طرابلس على مفترق خطر.. وسلفيو «باب التبانة» يقسمونها جناحين

استمرار الاشتباكات.. وسكانها يستنجدون: المدينة على شفير هاوية

TT

«طرابلس على شفير هاوية. ونحن نستغيث ونناشد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، أن يتدخلا بحزم لوضع حد للحرب الدائرة في طرابلس، لأنها إن بقيت على تصاعدها، ستنتقل شرارتها إلى عكار والقلمون والضنية وتشعل الشمال اللبناني بأكمله». هذا ما قاله بالأمس لـ«الشرق الأوسط» الشيخ وليد طبوش، وهو أحد المشايخ النافذين في منطقة باب التبانة، وإمام وخطيب مسجد خالد بن الوليد.

ويأتي كلام الشيخ بعد ما يقارب الأسبوع من المعارك العنيفة، التي لا تزال تشهدها الضواحي الشمالية لطرابلس (جبل محسن - باب التبانة) أودت بحياة ما يقارب عشرين قتيلا، وأوقعت أكثر من 100 جريح. ووصل القصف العشوائي بالقذائف الصاروخية والهاون، ليلة السبت - الأحد إلى عمق المدينة، في حين انتشر رصاص القنص الحركة في شوارع كثيرة، ويقطع الطريق الرئيسي الذي يربط طرابلس بالشمال وصولا إلى الحدود السورية.

وتبدو الحكومة اللبنانية أمام تحد كبير، بعد أن انتهت زيارة وزير الداخلية مروان شربل للمدينة السبت، بفشل وبقصف تعرضت له المدينة اعتبر الأعنف من نوعه.

وعقد بالأمس اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى، بحث الوضع الأمني المتفجر في طرابلس، وأعطيت التوجيهات اللازمة للوزارات المعنية في ما بقيت القرارات المتخذة سرية. وهو ما طرح السؤال حول مدى نجاعة هذه القرارات وهل هي عسكرية بحت، أم أن هناك تدابير أخرى لم يكشف عنها.

وإذ اندلعت الاشتباكات في طرابلس، الاثنين الماضي، بسبب الغضب الذي اجتاح المدينة بعد وصول خبر مقتل نحو 16 شخصا غالبيتهم من طرابلس في كمين بتلكلخ السورية، فإن جثامين ثلاثة من هؤلاء وصلت صباح أمس إلى نقطة العريضة على الحدود اللبنانية - السورية. وإذ سلمت الجثث على اعتبار أنها للقتلى خضر علم الدين وعبد الحميد الآغا ومالك زياد الحاج ديب، تبين أن الجثة الثالثة ليست لهذا الأخير وإنما لقتيل آخر هو محمد المير، حيث ووريت الجثامين الثرى، في ما باقي الأهالي لا يزالون ينتظرون جثث أولادهم. واستمرت الاشتباكات في طرابلس أمس على وتيرتها، وتعرض مركز للجيش اللبناني في جبل محسن إلى الإصابة برمانة بندقية، مما أدى إلى إصابة عسكريين اثنين وأحد المدنيين بجروح مختلفة. كما فككت القوى الأمنية عبوة معدة للتفجير في منطقة التل، وسط طرابلس، كانت تستهدف مقهى صاحبه من الطائفة العلوية.

وبعد ليلة السبت - الأحد، التي تعرضت خلالها طرابلس لقصف شديد لطرابلس، نفى المسؤول الإعلامي للحزب العربي الديمقراطي في جبل محسن (غالبية علوية)، أن يكون الحزب قصف طرابلس وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك طابور ثالث، كان يقصف على طرابلس وجبل محسن معا، لإشعال الفتنة. واتهم تيار المستقبل بأنه يحتضن تيارات موتورة، تعيث فسادا، وأفراد بينهم عائدون من سوريا، ومتطرفون من جنسيات مختلفة». وأضاف صالح: «لقد اعتقل الجيش خلال الجولة السابقة من المعارك ما يقارب 100 شخص أكثر من نصفهم من السوريين، لقد بتنا الآن نقاتل أفغانا ومصريين وأصوليين من جنسيات مختلفة، إضافة إلى الذين يأتون من مناطق لبنانية وهؤلاء باتت أعدادهم كبيرة».

ويؤكد الأهالي في باب التبانة، وهي المنطقة التي تقاتل جبل محسن ذات الغالبية العلوية، وتعتبر أنها تدافع عن أهل السنة، أن المنطقة أصبحت منقسمة إلى جناحين كبيرين، وهو ما يجعلها مشتتة ويضعفها. نصف التبانة من جامع حربا (أي وسطها) وصولا إلى سوق الخضار بايع مؤخرا حسام الصباغ أميرا، وصار يقاتل معه، في الوقت الحالي، ما يقارب 400 شخص، في حين اعترض النصف الآخر من أهالي باب التبانة على هذه المبايعة وهم الموجودون في منطقة تمتد من جامع حربا وحتى الملولة على الأوتوستراد العريض الذي يصل طرابلس ببقية الشمال، وهؤلاء ينتمون إلى أحزاب وزعامات مختلفة في المدينة. وحسام الصباغ الذي أصبح أميرا على نصف باب التبانة، هو سلفي مطلوب بعدة مذكرات توقيف، اتهم بأنه شارك في معارك نهر البارد (دارت لمدة ثلاثة أشهر، بين سلفيين جهاديين والجيش اللبناني عام 2007)، ولم يتم إلقاء القبض عليه حينها، وهرب إلى أستراليا قبل أن يعود إلى باب التبانة ليقاتل فيها ويتحول إلى قائد مجموعة.