«حوار» محموم في الرئاسة.. وتوقعات بإعلان دستوري جديد لنزع فتيل الأزمة

الإسلاميون يمهلون معتصمي «الاتحادية» ساعات لفض الاعتصام.. «والإنقاذ» تطالب بتفكيك ميليشيات «الإخوان»

TT

قالت مصادر مطلعة داخل الرئاسة المصرية، أمس، إن الحوار الوطني الذي أجراه الرئيس محمد مرسي مع قوى سياسية أسفر عن إعلان دستوري جديد لنزع فتيل الأزمة، بعد ما شهدته البلاد من تطورات تنذر بتجدد الاشتباكات الدامية أمام قصر الاتحادية الرئاسي.

يأتي ذلك فيما أمهل الشيخ السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل معتصمي قصر الاتحادية ساعات لفض اعتصامهم الذي دخل يومه الثاني أمس. وقال في كلمة لحشود السلفيين أمام مدنية الإنتاج الإعلامي «ساحات قصر الاتحادية ليست ساحات للتظاهر، ودونها الرقاب والأرواح».

يأتي هذا في وقت استمرت فيه المفاوضات المحمومة في قصر الرئاسة بين الرئيس مرسي ونائبه وممثلي قوى سياسية وشخصيات عامة وافقت على حضور اللقاء، لنزع فتيل الأزمة في مصر.

وواصل مئات من الإسلاميين حصارهم للبوابة الرئيسية لمدينة الإنتاج الإعلامي بضاحية 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة لليوم الثاني أمس (السبت)، لمنع الرموز المعارضة لسياسات الرئيس محمد مرسي من الظهور على القنوات الفضائية الخاصة التي تبث من المدينة، والمطالبة بتطهير الإعلام من «فلول نظام مبارك» على حد زعمهم، فيما تظاهر المئات من المعتصمين أمام «الاتحادية» من القوى المدنية احتجاجا على ما يدور في اجتماع الرئيس محمد مرسي مع الرموز السياسية، مطالبين بإلغاء الإعلان الدستوري الأخير والاستفتاء على الدستور الجديد. وكشفت مصادر داخل مدينة الإنتاج الإعلامي لـ«الشرق الأوسط»، عن «منع الحشود السلفية دخول عدد كبير من الإعلاميين والعاملين في العديد من القنوات».

ووجه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل السلفيين للتوجه إلى مدينة الإنتاج الإعلامي للاحتشاد هناك، مؤكدا أنهم لن يبرحوا هذا المكان، داعيا الحشود عدم المغادرة، ووجه دعوة لحضور المزيد. وقال مخاطبا حشود السلفيين «هناك عدد من إخوانكم يعدون الآن قائمة سوداء بأسماء شخصيات سياسية وإعلاميين، ملاك ثلاث قنوات فضائية، متورطين في الأحداث الأخيرة التي وقعت في محيط قصر الاتحادية الرئاسي (الأربعاء) الماضي وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وتخطط للانقضاض على الشرعية لإسقاط الدكتور محمد مرسي». ووجه أبو إسماعيل كلامه لهم مهددا إياهم بقوله «لا بد أن تأخذوا كلامي مأخذ الجد لأن كل كلمة فيه مقصودة».

وخاطب أبو إسماعيل من سماهم بالفلول داخل مدينة الإنتاج الإعلامي أو أمام قصر الاتحادية، قائلا «إما أن ترتدعوا اليوم أو سترتدعون غدا إن شاء الله»، وأملهم ساعات للانسحاب من هذا «الاتفاق الجنائي» - حسب قوله.

وجه الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل رسالة تحذير إلى الإعلام مفادها أن «حرية النقد مكفولة؛ لكن تجاوز حد الأدب لدرجة إهدار هيبة الدولة والنظام غير مقبول، ولن يسمح به أبدا»، موضحا أن الأرواح والأعناق فداء لأن يستقر الحق والوضع السياسي في مصر. وأضاف أبو إسماعيل «لن نسمح أن يكون رئيس الدولة ألعوبة في وسائل الإعلام».

لكن مصادر داخل الرئاسة الجمهورية أكدت أنهم قاموا مساء أول من أمس بالاتصال هاتفيا بعدد من قيادات الأحزاب السياسية الرافضة للحوار الوطني، على رأسها أحزاب الوفد والدستور والمؤتمر ومصر القوية والتيار المصري، إلا أن مسؤولي الرئاسة رفضوا إعطاء هذه الأحزاب ضمانات معينة مثل تجميد الإعلان الدستوري كاملا وتأجيل الاستفتاء نهائيا قبل حضور الحوار الوطني.

وحسب المصادر نفسها فإن «هناك 4 محاور رئيسية دار النقاش حولها خلال الحوار الوطني، أولها إلغاء الإعلان الدستوري الأخير أو بعض مواده وعلى رأسها المادة السادسة الخاصة بالإجراءات الاستثنائية والمادة الثانية الخاصة بتحصين قرارات الرئيس». والمحور الثاني هو «مدى التوافق على إصدار إعلان دستوري جديد بتغيير موعد الاستفتاء وتأجيله شهرا على الأقل لحين التوافق على مشروع الدستور»، والمحور الثالث «مناقشة إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية أو دعوتها لاستكمال عملها حتى 12 فبراير (شباط) المقبل»، أما المحور الرابع فهو «كيفية وقف الفعاليات الميدانية والحشد المتبادل بين القوى السياسية».

وشددت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «كل ما سيتوصل إليه اللقاء من حلول أو اتفاقات مبدئية سيتم التوقيع بموجبه على وثيقة رسمية مشهرة تعلن للرأي العام، وسيصدر على أثرها إعلان دستوري جديد أو قرارات جمهورية ستؤدي إلى انفراجة في الأزمة» - كما وعدت المصادر. لكن مراقبين يرون أن كلام المصادر مجرد تكهنات، ولا توجد حقائق مؤكدة عما سينتهي إليه الاجتماع.

في غضون ذلك، واصل المتظاهرون من القوى والحركات الثورية والأحزاب المدنية اعتصامهم أمام قصر الاتحادية، احتجاجا على الإعلان الدستوري الأخير، والمطالبة بإلغاء الاستفتاء على الدستور، وتشكيل جمعية تأسيسية أخرى تمثل كل القوى الوطنية وكل طوائف الشعب.

وأعادت قوات الحرس الجمهوري المكلفة بتأمين قصر الاتحادية زرع الأسلاك الشائكة ونشر المدرعات والدبابات على مداخل الشوارع المحيطة للقصر، والتي تخطاها المتظاهرون في مليونية «الكارت الأحمر» أول من أمس (الجمعة).

في سياق مواز، طالبت جبهة الإنقاذ الوطني «الرئيس محمد مرسي بتحمل مسؤوليته بحماية المظاهرات والاعتصامات»، داعية إياه إلى إسناد مهمة التحقيق لقاضي التحقيق في أحداث اشتباكات الأربعاء الماضي.

وأكد الدكتور محمد أبو الغار، في بيان للجبهة خلال مؤتمر صحافي مساء أمس (السبت)، على رفض الجبهة للإعلان الدستوري غير الشرعي، وكذلك رفض الاستفتاء على الدستور قبل التوافق عليه، مشيرا إلى استعداد الجبهة للدخول في حوار جاد، كاشفا عن أن الجو العام يكشف عن وجود ميل للإضراب العام. ودعا أبو الغار الدكتور مرسي إلى حل الميليشيات العسكرية التي شكلتها جماعة الإخوان المسلمين، كما دعا المواطنين إلى الاعتصام السلمي حتى تحقيق المطالب.