«معارك طرابلس» مستمرة ومساع سياسية وأمنية للتهدئة

سوريا تسلم لبنان اليوم 3 جثث من أصل 16 للبنانيين قضوا في تلكلخ

TT

في وقت لم يستمر فيه الهدوء الحذر على محاور الاشتباكات في طرابلس بشمال لبنان أكثر من ساعات قليلة، قبل أن يعود القصف وعمليات القنص بين «جبل محسن» و«باب التبانة»، وذلك بعد خمسة أيام من المعارك المتواصلة، إثر مقتل عدد من شبان المنطقة في كمين نصبته لهم قوات النظام السوري قرب بلدة تلكلخ السورية، تحرّكت أمس بشكل ملحوظ المساعي السياسية على خط تهدئة الأوضاع الأمنية في عاصمة الشمال من جهة، والعمل، من جهة أخرى، على استعادة جثامين اللبنانيين الذي تولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم متابعته بعد تكليفه من رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي. وأعلن وزير الداخلية اللبناني مروان شربل، أنّه وبحسب المعلومات المتوافرة، هناك 16 شابا قتلوا في الكمين وأن اللواء إبراهيم توجّه إلى سوريا لإجراء المباحثات حول تسليمهم، وقال شربل لـ«الشرق الأوسط» إن «المفاوضات لا تزال مستمرة، ومن المستبعد أن يتمّ تسليم كل الجثامين دفعة واحدة لأنّ بعض الشباب لم يكن معهم الأوراق الثبوتية».

وأفاد المكتب الإعلامي لوزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، أن منصور تبلغ مساء أمس، من السلطات السورية أنه «سيتم يوم غد (اليوم) تسليم جثامين 3 من اللبنانيين الذي قضوا في منطقة تلكلخ السورية، تعود إلى كل من خضر مصطفى علم الدين، مالك زياد الحاج ديب وعبد الحميد علي الآغا. وقد تقرر أن تكون عملية تسليم هذه الجثامين بالتنسيق بين سلطات الأمن السورية المعنية والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. علما أن تسليم بقية الجثامين سيتم على دفعات لأسباب لوجيستية». وفي حين دعا رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان إلى تكليف الجيش بمهمة حفظ الأمن في طرابلس من دون أي شروط مسبقة، وعدم اتهامه بالانحياز، اعتبر شربل خلال ترؤسه اجتماع مجلس الأمن الفرعي في طرابلس أن «الوضع في لبنان يرتبط بطريقة أو بأخرى بالحرب في سوريا» ورأى أنّه «حان الوقت للالتفات لمصلحة طرابلس»، بينما أتى الموقف السلبي على لسان المتحدث الإعلامي باسم الحزب العربي الديمقراطي العلوي، عبد اللطيف صالح الذي معلنا أن «الحزب لم يعد معنيا بمبادرة وزير الداخلية وذلك بسبب زيارته منزل النائب سمير الجسر من كتلة تيار المستقبل، ولقائه طرفا دون الآخر، معتبرا أنه أصبح طرفا».

وميدانيا، أكد مصدر في باب التبانة لـ«الشرق الأوسط» أنّ المعارك لم تتوقّف بشكل كامل بل بقيت عمليات القنص مستمرّة طوال يوم أمس وحتى خلال زيارة وزير الداخلية، واصفا الوضع بـ«الماسأوي» ومتوقّعا أن «تنعكس تصريحات الحزب العربي الديمقراطي سلبا على الأرض». نافيا المعلومات التي أشارت إلى وصول 3 من الشبان اللبنانيين الناجين من عملية تلكلخ إلى لبنان. ولفت المصدر إلى أنّ تسريب مقاطع فيديو من سوريا إلى أهالي الشبان الذين قتلوا يظهر مدى التنكيل الذي تعرّضت له الجثث، كان كفيلا بإعادة إشعال المعارك، مضيفا «يبدو واضحا أنّ الهدف من إرسال هذه الصور في وقت لا يزالون يرفضون فيه تسليم الجثث هو عدم التهدئة وترك الوضع في طرابلس مفتوحا على كلّ الاحتمالات».

وعلى صعيد التحركات السياسية أيضا، أعلن عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر في بيان بعد اجتماع نواب وفعاليات طرابلس أن «المدينة تدفع ثمن النزاعات السياسية في البلاد وأن الهدف هو جر أهل طرابلس إلى الاحتقان». معتبرا أنّ «الاقتتال ينعكس سلبا على مجمل الأوضاع في لبنان، إن كان على الصعيد الاقتصادي والإنمائي ويجب معاملة طرابلس أسوة بكل مناطق الأزمات».

وعن اقتراح وزير الداخلية مروان شربل بتحويل طرابلس منطقة عسكرية تساءل الجسر «هل يريدون عبر المنطقة العسكرية تحويل طرابلس إلى نهر بارد؟».

وعن جثث القتلى اللبنانيين في تلكلخ قال الجسر: «نفضل أن تتم عملية تسليم ضحايا تلكلخ دفعة واحدة لأن التقسيط في تسليم الجثث يؤثر سلبا على الأزمة في طرابلس ويساعدها على الاستمرار». من جهته، دعا المجلس المدني لمدينة طرابلس إلى الاعتصام أمام مبنى سرايا المدينة صباح الاثنين المقبل، «استنكارا لاستمرار الفلتان الأمني في طرابلس، وترويع الناس وقتل الأبرياء وبث الشائعات الترهيبية المروعة وتعطيل الحركة الاقتصادية».

مطالبا الدولة والجيش وسائر القوى الأمنية بإيجاد حلول نهائية ودائمة وإزالة الجزر الأمنية، بعد أن تكللت كل المعالجات السابقة بالفشل.