قوى المعارضة ترفض دعوة الرئيس المصري للحوار قبل تحقيق مطالبها

المصريون بالخارج يستفتون على الدستور الجديد اليوم.. ووزير العدل: يمكن إيقافه بعد التوافق

متظاهرون ضد الرئيس مرسي يحاولون اجتياز الاسلاك الشائكة امام القصر الرئاسي في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

رفضت قوى المعارضة الرئيسية في مصر، بزعامة «جبهة الإنقاذ الوطني»، التي يقودها الدكتور محمد البرادعي، الدعوة التي وجهها إليها الرئيس محمد مرسي لعقد حوار وطني لبحث سبل الخروج من الأزمة السياسية التي تسبب فيها إعلان دستوري أصدره مرسي، ومشروع دستور دعا الناخبين للاستفتاء عليه، وقوبل برفض معظم القوى المدنية. واشترطت المعارضة إعلان رئيس الجمهورية إسقاط الإعلان الدستوري وتأجيل الاستفتاء على الدستور، من أجل قبول دعوة الحوار، الذي تحدد لها ظهر اليوم (السبت) بمقر رئاسة الجمهورية.

وجاءت دعوة مرسي للحوار الوطني بعد اشتباكات دامية بين مؤيدين ومعارضين له أسقطت سبعة قتلى ومئات المصابين يومي الأربعاء والخميس. وقال مرسي في خطاب له مساء أول من أمس إن الاستفتاء على الدستور الجديد سيجري كما هو مقرر في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لكنه أبدى مرونة في تعديل بعض مواد الإعلان الدستوري الذي أصدره في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومنح قراراته حصانة مطلقة ضد أحكام القضاء.

ومن المقرر أن يبدأ اليوم (السبت) وحتى الثلاثاء القادم تصويت المصريين في الخارج على مسودة الدستور الجديد، رغم إعلان أكثر من 200 دبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية رفضهم الإشراف على عملية الاستفتاء، اعتراضا على الدستور، وتضامنا مع قضاة مصر، الذين قرر أغلبهم عدم المشاركة في الإشراف، إلا بعد سحب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس. وقال الدبلوماسيون في بيان لهم «نعلن رفضنا إشراف وزارة الخارجية على استفتاء المصريين في الخارج على مشروع دستور تراق بسببه دماء المصريين».

وقال وزير العدل المستشار أحمد مكي إنه يمكن إيقاف هذا الاستفتاء إذا اتفقت القوى السياسية خلال حوارها مع الرئيس على التأجيل، رافضا الحديث عن أي شروط قبل البدء في الحوار.

وعقد الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا وزاريا أمس لبحث الأوضاع والتطورات التي تمر بها البلاد حاليا، حضره وزراء الشؤون القانونية والعدل والصحة والصناعة التنمية المحلية، وممثلون عن وزارتي الدفاع والداخلية. وقال مصدر مسؤول بالمجلس إن «مجموعة إدارة الأزمات بالمجلس تقوم حاليا بإجراء اتصالات مع القوى السياسية من أجل التحضير للحوار الذي دعا إليه الرئيس مرسي بهدف التوصل إلى حل للأزمة الحالية».

وكانت «جبهة الإنقاذ الوطني»، بقيادة الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمرشحين السابقين للرئاسة عمرو موسى وحمدين صباحي، قد قررت رفض دعوة للحوار الشامل، بسبب تجاهلها المطالب الأساسية للجبهة المتمثلة في «ضرورة إلغاء الإعلان الدستوري بأكمله، وكذا قرار الرئيس بالدعوة للاستفتاء على الدستور في موعده». وشددت الجبهة في بيان لها أمس على «ضرورة الإسراع بتنفيذ مطلبها بقيام وزير العدل بندب قاض محايد للتحقيق في أحداث الأربعاء الدامي في محيط قصر الاتحادية، وتقديم المسؤولين عن إسالة دماء المصريين إلى العدالة، مهما كان موقعهم السياسي أو الأمني»، معلنة استمرارها في استخدام كل الوسائل المشروعة في الدفاع عن حقوقها وحرياتها وتصحيح مسار الثورة من أجل بناء مصر تقوم على الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية».

وناشد الدكتور محمد البرادعي، الذي يترأس حزب «الدستور» أيضا، القوى الوطنية عدم المشاركة في حوار وصفه بأنه «يفتقد كل أبجديات الحوار الحقيقي»، مضيفا عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلا «نحن مع الحوار الذي لا يقوم على سياسة لي الذراع وفرض الأمر الواقع».

ومن جانبه، شدد حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي، خلال كلمة له أمس في ميدان التحرير، على «التزامه بقرار الثوار، بأنه لا حوار ولا استجابة لدعوة الرئيس مرسي لأي حوار وطني بناء على قرار الميدان».

كما قرر حزبا الوفد والتجمع، بالإضافة إلى حركة شباب 6 أبريل، مقاطعة الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية محمد مرسي، واتفقت على عقد اجتماع طارئ لاتخاذ موقف سياسي موحد مع القوى المدنية ضد الإعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور.

وأعلن الدكتور أحمد البرعي، نائب رئيس حزب الدستور، عقد «جبهة الإنقاذ الوطني»، اجتماعا اليوم (السبت)، لجميع الهيئات العليا للأحزاب والرموز السياسية المعارضة، وفي نفس موعد دعوة الرئيس للقوى السياسية لتباحث الوضع الراهن والتطورات الجديدة في الموقف. وقال الناشط السياسي وائل غنيم، أحد شباب الثورة البارزين، إن الرئيس مرسي لم يعتذر عن أخطاء متواصلة حدثت منذ أسبوعين بدءا بإصدار الإعلان غير الدستوري، ولا عن إخلافه للكثير من وعوده وآخرها أن الدستور لن يُطرح للاستفتاء إلا قبل حدوث توافق عليه، مشيرا إلى أن الرئيس أكد التزامه بموعد الاستفتاء على الدستور لأنه ملتزم باستفتاء مارس (آذار) 2011، الذي ينص على عرض الدستور على الشعب المصري خلال 15 يوما، في حين أنه هو نفسه الذي أصدر إعلانا غير دستوري ينص على تمديد فترة عمل الجمعية التأسيسية شهرين بمخالفة استفتاء مارس، الذي نص على أن الفترة هي ستة شهور، واصفا ذلك بأنه «تناقض بيّن». وشدد غنيم على أن خطاب الرئيس يدل على أن السلطة مستمرة في التعامل مع معارضيها وفقا لسياسة «موتوا بغيظكم»، مضيفا «لا يسعني إلا أن أقول.. موتوا بغروركم».

لكن المستشار أحمد مكي، وزير العدل، أكد أنه من خلال مناقشاته مع الرئيس محمد مرسي وضح له استعداد الرئيس لمناقشة كل القضايا التي تعترض عليها القوى السياسية، مشيرا إلى أن مرسي على استعداد للتوافق مع القوى السياسية على إرجاء الاستفتاء على الدستور للتوافق بشأن المواد الخلافية بين القوى السياسية، حتى لو كان ذلك يعني إعادة الدستور للجمعية التأسيسية.

وتابع مكي، في تصريحات له نقلتها وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية أمس، أنه «يمكن وقف استفتاء المصريين في الخارج إذا ما أعلنت القوى السياسية عن استعدادها للتحاور دون شروط مسبقة»، موضحا أنه على استعداد لمطالبة الدكتور مرسي بأن يعطي تعليمات لوزير الخارجية بوقف الاستفتاء بسفارات مصر بالخارج لحين التوصل لحل. وتابع مكي «وجهنا دعوة لكل القوى والأحزاب المعارضة، بما في ذلك جبهة الإنقاذ الوطني»، ولفت إلى أنه التقى الرئيس وأكد له أن مصر ستمضي إلى مصير العراق ما لم يستأنف الحوار الوطني.

في المقابل، أعلن الدكتور أيمن نور، رئيس حزب «غد الثورة»، لـ«الشرق الأوسط» أنه يفضل الذهاب للحوار مع الرئيس «من أجل الخروج من الأزمة»، مشيرا إلى أنه يرغب في المشاركة لعرض وجهة نظر القوى المعارضة على الرئيس ومطالبها، حتى لا يلومهم الشعب على تفويت الفرصة، مؤكدا أنه سيرى مدى جدية الرئيس في تحقيق وعوده من عدمه، وأنه سيعرض الأمر على الرأي العام.

وفي السياق ذاته، قال الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إنه يتمني أن تقبل كل القوى السياسية والأطراف الفاعلة على الساحة دعوة الرئيس للحوار، الذي اعتبره «السبيل الوحيد لعبور الأزمة الحالية ولوقف سيناريو الفوضى الذي يتم جر الوطن إليه».

وأوضح الكتاتني أنه يجب على القادة العقلاء الجلوس معا لبحث الواقع والاتفاق على خارطة الطريق تضمن وقف العنف واستكمال مسيرة الحرية والديمقراطية، فلا أحد يريد استمرار إراقة الدم المصري. وأصدر حزب النور السلفي بيانا أمس أكد فيه أن التاريخ يعيد نفسه من جديد، مشيرا إلى أن «الإعلام والأموال وعملاء الداخل والخارج ضد الرئيس الذي معه الشعب والشرعية»، وأوضح الحزب أنه «كلما أراد الرئيس الاقتراب من مناوئيه خطوة نأوا بأنفسهم عنه خطوات»، مضيفا «هم لا يريدون حوارا بل خرابا».

ومن جهتها، أكدت الدعوة السلفية، أن «الخروج من الأزمة الراهنة يتمثل في المضي قدما في إنجاز الاستفتاء على الدستور الجديد في الموعد الذي حدده الرئيس منتصف الشهر الحالي»، مشيرة إلى أن «الأزمة بدأت حينما أصدر الرئيس إعلانا دستوريا في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مثَّل من وجهة نظره ونظر الكثيرين من أساتذة القانون الدستوري الحل الوحيد لإيقاف مسلسل هدم المؤسسات المنتخبة، والذي شاهدناه خلال الفترة السابقة، كما أنه مثل الطريقة الوحيدة لتغيير النائب العام بآخر يستطيع أن يتتبع جذور الفساد لا سيما قتلة المتظاهرين».