تجدد العنف في آيرلندا الشمالية بعد تصويت يدعو لإنزال العلم البريطاني

مواجهات تخلف جرحى في صفوف الشرطة بعد زيارة كلينتون إلى الإقليم

موالون لبريطانيا يرفعون أعلام «الاتحاد» في بلفاست أمس بعد تجدد العنف على خلفية قرار بالتوقف عن رفع العلم البريطاني من على واجهة مبنى البلدية (رويترز)
TT

تجددت أعمال العنف في آيرلندا الشمالية، الليلة قبل الماضية، بعد قرار البلدية بالتوقف عن رفع العلم البريطاني على واجهة مبنى البلدية إلا في بعض المناسبات. وكان العلم يرفرف باستمرار حتى الآن على هذه الدائرة الرسمية، لكن أعضاء البلدية في بلفاست صوتوا مساء الاثنين، على الرغم من رفض الموالين الذين ينادون ببقاء آيرلندا الشمالية في إطار المملكة المتحدة، بـ29 صوتا في مقابل 21، على مذكرة تنص على ألا يرفرف العلم إلا 17 يوما في السنة. وتطبيقا لهذا التدبير الذي يحمل البلدية على التقيد بالقواعد المطبقة في كل الدوائر الحكومية، سحب العلم الثلاثاء للمرة الأولى منذ افتتاح المبنى في 1906.

وبعد ساعات من زيارة وزيرة الخارجية الأميركية مساء أول من أمس، أصيب ثمانية من عناصر الشرطة، واعتقل خمسة أشخاص، خلال مواجهات في وسط المدينة، كما قالت شرطة آيرلندا الشمالية، وأحرقت سيارتان. ويقول شهود إن متظاهرين ألقوا حجارة وقناني على عناصر الشرطة. ونظم الموالون المحتجون مظاهرة كبيرة في بلفاست، أمس، استكمالا لمظاهرات مماثلة تنظم يوميا منذ الاثنين في عدد من مناطق آيرلندا الشمالية.

وفي عاصمة آيرلندا الشمالية، تلقت النائبة ناومي لونغ أول من أمس تهديدا بالقتل بسبب دعم حزبها «التحالف» السياسة الجديدة المتعلقة بالعلم البريطاني. وعثر أيضا على قنبلتين في آيرلندا الشمالية، مما يشير إلى استمرار التوتر في المنطقة على الرغم من عملية السلام التي أنهت بوجه الإجمال في تسعينات القرن الماضي ثلاثة عقود من أعمال العنف الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت أسفرت عن 3500 قتيل.

ووقعت أعمال العنف الجديدة بعد ساعات من الزيارة التي قامت بها إلى بلفاست الوزيرة كلينتون، التي أدانت تجدد العنف ودعت جميع الأطراف إلى متابعة «مهمة المصالحة الصعبة» في هذا الإقليم البريطاني الذي يتمتع بنوع من الحكم الذاتي وتتولى إدارته منذ 2007 حكومة من الكاثوليك والبروتستانت.

وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي في بلفاست «يجب إدانة بقايا الماضي بسرعة وبشكل لا لبس فيه. الطريق الوحيد للمضي قدما نحو إلى الأمام هو الطريق السلمي والديمقراطي. لن يكون العنف أبدا رد فعل مقبولا للخلافات». وعقدت كلينتون اجتماعا مع بيتر روبنسون، الوزير الأول في آيرلندا الشمالية (بروتستانتي)، ونائبه مارتن ماكغينيس من الشين فين، وهو حزب قومي موال لجمهورية آيرلندا. وكانت كلينتون قد وصلت إلى العاصمة الآيرلندية الشمالية قادمة من دبلن، في جمهورية آيرلندا، حيث حضرت مؤتمرا دوليا.

وفي ظل توقع حدوث المزيد من الاحتجاجات في المدينة، قالت كلينتون «الناس لديهم مشاعر قوية، ولكن يجب ألا يستخدموا العنف كوسيلة للتعبير عن هذه المشاعر القوية».

ويرفرف العلم، الذي يدل على ارتباط آيرلندا الشمالية ببريطانيا، فوق قمة المبنى منذ عام 1906. وبعد حرب الاستقلال الآيرلندية في عام 1922 ظلت المقاطعات الست في آيرلندا الشمالية مرتبطة ببريطانيا، في حين أصبحت آيرلندا الجنوبية السابقة دولة مستقلة - وهي الآن تعرف بجمهورية آيرلندا.

وأدى قرار يوم الاثنين الماضي الذي اتخذه مجلس المدينة إلى اندلاع احتجاجات غاضبة من قبل من جانب الوحدويين، وهم أنصار البروتستانت الموالين لبريطانيا في الإقليم الذين اقتحموا المبنى. وتبعت ذلك احتجاجات يومية واشتباكات مع الكاثوليك.

ودعا رئيس الحكومة الإقليمية بآيرلندا الشمالية روبنسون، وهو زعيم الحزب الوحدوي الديمقراطي البروتستانتي، وهو الحزب الرئيسي هناك، المواطنين إلى التزام الهدوء، وقال إن قضية العلم لا يمكن أن تكون «ذريعة» للعنف.

وأعادت كلينتون إلى الأذهان أنها جاءت إلى بلفاست في أول زيارة لها في عام 1995، لإشعال أضواء عيد الميلاد خارج قاعة المدينة مع زوجها بيل، الذي كان آنذاك رئيسا للولايات المتحدة. وأثنت كلينتون على التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه في مجال السلام والمصالحة في الإقليم منذ ذلك الحين. وقالت إن السلام يتطلب تضحيات وحلولا وسط ويقظة، مضيفة أن أحداث الأسبوع الماضي أظهرت أن «العمل لم يكتمل بعد».