تتابعها السريع وقوتها التي تهز ارتداداتها مختلف أنحاء المدينة هي أصوات راجمات الصواريخ التي تقصف مدينتي داريا والمعضمية والغوطة الشرقية في ريف دمشق المحيط بالعاصمة، وقال الناشط أحمد الدمشقي: «صباحا سمعت أصوات الراجمات الموجهة إلى منطقة بساتين المزة كفرسوسة حيث تدور اشتباكات عنيفة لدى محاولة قوات النظام اقتحام مدينة داريا (شمال غرب)، وقد سمع سكان المزة في وقت مبكر من صباح أمس أصوات راجمات الصواريخ التي تزلزل الأرض من دون توقف لأكثر من ساعة، وحجبت الرؤية سحب الدخان فوق منطقة البساتين. وتوقفت المعارك بعض الوقت ثم استؤنفت من جديد، كما سقطت قذيفة هاون على مبنى سكني في حي المزة فيللات غربية، خلفت أضرارا مادية بمنزل صادف أنه كان خاليا من سكانه. كما شهدت أحياء دمشق الجنوبية القدم ومخيم اليرموك والميدان اشتباكات عنيفة وسط انقطاع للتيار الكهربائي في تلك المناطق وفي أحياء أخرى من المدينة، وتمكن مقاتلو الجيش الحر من إحراق دبابة للقوات النظامية.

من جانب آخر، أعلنت كتيبة شهداء ركن الدين بالاشتراك مع سرايا النصر وكتائب المجلس الثوري العسكري سيطرتها على إدارة المركبات في حرستا، والاستيلاء على العتاد الموجود فيها وخمس دبابات مجهزة. وجاء في بيان صادر عن الكتائب المشاركة: «تم بعون الله تعالى اقتحام المجمع العسكري المعروف بإدارة المركبات في مدينة حرستا بريف دمشق بالكامل وتمشيطه بشكل فوري من قبل كتيبة شهداء ركن الدين وكتائب الجيش السوري الحر في المجلس الثوري العسكري بدمشق وريفها؛ سرايا النصر وكتائب أسود الله ولواء شهداء دوما ولواء درع العاصمة ولواء الحبيب المصطفى وكتيبة بيعة الرضوان وكتيبة البدر وكتائب ثوار الغوطة الشرقية».

وأضاف البيان الذي ترافق مع فيديو يصور الاشتباكات التي جرت في محيطة إدارة المركبات قبل السيطرة عليها: «تم القضاء على معظم جيوب الجنود والشبيحة الذين كانوا متحصنين داخل المباني وأسر بعضهم ممن آثروا الاستسلام لقوات الجيش السوري الحر، بينما جرح عدة أشخاص من أبطال الجيش السوري الحر بجروح خفيفة».

وفيما قالت قناة «الفضائية» السورية الرسمية إنه «لا صحة للأخبار التي تبثها بعض القنوات حول سيطرة الإرهابيين على مطار دمشق الدولي»، معتبرة «هذه الأخبار محاولات يائسة وبائسة لرفع معنويات الإرهابيين الهالكين»، نقلت «رويترز» عن المتحدث باسم المجلس العسكري في دمشق، نبيل العامر، قوله إن ألوية المقاتلين الذين يحاصرون المطار قرروا، الخميس، أن «المطار بات هدفا»، مؤكدا أن المطار «يغص الآن بالمركبات العسكرية المدرعة والجنود وأن المدنيين الذين سيقتربون منه الآن هم المسؤولون عن أنفسهم».

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن طريق المطار بات منطقة خطرة منذ نحو أسبوع، حيث تدور هناك اشتباكات عنيفة، وشوهدت سيارات محترقة وجثث متفحمة على جانبي الطريق، ولا أحد يمكنه الوصول إليها لإجلائها.

وشهد طريق مطار دمشق الدولي اشتباكات بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، بالتزامن مع قصف شديد للطيران الحربي على البلدات المجاورة لطريق المطار.

وجاءت هذه التطورات بعد إعلان ناشطين عن خشيتهم من هجوم بري تعتزم القوات الحكومية شنه على عدد من ضواحي دمشق، حيث تتدفق عليها التعزيزات العسكرية، بينما تستمر عمليات القصف والمعارك في محيط العاصمة وجنوبها.

كما بث ناشطون، أمس (الجمعة)، صورا ومقاطع فيديو لآثار القصف العنيف الذي تتعرض له مدينة دوما، ومسرابا وحرستا وشبعا وبيت سحم وغالبية بلدات الغوطة الشرقية المحيطة بمطار دمشق الدولي حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومقاتلو الجيش الحر، في الوقت الذي ذكرت فيه «شبكة شام» الإخبارية المعارضة أن حشودا عسكرية ضخمة من الجيش تحاول اقتحام بلدة معضمية الشام بريف دمشق من 3 محاور، ولا يزال القصف براجمات الصواريخ من الفرقة الرابعة مستمرا بشكل كثيف.

وبحسب مصادر من السكان تتعرض مدينة داريا لقصف هو الأعنف، وأن أحياء كاملة فيها سويت بالأرض، ولا تزال قوات النظام تواجه مقاومة شرسة من أكثر من 15 كتيبة من الجيش الحر التي تتصدى لمحاولات الاقتحام.

وأمس (الجمعة) بذلت قوات النظام محاولات مستميتة للسيطرة على داريا إلا أنها فشلت في ذلك، وسط مخاوف من اللجوء لاستخدام السلاح الكيماوي هناك كحل أخير للسيطرة على المعضمية ودرايا وبساتين المزة كفرسوسة، المناطق اللازمة لإقامة منطقة عازلة لمنع تقدم الجيش الحر إلى مناطق دمر والهامة وقدسيا ومساكن الحرس حيث تتمركز معاقل النظام العسكرية والسياسية، مقر الفرقة الرابعة وقصر الشعب.

من جانبها، قالت لجان التنسيق المحلية إن مطار المزة العسكري ومقر الفرقة الرابعة تعرضتا لقصف عنيف، فيما قصف الجيش السوري الأحياء الجنوبية من دمشق، حسبما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي تحدث عن عمليات قصف ومعارك ليلية بين مقاتلي المعارضة والجنود في العاصمة وعدد من الضواحي.

وفي ريف دمشق، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، نقلا عن ناشطين ميدانيين، إن «الجيش النظامي قصف البساتين المحيطة بداريا، حيث تدفقت عليها تعزيزات عسكرية»، مشيرا إلى «قصف عنيف لمعضمية الشام ونشر تعزيزات كبيرة لمهاجمتها»، في حين أفادت «(شبكة شام) المعارضة بأن حشودا عسكرية ضخمة من الجيش حاولت اقتحام معضمية الشام من 3 محاور». كما تعرضت «للقصف براجمات الصواريخ من الفرقة الرابعة».

وقال محمد الدوماني، وهو أحد الناشطين الميدانيين في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن مدينة داريا «تعرضت لقصف عنيف جدا مع قدوم تعزيزات كبيرة إلى حاجز مفرزة، حيث تصدى لهم أبطال (الجيش الحر) ببسالة وبطولة حقيقية»، مؤكدا «تواصل الحصار وتدهور الحالة الإنسانية».

وأشار إلى أنه «بعد تعرض معضمية الشام لقصف عنيف في اليومين الأخيرين، حاولت ميليشيات الأسد اقتحام المدينة»، مشيرا إلى أنها «تضم قرابة 60 ألف وافد من داريا و30 ألف من سكانها لا يزالون في بيوتهم تحت القصف المستمر بالراجمات والهاون».

وأعلن المرصد السوري مقتل 22 شخصا على الأقل، بينهم 11 عنصرا من «الجيش الحر» في ريف دمشق، أحدهم قائد سرية مقاتلة، خلال اشتباكات مع القوات النظامية في مدن وبلدات عربين ودوما وسقبا وحرستا والمعضمية والغوطة الشرقية.

وفي إدلب، خرجت مظاهرات في بلدات وقرى كفرنبل والتمانعة وتفتناز وبنش والهبيط وحاس ودركوش وأريحا ومعرمصرين كفردريان ومناطق أخرى بريف إدلب، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة عند المدخل الجنوبي لمدينة معرة النعمان، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 5 جنود نظاميين وإصابة 11 مقاتل من «الجيش الحر»، بحسب المرصد السوري. كما دارت اشتباكات في محيط حاجز الحامدية ومفرق قرية بسيدا أسفرت عن عطب 3 آليات عسكرية.

وفي حمص، أدى تفجير سيارة مفخخة في حي الإنشاءات إلى سقوط عدد من الجرحى، بعد خروج مظاهرة في الحي، في حين أشارت لجان التنسيق المحلية إلى قصف استهدف مسجد العصياتي في حمص القديمة.

وفي محافظة الحسكة، وقعت اشتباكات بين مقاتلين من عشيرة الشرابين العربية في قرية المناجير ومقاتلين من عدة كتائب مقاتلة لدى مهاجمتهم القرية، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم على الأقل.