طالباني يكثف لقاءاته مع القادة السياسيين واجتماعات تمهيدية لفك الغموض في «خطة النجيفي»

قيادي كردي لـ «الشرق الأوسط» : لم نعد نثق بتسليح الجيش

الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبه الحزبي برهم صالح لدى استقبال أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي وأحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني في بغداد أمس («الشرق الأوسط»)
TT

كثف الرئيس العراقي جلال طالباني من لقاءاته مع كبار القادة العراقيين لبحث ما سمته البيانات الرئاسية التي تصدر عقب كل لقاء بـ«تفكيك الأزمة». وفي وقت لم تشمل لقاءات طالباني حتى الآن رئيس الوزراء نوري المالكي؛ فطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع العراقية، فإن «هناك لقاءات تمهيدية سواء كانت على المستوى السياسي أو الفني من أجل وضع خطة رئيس البرلمان أسامة النجيفي موضع التنفيذ». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «الأمور قد تتضح في غضون اليومين المقبلين، لا سيما أن اللجان الفنية المكلفة بمتابعة تنفيذ هذه الخطة لم تجتمع بعد، وأنها تنتظر على ما يبدو ما يمكن أن تسفر عنه اللقاءات السياسية المكثفة الجارية الآن».

وكان الرئيس جلال طالباني قد حذر من مخاطر حشد متبادل للقوات والتلويح بإمكانية استخدامها. وقال بيان رئاسي إن «العملية السياسية تواجه مخاطر يسببها غياب الثقة بين الفرقاء وانعدام الرؤية الواضحة للغايات والمرامي الفعلية»، لافتا إلى أنها «مرت بمراحل خطرة كادت تودي بها إلى مهاوي الاحتراب الأهلي». وكان طالباني قد التقى في غضون اليومين الماضيين مع كل من رئيس البرلمان أسامة النجيفي وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، ونائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي، وزعيم المؤتمر الوطني أحمد الجلبي، الذي أكد دعمه الكامل للجهود التي يبذلها طالباني لحل الأزمة في مؤشر واضح على وجود أزمة عميقة داخل مكونات التحالف الوطني. وطبقا لبيان رئاسي فإن الجلبي أكد «تعضيده ودعمه الكامل للجهود الوطنية لطالباني من أجل مواجهة المعضلات ووضع الحلول المناسبة لكل المشاكل التي تواجه العملية السياسية»، مبديا استعداده الكامل لإنجاح هذه الجهود التي تصب في مصلحة جميع العراقيين دون تمييز.

من جانبه أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني حسن جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التدخلات السياسية الداخلية والإقليمية والدولية أسهمت إلى حد كبير في عدم وصول الأوضاع إلى حافة الهاوية، لا سيما بعد فشل الاجتماع الأول الذي عقد بين قوات البيشمركة وقوات الحكومة الاتحادية». وقال جهاد إن «فشل الاجتماع كان من قبل رئيس الوزراء الذي رفض مقرراته، وهو أمر كان بمنتهى الخطورة، إلا أن تحركات رئيس البرلمان أسامة النجيفي السريعة ودخول الأميركان على الخط، فضلا عن الإيرانيين الذين أبلغوا الطرفين وعبر أكثر من وسيلة عدم رضاهم على التصعيد، أدى إلى العودة إلى التفاوض من جديد». وأوضح جهاد أن «القبول بخطة النجيفي لا يعني الوصول إلى بر الأمان، ذلك أن الخطة لا تزال غامضة وتحتاج إلى وضوح، وهو ما يستدعي عقد اجتماعات فنية لهذا الغرض»، عازيا سبب غموض الخطة إلى «تسارع الأحداث ومحاولة البحث عن أي بديل ممكن لإمكانية اندلاع قتال في بلد واحد بين قوتين، وهو أمر يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة، لا سيما أن الأوضاع الإقليمية لا تسمح ولا تساعد على ذلك».

وكشف جهاد عن أنه «بعد أن لجأت الحكومة الاتحادية ممثلة بدولة القانون، لأن كل القوى والشركاء الآخرين حتى داخل التحالف الوطني، فضلا عن العراقية، ليسوا موافقين.. أقول: إنه بعد تحريك القوات وزجها بصراع داخلي لم نعد نثق كأكراد بمسألة تسليح الجيش الاتحادي؛ لأن العقلية التي لا تزال تتحكم فيه بعيدة عن الآليات الديمقراطية التي قمنا بها وناضلنا من أجل تطبيقها في العراق الجديد». وثمن جهاد موقف رجال الدين الشيعة مما يجري، معتبرا أن «موقفهم تاريخي بامتياز، وهو موضع تقدير الأكراد تماما».

من جهته اعتبر عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون سامي العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحل يكمن في التزام إقليم كردستان بالآليات الدستورية؛ لأن ما يجري في واقع الأمر أن الإقليم لا يزال يتصرف وكأنه دولة داخل دولة، وهذا أمر لا يمكن القبول به، ولن يؤدي إلى حل الأزمة، وإن كان ربما يؤدي إلى تخفيفها فقط». وأضاف العسكري: «إننا نريد حلا شاملا، وإن على كردستان أن تضع في حسبانها أن المناطق المتنازع عليها ليست محسومة بعد، وليست بالضرورة أن تكون كردية، وبالتالي فإن استخدام لغة الضغط السياسي أمر لن يؤدي إلى الحل، لا سيما أننا نلمح أن هناك توجهات انفصالية لديهم». وردا على سؤال بشأن قبول إقليم كردستان مساعي التهدئة قال العسكري إن «القيادة الكردية أجبرت على ذلك، فاليوم هناك إنهاك اقتصادي في كردستان، والأمور لا تجري تماما في صالحهم، وبالتالي عليهم أن يعترفوا بأنهم جزء من دولة وليسوا دولة داخل دولة».