الجيش المصري: الحوار هو الأسلوب الأمثل وغير ذلك يدخلنا في نفق مظلم

حذر في أول تعليق له على الأزمة من «تقديرات وحسابات خاطئة»

متظاهر مصري يلتقط صورة لأبنائه على متن دبابة أمام القصر الرئاسي في القاهرة أمس ( أ . ب )
TT

في أول تعليق للمؤسسة العسكرية في مصر على الأزمة التي تعيشها البلاد منذ نهاية الشهر الماضي على خلفية الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، ودعوته إلى الاستفتاء على دستور البلاد الجديد في غياب التوافق الوطني حوله، أصدر المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة بيانا أعرب فيه عن دعم الجيش لـ«الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن»، وهو ما اعتبره قيادي في حزب الرئيس محمد مرسي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، رسالة من الجيش للمعارضة التي راهنت على تدخله، فيما وصفه مراقبون بينهم قيادي في جبهة الإنقاذ بـ«المتوازن والحيادي».

واحتدم الخلاف السياسي في البلاد، وتطور إلى مشهد دام في اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس مرسي عقب إصداره إعلانا دستوريا وصفه معارضوه بـ«الديكتاتوري»، بالإضافة إلى دعوة الرئيس الذي ينتمي لجماعة الإخوان المواطنين للاستفتاء على دستور لا يحظى برضا القوى المعارضة والكنائس المصرية الثلاث.

وقال الجيش الذي أدار المرحلة الانتقالية عقب سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، إنه يتابع بـ«مزيد من الأسى والقلق تطورات الموقف الحالي وما آلت إليه من انقسامات، وما نتج عن ذلك من أحداث مؤسفة كان من نتيجتها ضحايا ومصابون بما ينذر بمخاطر شديدة نتيجة استمرار مثل هذه الانقسامات، التي تهدد أركان الدولة المصرية، وتعصف بأمنها القومي».

وتابع العقيد أركان حرب أحمد محمد علي المتحدث العسكري الرسمي، قائلا: إن «منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وإن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به»، معربا عن ثقته في أن الشعب المصري قادر بوعيه وإدراكه على الاستمرار في التعبير عن آرائه سلميا بعيدا عن كل مظاهر العنف التي تشهدها البلاد حاليا».

وقال بيان الجيش الذي أذاعه التلفزيون الرسمي أمس (السبت) قبيل بدء الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس مرسي وقاطعته القوى السياسية المعارضة التي توحدت تحت مظلة جبهة الإنقاذ، إن «المؤسسة العسكرية تنحاز دائما إلى شعب مصر العظيم وتحرص على وحدة صفه، وهي جزء أصيل من نسيجه الوطني وترابه المقدس (...) وفي هذا الإطار نؤكد وندعم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذي يجمع كافة أطياف الوطن».

مضيفا: أن «اختلاف الأشقاء من المصريين بشأن آراء وتوجهات سياسية وحزبية هو أمر يسهل قبوله وتفهمه؛ إلا أن وصول الخلاف وتصاعده إلى صدام أو صراع أمر يجب أن نتجنبه جميعا ونسعى دائما لتجاوزه كأساس للتفاهم بين كافة شركاء الوطن».

وحذر البيان من أن عدم الوصول إلى توافق واستمرار الصراع لن يكون في صالح أي من الأطراف وسيدفع ثمن ذلك الوطن بأكمله، مشددا على ضرورة تجنب الوقوع فيما سماه «تقديرات وحسابات خاطئة» تجعل فرقاء المشهد السياسي لا يفرقون بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية والثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التي توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها.

واختتمت القوات المسلحة بيانها قائلة: إنها «بوعي وانضباط رجالها التزمت على مر التاريخ بالمحافظة على أمن وسلامة الوطن والمواطنين وما زالت وستظل كذلك؛ إلا أنها تدرك مسؤوليتها الوطنية في المحافظة على مصالح الوطن العليا وتأمين وحماية الأهداف الحيوية والمنشآت العامة ومصالح المواطنين الأبرياء».

واتفق عدد من المراقبين على وصف بيان الجيش بـ«المتوازن»، وقال الدكتور عمرو حمزاوي وهو قيادي في جبهة الإنقاذ المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: «هذا بيان متوقع، أكد فيه الجيش على أنه غير عازم على التدخل في السياسة، كما أكد حرصه على تحقيق التوافق».

ووصف حمزاوي وهو أيضا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، البيان بـ«المتوازن والحيادي»، مؤكدا أن قوى المعارضة داخل جبهة الإنقاذ حريصة على أن تعالج الأزمة الحالية انطلاقا من الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية، مؤكدا على أن هذا هو ما يدعوها (جبهة الإنقاذ) إلى التمسك بمطلب إسقاط الإعلان الدستوري.

في المقابل، قال مصدر رفيع في حزب الحرية والعدالة إن «البيان رسالة واضحة لقوى المعارضة بأن الجيش ملتزم بالشرعية». وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن «بعض القوى كانت تراهن على تدخل الجيش وما صدر رسالة بأن هذا لن يكون وأن المؤسسة العسكرية لن تسمح بالفوضى واستخدام العنف لإسقاط الرئيس».

ونقلت وكالة «رويترز» على لسان مصدر عسكري قوله، إن «بيان القوات المسلحة المصرية لا يشير إلى أي نية للتدخل في السياسة».

يأتي هذا في وقت قالت فيه الصفحة الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين، إنه في إطار الاستعداد لعمل الاستفتاء في موعده، فإن الرئيس مرسي سيصدر مرسوما بقانون لإعطاء صلاحية الضبطية القضائية للقوات المسلحة التي من المقرر أن تشارك في تأمين الاستفتاء تحت إشراف اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء لمشروع الدستور.