بوادر أزمة جديدة بين بغداد وأربيل على خلفية مطالبات بخفض حصة كردستان من الميزانية

التحالف الكردستاني: إنها دليل على عدم جدية المالكي في حل الخلافات

عنصر من البيشمركة يرفع علم كردستان في منطقة متنازع عليها قرب الحدود مع سوريا (رويترز)
TT

ما إن هدأت الأوضاع نسبيا على ميدان المواجهة العسكرية بين قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية، حتى لاحت في الأفق أزمة جديدة عنوانها «حصة كردستان من موازنة الدولة»، وهذه الأزمة لا تقل خطورة عن سابقاتها لأنها تتعلق بقوت الشعب كما يرى ذلك المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي مؤيد طيب الذي أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الأزمة الجديدة مرشحة للتفجر بشكل أخطر من سابقاتها، خصوصا أن موازين القوى في هذه المواجهة لن تكون متكافئة؛ حيث ستكون كتلة التحالف الكردستاني هي الطرف الأضعف بسبب محدودية عدد مقاعدها داخل مجلس النواب إذا ما أثيرت هذه المسألة هناك.

وقال طيب: «هناك حملة جديدة من جانب كتلة نوري المالكي وبدعم من بعض الكتل الأخرى لخفض حصة كردستان من ميزانية الدولة، فهم يريدون التعامل مع كردستان كمحافظات وليس كإقليم معترف به في الدستور العراقي، ويحاولون التنصل من التزامات سابقة بتحديد حصة كردستان بنسبة 17 في المائة من ميزانية الدولة والتي أقرت وفقا لاتفاقات سياسية إلى حين إجراء الإحصاء السكاني في العراق، فهم لا يريدون إجراء ذلك الإحصاء لننتهي من هذه المشكلة بشكلها الدستوري، ولا يلتزمون بالاتفاقات السياسية التي تقررت بموجبها تلك النسبة، فيبدءون بحملة جديدة ضد إقليم كردستان بعد أن هدأ التوتر في المناطق المتنازعة، فهم لا يعيشون إلا في ظل افتعال الأزمات المتتالية لصرف أنظار الشعب العراقي عن إخفاقاتهم».

وأشار المتحدث إلى «أن هناك محاولات متواصلة لتأجيج الشارع العراقي وتأليبه على إقليم كردستان، والسعي لإفهام هذا الشارع بأن الإقليم يأخذ أكثر مما يستحق من أموال الدولة، وأن التقدم والنهضة العمرانية التي يشهدها الإقليم هو على حساب العراقيين الآخرين، وهذا بحد ذاته تهرب من مسؤولية الحكومة عن التزاماتها بإعادة إعمار البلد؛ لأن الموارد المتاحة أمام تلك الحكومة هي أكثر بكثير مما تخصص لإقليم كردستان، وبإمكان تلك الحكومة لو كانت لديها إرادة فعلية لتحقيق النهضة التنموية والعمرانية في العراق أن تفعل مثلما فعل الإقليم، فهي لديها نفس وزاراتنا ونفس إمكاناتنا، فبدلا من أن تسخرها لشراء الأسلحة وتهديد الشعب بها، فلتصرف تلك الموارد في الوجهة الصحيحة لتأمين حياة معيشية أفضل لمواطنيها».

وكان قياديون في ائتلاف دولة القانون قد طالبوا من خلال تصريحات صدرت عنهم بخفض حصة كردستان من 17 في المائة إلى 12 – 13 في المائة، وانضم إليهم نواب في كتلة العراقية الحرة مع استخراج النفقات السيادية وتعويضات الكويت وغيرها، فلن تبقى لكردستان إلا موارد محدودة لا تلبي حاجاتها من مشاريع البنية التحتية والخدمات حسب المتحدث باسم التحالف الكردستاني الذي أكد أن ميزانية كردستان في خطر، مضيفا أنه في حال تم عرض هذا الموضوع على مجلس النواب عندها لا نستطيع أن ندافع عن الميزانية ككتلة كردية، بسبب محدودية عدد مقاعدنا في مواجهة العدد الكبير ممن يرغبون بقطع قوت الشعب الكردي». وأشار إلى: أن التحالف الكردستاني دعا إلى العودة إلى قرار مجلس الأمن المرقم 986 والذي عرف بقرار النفط مقابل الغذاء؛ حيث تم إقرار حصة كردستان بنسبة 13 – 15 في المائة من إيرادات النفط، وقد تم تثبيت نسبة 13 في المائة كحد أدنى، وعلى الرغم من أن ذلك القرار كان مجحفا بالنسبة للشعب الكردي لأن النسبة لم تكن صحيحة، ولكننا رضينا بها، ولا مانع لدينا من العودة إلى ذلك القرار لأخذ حصتنا من نسبة مبيعات النفط، ومن دون ذلك لن نقبل بخفض أي قدر من ميزانية الإقليم إلى حين إجراء الإحصاء السكاني العام في العراق. وأضاف: لقد تم تثبيت نسبة 17 في المائة وفقا لاتفاق سياسي كحل مؤقت إلى حين إجراء الإحصاء السكاني، فما دامت الحكومة العراقية ترفض حتى الآن تنظيم ذلك الإحصاء، عليها أن لا تتلاعب بالحصة الثابتة والمتفق عليها.

وختم المتحدث باسم التحالف الكردستاني تصريحه بالقول، إن «الضغوط المتكررة التي تمارسها الحكومة العراقية برئاسة المالكي ضد إقليم كردستان، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأنها غير جادة في التوصل إلى حلول للخلافات وللأزمة السياسية التي تعصف بالعراق، فتارة يهددوننا بالجيش، وتارة يلعبون بورقة الميزانية، ويدفعون عرب العراق إلى صدام مع الكرد، وكثيرا ما نسمع منهم اتهامات بوجود علاقة بين كردستان وإسرائيل، وبأن الإقليم فتح مقرات لحزب البعث المنحل ويسعى إلى تشكيل الجيش الحر، وما إلى ذلك من اتهامات باطلة هدفها الوحيد هو تأليب الشارع العراقي ضد الإقليم ولا ندري في ظل افتعال كل هذه الأزمات وتسويق الاتهامات كيف يمكن الاطمئنان إلى حلول سياسية مع حكومة المالكي، فمن يوجه هذه الاتهامات الخطيرة ويتخذ هذه المواقف العدائية ضد الكرد لا يمكن أن يكون جادا للحوار والتفاهم».