إعلاميون عراقيون يستعدون لتشكيل نقابة خارج مظلة السلطة

صحافيون لـ «الشرق الأوسط»: الحالية لا تسعى سوى لكسب الامتيازات مقابل السكوت عن أخطاء كبيرة

أعضاء اللجنة التحضيرية للنقابة الجديدة للصحافيين العراقيين («الشرق الأوسط»)
TT

لا يزال المشهد الإعلامي العراقي تتلاطمه الأمواج مثلما تتلاطم كل شيء في العراق، فبعد النقابة الواحدة للصحافيين على امتداد أكثر من نصف قرن، راحت تتشكل بعد عام 2003 نقابات واتحادات بعضها اختص بتوزيع السيارات وتنظيم السفرات الترفيهية، والبعض الآخر بتوزيع قطع الأراضي والمنح، تحت مظلة الصحافة والإعلام.

وشهدت الشهور الماضية تحركات واجتماعات مجموعة من الإعلاميين العراقيين، معظمهم من الأسماء المعروفة في المشهد الصحافي والأكاديمي، لأجل الإعلان عن نقابة جديدة للصحافيين باسم «النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين» في مؤتمرها التأسيسي الأول في العشرين من الشهر الحالي. ويقول الصحافي عدنان حسين، عضو اللجنة التحضيرية للنقابة الجديدة ورئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المدى» العراقية، لـ«الشرق الأوسط»: «سعينا لأجل نقابة جديدة للصحافيين لأننا نريد أن نقيم الديمقراطية في البلاد، والديمقراطية تعني في ما تعني التعددية السياسية والنقابية والفكرية. ودستور البلاد يكرس هذا المبدأ الديمقراطي، ونحن نعمل على وفق ما ينص عليه الدستور». وأضاف «في الحقيقة اليوم لا وجود لنقابة صحافيين حقيقية.. لدينا منظمة لصحافيين وغير صحافيين تابعة للحكومة وموضوعة في جيبها، للسكوت عن أخطائها الكبيرة، مقابل الحصول على امتيازات ومكافآت». وعما في جعبة النقابة الجديدة، قال «أهم ما في جعبتنا هو المهنية والاحتراف والغيرة على مهنتنا المحترمة التي تبتذلها الحكومة ومنظمتها اليوم أبشع ابتذال». وزاد «لا نعد بأراض وامتيازات، وإنما بالمهنية فحسب، ومن يرضيه ذلك ويقتنع بتوجهاتنا فليلتحق معنا».

بدوره، أكد الكاتب والصحافي قيس قاسم العجرش، عضو اللجنة التحضيرية للنقابة الجديدة، أن «ساحة العمل الإعلامي والنقابي لم تعد تقبل الاحتكار، ولا يمكن أن ندخل عصر الديمقراطية بآليات موروثة بالية تعود إلى عهد (الممثل الشرعي والوحيد)، ولا يمكن أن تفرض أي مجموعة من الناس التمثيل النقابي بمنفذ واحد، هذا غير دستوري أولا، ومتناف مع أبسط قواعد التعددية ثانيا». وأضاف «نقابتنا التي نحن بصددها تبحث عن مهنية وموضوعية وعمل نقابي بمعايير دولية، لأن الديمقراطية ليست اختراعا عراقيا ننتج نسخنا المشوهة منه مرة بالتوافق ومرة بالمحاصصة ومرة بالنهب المنظم لثروات الناس، نقابتنا تبحث عن حماية نقابية لحرية العمل الصحافي وحرية التعبير ونشر المعلومة». ولفت إلى أن القانون الذي سمي بقانون (حقوق الصحافيين) سلب من الصحافيين أكثر مما منحهم.

لم يمنحهم سوى تقنين مبهم لأدوات عملهم يمكن أن تفسره الجهات التنفيذية كيفما شاءت، ولسنا ساذجين إلى هذا الحد».

وعن مستوى دور النقابة ودورها من القضايا الوطنية قال العجرش «نسعى لأجل أن تعمل النقابة الجديدة بمهنية وأن تقف من القضايا الوطنية موقفا مشرفا يسجل للتاريخ أن الإعلاميين والصحافيين الذين انخرطوا فيها لم يسكتوا عما يحدث في عراقهم».

أما الصحافية إرادة الجبوري فقالت «نسعى لأجل أن تكون الديمقراطية مفهوم عمل وليس شعارا نحمله ونهلل به هنا وهناك، لأن العهد الجديد الذي بشرنا به هو عهد أتاح انطلاق حرية الرأي والتعبير والتنظيم التي ثبتها الدستور المستفتى عليه شعبيا في عام 2005، والذي ضمن الحريات والحقوق السياسية والمدنية وتعدد التمثيل النقابي الحر وألزم الدولة بكفالة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية والانضمام إليها».

وأضافت «نطمح وعبر النقابة الوطنية الجديدة لأن تكون مدافعا حقيقيا عن حرية التعبير وحرية العمل الصحافي وحرية الوصول إلى المعلومة والدفاع عن الحقوق المهنية للصحافيين داخل مؤسساتهم والالتزام بقواعد المهنة وأخلاقياتها».

وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» قد أعلنت في أحدث تقرير لها أن العراق تراجع نحو 22 مرتبة في التصنيف العالمي للحريات خلال عام 2011، مشيرة إلى أن اغتيالات الصحافيين وأعمال العنف التي مارستها الأجهزة الأمنية ضدهم خلال التظاهرات في بغداد وكردستان تعد من أبرز المؤشرات السلبية على الحريات الصحافية. ويعد العراق واحدا من أخطر البلدان في ممارسة العمل الصحافي على مستوى العالم، حيث شهد مقتل ما يزيد على 360 صحافيا وإعلاميا منذ الحرب الأميركية في عام 2003.