واشنطن تدعم التفاوض لإنهاء سيطرة الإسلاميين على شمال مالي

ويليام بورنز في الجزائر: نحرص على أن يجري الحوار مع التنظيمات التي لا علاقة لها بالإرهاب

TT

تلقت الحكومة الجزائرية دعما صريحا من الولايات المتحدة الأميركية، بخصوص موقفها الداعي إلى تفضيل الحوار والتفاوض لحل الأزمة في شمال مالي، بدل الاحتكام إلى الخيار العسكري لوضع حد لسيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة بالمنطقة.

وأنهى ويليام بورنز، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية أمس، زيارة للجزائر، دامت أقل من 24 ساعة، بحث خلالها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والمسؤولين بوزارة الخارجية تطورات الوضع في مالي والخيارين المطروحين لحسم الموقف في شمال البلاد. ويتمثل الخيار الأول في التدخل العسكري في أقرب وقت، وهو توجه مدعوم من «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إكواس) وفرنسا. والثاني إعطاء فرصة لإجراء مفاوضات بين الحكومة الانتقالية في باماكو، وتنظيمين طرقيين موصوفين بأنهما «غير إرهابيين» هما «حركة تحرير أزواد» الانفصالية، و«حركة أنصار الدين» التي تقول إنها تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بالمناطق التي تسيطر عليها.

وقال ويليام بورنز، في لقاء مع صحافيين في ساعة متأخرة من مساء الخميس، جرى بمبنى السفارة الأميركية بالعاصمة، إن واشنطن «تدعم الموقف الريادي للجزائر لصالح ترقية الحوار بين الماليين». وشدد على أن الحكومة الأميركية «تحرص على أن يجري الحوار مع التنظيمات التي لا علاقة لها بالإرهاب، والتي تتعهد بمحاربته». وفهم من كلامه أن الطوارق الانفصاليين والإسلاميين يجب أن ينخرطوا في العمل الميداني الجاري الإعداد له ضد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، التي تعد عدو فرنسا رقم واحد في مالي، بحكم أنها تحتجز حاليا رعايا فرنسيين. ومعروف أن باريس تملك نفوذا قويا بدول الساحل، بحكم ماضيها الاستعماري بالمنطقة.

وأوضح بورنز أن بلده «يدعم كل الجهود الرامية إلى إحراز تقدم في الحوار السياسي، بين الحكومة المالية والجماعات التي لا تلجأ للعنف في شمال مالي». وأضاف «نحن نفضل تنسيق الجهود للإسراع في المحادثات السياسية بمالي، وندرك أن للجزائر دورا تلعبه في هذا المجال». وتابع «إننا على دارية بأن أبعاد الأزمة في مالي متعددة ومعقدة، على الأصعدة السياسية والأمنية والإنسانية. ونجاح أي استراتيجية يتوقف على مدى أخذ هذه الجوانب في الحسبان».

وحول موقف الولايات المتحدة من خيار التدخل العسكري، قال مساعد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إنه «سيلقى دعما من واشنطن بشرط: عندما يتضح أنه خطوة لا مفر منها». ولمواجهة المشاكل الأمنية التي تعرفها المنطقة، أفاد ويليام بورنز بأن الولايات المتحدة «تؤيد فكرة تعاون مع مالي وكل بلدان المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب»، مشيرا إلى أن واشنطن «تقدر الدور الذي تلعبه الجزائر لحل الأزمة في مالي وكذا التحديات التي تطرح بكل المنطقة».

وقرأ مراقبون تصريحات بورنز بأنها «انتصار» لدعاة الحل السلمي القائم على التفاوض في مالي ضد دعاة الحسم العسكري وبسرعة. وتجمع حرب صامتة بين الجزائر، متزعمة الخيار الأول، وفرنسا التي تقود حملة لفرض الخيار الثاني. ويرتقب أن يكون هذا الملف في صدارة القضايا التي سيبحثها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع بوتفليقة، عندما يزور الجزائر في 19 من الشهر الحالي.

وطلبت مالي الأربعاء من مجلس الأمن الدولي «التحرك بسرعة» للموافقة على نشر قوة دولية من أجل استعادة شمال البلاد الذي يسيطر عليه المسلحون الإسلاميون منذ مارس (آذار) الماضي، عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري. أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فقد ذكر في تقرير رفعه إلى مجلس الأمن حول الأزمة الأسبوع الماضي، أنه يفضل مقاربة «حذرة وتدريجية مع أولوية التفاوض مع بعض المجموعات التي تسيطر على الشمال». وينتظر أن يفصل مجلس الأمن، قبل نهاية الشهر الحالي، في خطة التدخل العسكري التي أعدتها بلدان «إكواس».