نائب وزير الخارجية السعودي: أي زعزعة لاستقرار وأمن أي دولة من دول الخليج العربية تعد زعزعة لباقي الدول

في كلمته أمام منتدى حوار المنامة

الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي مع جون شيبمان مدير معهد الدراسات الاستراتيجية وامين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني في احدى جلسات المنتدى (أ.ف.ب)
TT

شدد الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز نائب وزير الخارجية السعودي، على أن بلاده عملت وشقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجية لكل ما فيه خير وأمن واستقرار دولها ورفاهية شعوبها، والتعاون لمجابهة أي مخاطر تهدد أمنها، وفي سياق إطار الجهود الحثيثة والداعية للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة؛ «لإدراكها أن أي زعزعة لاستقرار أمن أي دولة من دول الخليج العربية هو زعزعة لأمن باقي الدول»، مؤكدا أن أمن ومصير دول الخليج العربية «واحد لم ولن يتجزأ».

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نائب الوزير السعودي لدى مشاركته قمة منتدى حوار المنامة الذي افتتح صباح أمس في العاصمة البحرينية المنامة، والذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة الخارجية بمملكة البحرين.

وأكد الأمير عبد العزيز بن عبد الله أن السعودية ستظل تخطو خطى حثيثة إلى ما فيه أمن واستقرار المنطقة والنهوض بها سياسيا واقتصاديا وتنمويا وثقافيا، مبينا أن بلاده «لديها إيمان راسخ أن الأمن والتنمية يعضد بعضهما البعض، وهما مساران لا غنى لأحدهما عن الآخر، بل هما معا الخيار الاستراتيجي لضمان رفاه وازدهار المنطقة، كما أن الأمن الجماعي أصبح حقيقة واقعة لا يمكن لأي دولة أن تنعم بالأمن والاستقرار بمعزل عن الآخرين، وعليه تناشد المملكة القوى الأخرى في العالم أن تحكم العقل وتلتزم بالشرعية الدولية والمساواة في المسؤولية الأخلاقية حتى يستطيع العالم أن ينعم بالسلم والأمن المنشودين».

وتناول الأمير عبد العزيز في كلمته جوانب الأمن الإنساني والخطوات والخطط الاستراتيجية التي تقوم بها حكومة بلاده بشكل فعال في تنمية وتطوير المجتمع، وتغليب مصلحة المواطن وتعظيم منفعته، داعيا إلى تعزيز التعاون بين دول الخليج العربية والحفاظ على الأبعاد التاريخية والثقافية المشتركة التي دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إليها من خلال دعوته للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد.

وأشار إلى أن تنظيم الاجتماع المهم لمنتدى حوار المنامة أصبح محفلا سنويا مهما في ظل ظروف وتحديات تشهدها منطقتنا لمناقشة أهم القضايا الأمنية التي تمس المنطقة بكل تداعياتها الإقليمية والدولية، وقال: «ندرك جميعا ما يمر به العالم من تحديات سياسية واقتصادية وثقافية تمس حياة الشعوب واستقرارها وأمنها، مما يزيدنا يقينا أن (الأمن الإنساني) الذي يهتم بتنمية أفراد المجتمع والحفاظ على كرامتهم وضمان تطورهم هو الأساس لضمان استقرار الدول وأمنها».

وقال: «لقد أسهمت حكومة المملكة العربية السعودية بشكل فاعل في تنمية وتطوير مجتمعها وجعلت تغليب مصلحة المواطن وتعظيم منفعته نصب عينها في كل خططها التنموية والمستقبلية، ولم تتوان في المساهمة في تحقيق طموحات مواطنيها والاستجابة لمشاغلهم والتفاعل مع ما يستجد من تحديات إقليمية ودولية لحمايتهم، فاستطاعت وفي وقت قياسي أن ترقى بمجتمعها من النواحي العلمية والاقتصادية والتنموية والثقافية والاجتماعية».

وأضاف أن البعد التاريخي والتجانس الثقافي والحضاري والمصالح المشتركة لدول الخليج العربية وتطلعات شعوبها قد عززت من توثيق التعاون والتجانس بينها، وأن مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تضمنتها كلمته في قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في الرياض بضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد «أتت استجابة لهذه التطلعات».

وفي سياق التغيرات على الساحة الدولية وتداعيات الركود الاقتصادي العالمي أكد الأمير عبد العزيز بن عبد الله أن السعودية تعاملت مع هذه الأزمة العالمية بما لها من ثقل اقتصادي؛ كونها داعما ومساهما في تصحيح المسار الاقتصادي العالمي عبر دورها الهام في مجموعة العشرين، والمحافظة على استقرار أسواق النفط، مما أدى ليس فقط إلى الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي بما يقارب فترة ما قبل الأزمة في منطقة دول الخليج العربية، بل ساهم أيضا في محاولة إعادة الاستقرار للأسواق الاقتصادية العالمية.

وقال: «إن المملكة العربية السعودية تدرك أن العلاقات مع الدول والشعوب الأخرى ينبغي أن تؤسس على الاحترام والمنفعة المتبادلة، والعلاقات المتكافئة، والتعايش السلمي، وتقوم على أساس تكامل وتفاعل الحضارات، وليس صراع الحضارات، ومن هذا المنطلق عملت المملكة العربية السعودية جاهدة على مختلف الأصعدة، سواء في محيطها الإسلامي أو العالمي، لتعزيز ثقافة الحوار والتسامح والاعتدال، وانطلقت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتبني نهج الحوار والتفاهم بين أتباع جميع الأديان والثقافات من مكة المكرمة عام 2008م، واكتسبت عالميتها في مدريد برعاية مشتركة مع ملك إسبانيا، ومن ثم في نيويورك، وبمباركة من هيئة الأمم المتحدة، ولقد أثمرت مؤخرا بإنشاء مركز الملك عبد الله للحوار والثقافات في فيينا بمشاركة كل من إسبانيا والنمسا الذي تم افتتاحه بتاريخ 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012م».

وقال إن ما تأمله بلاده هو «أن تسود لغة الحوار والدبلوماسية في حل الخلافات، وأن يساهم ذلك في ترسيخ الأمن والسلام والحد من انتشار روح الكراهية وخيارات النزاعات والحروب، كما تؤكد رغبتها بابتعاد كافة المجتمعات عما يثير النعرات الدينية أو يمس معتقدات الناس أو التطاول على الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام». وقال: «وتأكيدا على ذلك دعا خادم الحرمين الشريفين هيئة الأمم المتحدة للعمل على إصدار قرار يدين أي دولة أو جماعة أو فرد يعتدي على الأديان السماوية أو الأنبياء والرسل عليهم السلام ووضع العقاب الرادع».

وكان في استقبال نائب وزير الخارجية السعودي لدى وصوله المنامة صباح أمس، وزير الدولة للشؤون الخارجية البحريني إبراهيم بوالعينين، والسفير الدكتور عبد المحسن المارك سفير السعودية لدى البحرين، وأعضاء السفارة السعودية في المنامة.