هيئة الدفاع عن المحاولة الانقلابية في السودان: نشر إفادات بعض المتهمين في الإعلام انتهاك صارخ للقانون

صحافيون من جنوب السودان يطالبون وزير الداخلية بتقديم استقالته «فورا» بعد مقتل زميلهم

TT

اعتبرت هيئة الدفاع عن المتهمين في المحاولة الانقلابية الفاشلة في السودان نشر إفادات واعترافات بعض المتهمين في الأجهزة الإعلامية انتهاكا صارخا للقانون، ووصفته بالمحاكمة السياسية عبر الإعلام والتشهير، فيما اتهم منبر الإصلاح، داخل المؤتمر الوطني الحاكم، جهات داخل الحزب بتعذيب المعتقلين من ضباط القوات المسلحة، ووعد المنبر بأنه سيثأر لهم ويرد بقوة على مرتكبي التعذيب ونشر معلومات يملكها إذا لم يتم وقف الانتهاكات بحق المقبوض عليهم. وقال الطيب العباسي، عضو هيئة الدفاع، لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادات من الحكومة السودانية قامت بجمع عدد من الصحافيين وأطلعتهم على ما تقول إنها اعترافات لعدد من الضباط المقبوض عليهم بسبب المحاولة الانقلابية. وأضاف أن الاعترافات أخذت تحت ضغوط ولم يتم عرضهم أمام أي قاض، وما تم هو عمل سياسي يعكس الصراع داخل أجنحة الحزب الحاكم. وقال إن الاعترافات لم تصدر من جهة قانونية، وأن التشهير ينتهك حقوقهم القانونية والدستورية. وأضاف «المقبوض عليهم لم يمثلوا أمام أي قاض أو جهة عدلية، وهم في قبضة جهاز الأمن»، مشيرا إلى أن هيئة الدفاع وأسر المقبوض عليهم لم يستطيعوا مقابلتهم. وقال إن هيئته قامت بكتابة مذكرة للمفوضية القومية لحقوق الإنسان حول هذه الانتهاكات. وتابع «ما حدث هو أن هناك معلومات تريد مجموعات نافذة في المؤتمر الوطني تسويقها». وقال «هذا لا يعتبر اعترافا لأنه خارج السلطات القضائية». من جهته، قال عبد الغني أحمد إدريس، المتحدث الرسمي باسم منبر الإصلاح داخل المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية تصوير الضباط المقبوض عليهم باسم المحاولة الانقلابية تعرضوا لعمليات تعذيب وضغوط نفسية. وأضاف «هذه خروقات للقانون والدستور، حيث لم يتم عرضهم للقضاء، وهذه عملية تشهير لإرهابهم». وقال إن القضية تحولت إلى سياسية وليست قانونية، وتم إخراجها من مسارها العدلي. وأضاف «نملك أدلة ومعلومات عن الذين ارتكبوا التعذيب وسنحاسبهم إذا لم تحاسبهم الحكومة». وتابع «نحن نعرفهم وسنأخذ حقنا بأيدينا إذا لم تمتثل الحكومة للقانون، والدكتور نافع علي نافع مساعد البشير، ومحمد عطا مدير جهاز الأمن، قاما بعرض ما وصفاه بالاعترافات، فهم ليسا من السلطة القضائية».

من جهة أخرى، طالب عدد من الصحافيين في دولة جنوب السودان، وزير الداخلية ونائبه بتقديم استقالتيهما فورا على خلفية مقتل زميلهم المدون دينق تشان أوول، الاربعاء الماضي، بطلق ناري في رأسه، وسجلت الشرطة البلاغ ضد مجهولين. وتعتبر هذه أول حالة اغتيال في جوبا لأحد الصحافيين. وفي ما عدا تصريحات مقتضبة للمتحدث الرسمي باسم الشرطة، لم تصدر وزارة الإعلام أي بيان رسمي بالحادثة، في وقت تتجه فيه كتلة الحركة الشعبية في البرلمان إلى تقديم مسألة مستعجلة إلى وزيري الداخلية والشؤون الأمنية لتوضيح مقتل الصحافي دينق تشان وانتشار الجريمة في جوبا. وقال عدد من الصحافيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» إنهم كانوا يتمنون أن يقدم وزير الداخلية السون مناني مقايا، ونائبه سلفا مطوك، استقالتيهما فورا. وأضافوا أن مقتل الصحافي دينق تشان (ازايا ابراهام) يؤكد انعدام الأمن في جوبا، وأن الحكومة فشلت في توفير الحماية للمواطنين.

من جانبه، قال مثيانق شيرلو، رئيس تحرير صحيفة «المصير» التي تصدر باللغة العربية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه على حكومة بلاده اتخاذ خطوات جادة لحماية الصحافيين الذين أصبحوا يتلقون تهديدات يومية بسبب نشرهم مقالات أو تحقيقات حول الفساد في البلاد أو نقد الحزب الحاكم (الحركة الشعبية).

من جهته، قال الصحافي اتيم سايمون، لـ«الشرق الأوسط»، إن مقتل دينق تشان يعتبر مؤشرا خطيرا في ما يتعلق بقضية حرية الرأي والتعبير بدولة جنوب السودان. وأضاف أن ذلك يفتح الباب واسعا أمام انتظام حملة ما تستهدف أمن الصحافيين وحياتهم وسلامتهم.

وأكد اتيم قرنق، زعيم الأغلبية في برلمان جنوب السودان، لـ«الشرق الأوسط»، أن عاصمة البلاد جوبا تشهد جرائم يومية. وأضاف أن البرلمان قبل أسبوع طلب من وزيري الداخلية والشؤون الأمنية تقديم توضيحات وأسباب عمليات القتل اليومي في جوبا، مشيرا إلى أن القتل يشمل المواطنين والأجانب وبشكل مرعب، مما صار يهدد الأمن ويؤثر على الاستثمار بعد استقرار حدث لسنوات. وقال «ستتم مساءلة الوزيرين، خاصة أن مقتل الصحافي دينق تشان يمثل جريمة سياسية وليس بدافع السرقة كما دونت الشرطة في حيثياتها»، معتبرا أن مقتل الصحافي يمثل رعبا وترهيبا للصحافيين ولحرية الرأي والتعبير في البلاد. وأضاف «لكن لا نعرف من قاموا بالجريمة، هل هم من أعداء الحكومة لأن الشهيد من أوائل الذين انضموا إلى الحركة الشعبية عام 1983، أم هم من النافذين في الحكومة يعتبرون أن نقدها حرام»، مشددا على ضرورة حماية حرية التعبير والرأي لكل المواطنين. وتابع «إن لم يتم القبض على الجناة فإنني كنائب للدائرة التي ينحدر منها دينق تشان سنعتبرها رسالة سياسية من دوائر في الحكومة».