مشعل لدى عبوره رفح إلى غزة: هذه ولادتي الثالثة

خر ساجدا وقبّل تراب الوطن ولم يتمالك نفسه فأجهش بالبكاء

خالد مشعل يقبّل تراب الواطن ساجدا لدى عبوره رفح أمس (رويترز)
TT

لأول مرة ووسط استقبال رسمي وشعبي حاشد، وصل بعد ظهر أمس إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح، خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس على رأس وفد يضم عددا من أعضاء المكتب السياسي، من بينهم نائبه موسى أبو مرزوق وعزت الرشق ومحمد نصر وصالح العاروري.

وكان على رأس مستقبلي مشعل، رئيس الحكومة المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية وأعضاء حكومته وقادة حركة حماس وممثلون عن الفصائل الفلسطينية، من بينها حركة فتح، وممثلون عن أسر الشهداء والأسرى المحررين. وبعد أن صافح مستقبليه، انكب مشعل على الأرض ساجدا في تعبير عن شكره لله على هذه اللحظة وقبّل تراب الوطن. بعدها استكمل مصافحة مستقبليه، وعندما حاولت بعض وسائل الإعلام إجراء مقابلات معه، انفجر باكيا، وظل مجهشا في البكاء حتى بعد أن جلس في صالة استقبال الزوار في معبر رفح. وقام هنية، الذي كان يجلس على يساره واحتضنه وقبله، ثم أخذا طريقهما إلى مدخل المعبر، حيث تفقدا في الطريق، السيارة التي كان يستقلها أحمد الجعبري، نائب القائد العام لـ«كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس عندما اغتالته إسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي أحضرت إلى معبر رفح لهذا الغرض.

وفي كلمة مؤثرة أمام الصحافيين، بعد خروجه من المعبر، اعتبر مشعل زيارته لغزة «يوما تاريخيا» في حياته، مستطردا أنه يشعر بأنه يولد مرة ثالثة. وأضاف: «لقد كان عام 1956 هو يوم ولادتي الطبيعي، وعام 1997 عندما نجوت من مخطط (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو (في إشارة إلى محاولة الاغتيال التي تعرض لها في العاصمة الأردنية عمان على أيدي رجال جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية «الموساد»)، وهذا اليوم هو يوم ولادتي الثالثة». وأضاف: «هذا يوم تاريخي في حياتي.. وأسأل الله أن يرزقني الشهادة على أرض فلسطين، غزة في قلبي وشاء الله أن أزورها وهي منتصرة». وأردف قائلا: «غزة بملاحمها المتلاحقة وبقياداتها عصية على العدو الإسرائيلي»، مشيرا إلى أن زيارته هذه تعتبر الأولى لأرض فلسطينية بعد 37 عاما، أي بعد مغادرته بلدته سلواد بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وكشف مشعل النقاب عن أنه حاول زيارة غزة عام 2011 بعد التوصل لاتفاق المصالحة، وحاول زيارتها مجددا قبل الحرب الأخيرة، مستدركا: «لقد شاء الله أن أزورها وهي منتصرة». وأضاف: «نحن الآن في غزة، وغدا بعون الله في رام الله والقدس وحيفا ويافا، هذه ثمرة من ثمرات صمود غزة، وهي تؤكد للاحتلال أنه إلى زوال». وشدد مشعل على أن «صمود غزة وانتصارها» جاء بتضافر كل حركات المقاومة في القطاع. وختم مشعل كلامه موجها حديثه لأهل غزة: «نحن السياسيون مدينون لكم.. فلولا صمودكم لما كنا هنا في هذا الموقف المشرف».

من جهته، رحب هنية بمشعل، معتبرا أن زيارته تمثل ممارسة الفلسطينيين لحق العودة والتأكيد على أنه «لا بقاء للاحتلال على أرضنا المباركة». ومن المقرر أن يلقي مشعل كلمة حركة حماس المركزية في مهرجان الانطلاقة، الذي سينظم اليوم في الساحة الخضراء، في حي الرمال الجنوبي، ومن المقرر أن يتم فيها الإعلان عن مواقف الحركة من المصالحة. وكانت عائلتا مشعل وأبو مرزوق قد سبقتهما إلى القطاع أول من أمس، ومن المقرر أن تغادر عائلة مشعل برفقته قطاع غزة مساء يوم الاثنين المقبل. يذكر أنه سبق لأبو مرزوق زيارة قطاع غزة قبل عامين للمشاركة في عزاء والدته التي توفيت في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع، حيث يعيش الكثير من أفراد الأسرة. وكشفت مصادر فلسطينية أن عضو المكتب السياسي لحماس صالح العاروري زار غزة قبل شهر ونصف الشهر برفقة عدد من ممثلي حماس في عدد من البلدان العربية.

وحظي مشعل باستقبال شعبي مهيب، دلل على أن حماس كانت معنية بإظهار حجم التفاف الفلسطينيين حول قيادتها.. فعلى طول الطريق من معبر رفح، في أقصى جنوب القطاع، وحتى منزل الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس وزعيمها الروحي، في حي الصبرة، جنوب مدينة غزة، اصطف عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من جماهير الحركة ومؤيديها ملوحين بأعلام فلسطين ورايات الحركة. وانطلق مشعل من معبر رفح في سيارة مفتوحة، وقد سبق موكبه، الذي تألف من عشرات السيارات وعدد كبير من الدراجات النارية التي كان يستقلها عناصر «القسام»، وظل واقفا يرد التحية على الجماهير التي اصطفت على الطرف الشرقي من شارع صلاح الدين الذي يربط جنوب غزة بشماله، وقد بدا عليه التأثر.

ورغم أنه كان من المقرر أن يستعرض مشعل حرس الشرف الذي اصطف لتحيته، لكنه ومن دون أن يقصد تجاهل وجود قائد حرس الشرف، الذي كان من المنتظر أن يقوده للاستعراض، وظل متجها صوب صالة الزوار. وعلى طول شارع صلاح الدين، كانت تشاهد صور كبيرة تجمع بينه وبين الشيخ ياسين، بالإضافة إلى صور تجمع بينه وبين أحمد الجعبري، نائب القائد العام لـ«كتائب القسام».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مشعل أصر على أن يجلس خلال مهرجان الانطلاقة في وسط الجماهير المشاركة في الحفل، بحيث يقوم لإلقاء الكلمة من بينهم. ومن خلال معاينة الساحة الخضراء، التي سينظم فيها مهرجان الانطلاقة اتضح أن مدخلها ومخرجها سيكون عبر مجسم صاروخ «75 إم»، وهو الصاروخ محلي الصنع، الذي أطلقته «كتائب القسام» لأول مرة خلال المواجهة الأخيرة وسقط في تل أبيب والقدس.

محطات في زيارة مشعل تشمل زيارة مشعل التاريخية لقطاع غزة التي تستغرق 72 ساعة، عددا من المحطات التي كانت أولاها زيارة منزل مؤسس الحركة وزعيمها الروحي الشيخ أحمد ياسين في حي الصبرة في مدينة غزة.

- زيارة منزل أحمد الجعبري، نائب القائد العام لكتائب القسام، الذي اغتالته إسرائيل مؤخرا.

- لقاء قيادات حركة حماس في المناطق المختلفة.

- لقاء خاص مع عوائل قادة حماس والفصائل الأخرى البارزين، الذي اغتالتهم إسرائيل.

- زيارة الجرحى والمعاقين.

- لقاء ذوي الأسرى.

- لقاء ذوي الضحايا سيما عائلة «الدلو»، التي قتل 15 شخصا من أفرادها خلال العدوان الأخير.

- لقاء مع الوجهاء في جميع أنحاء قطاع غزة.

- تفقد المناطق التي تعرضت للقصف.