السعودية: الكشف عن مخطط خارجي وراء الهجوم الإلكتروني على شبكة «أرامكو»

المتحدث باسم وزارة الداخلية: كان عملا إرهابيا يستهدف تدفق النفط

TT

أعلنت السعودية أمس عن تورط جهات دولية في الهجوم الإلكتروني المدمر لشبكة «أرامكو السعودية» كبرى شركات النفط في العالم، وهو الهجوم الذي وقع في 15 أغسطس (آب) الماضي، وأدى لشل الشبكة الداخلية دون أن ينجح في تعطيل أعمال الشركة الرئيسية.

ويوم أمس، أعلن في الظهران، خلال مؤتمر صحافي مشترك جمع شركة «أرامكو السعودية» ووزارة الداخلية، عن نتائج توصلت لها التحقيقات حول الهجوم الإلكتروني، حيث أكد مسؤول رفيع في «أرامكو السعودية» أن الهجوم كان يستهدف الاقتصاد السعودي عبر تدمير نظام تصدير الزيت والغاز في الشركة.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن الدولة التي تقف وراء الهجوم، قال اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية: «إن مصلحة التحقيق تقتضي عدم كشف الجهة أو الدولة التي تقف وراء الهجوم»، موضحا أن السعودية بصدد خطوة مهمة، وهي ملاحقة الأشخاص الذين نفذوا الهجمات والمتسببين فيها، وقال إن التحقيق سيقود إلى الدولة التي تقف وراء الهجوم.

وأجمعت وزارة الداخلية وشركة «أرامكو» على أن نتائج تحقيقاتهما المشتركة توصلت إلى أن الهجوم يمثل عملا إرهابيا مصدره جهات منظمة «خارجية» توزعت أعمالها على أراضي دول في أربع قارات حول العالم.

وشدد اللواء التركي على أن فريق التحقيق المشترك من وزارة الداخلية وشركة «أرامكو السعودية» تمكن «من التوصل إلى نتائج متقدمة ومشجعة»، مؤكدا أن النتائج توصلت إلى أن «التخطيط للهجوم وتنفيذه تما من قبل مجموعة منظمة من خارج السعودية ومن عدة دول»، كما أكدت وزارة الداخلية وشركة «أرامكو» عدم تورط أي من موظفي الشركة أو موظفي مقاوليها في الهجوم.

وقال عبد الله السعدون نائب رئيس شركة «أرامكو» للتخطيط العام ورئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق، إن «هذا الهجوم لم يستهدف (أرامكو السعودية) ككيان فقط، ولم يكن هدفه الرئيسي تعطيل شبكتها الإلكترونية فحسب، بل استهدف اقتصاد البلد بأكمله».

وأكدت «أرامكو» أن الهدف الرئيسي من وراء هذا الهجوم منع تدفق الزيت إلى الأسواق المحلية والعالمية، لكنها شددت على أن «المهاجمين لم يستطيعوا تحقيق أهدافهم، واستطاعت الشركة الوفاء بجميع التزاماتها، ولم يتوقف إنتاج قطرة زيت واحدة جراء ما حدث».

وكان الهجوم الذي تعرضت له الشبكة الإلكترونية لشركة «أرامكو» تم بطريقة زرع فيروس مصمم لشبكة الشركة وتم نقل الفيروس إلى الشبكة الداخلية عبر «التصيد الإلكتروني»، وكان تأثيره على الشبكة بشكل عام محدودا بحسب الشركة.

وتتكون شبكة «أرامكو السعودية» الإلكترونية من عدة أجزاء، منها الشبكة الداخلية - التي تأثرت بالهجوم - والنظام المالي، ونظام الزيت والغاز اللذين تؤكد «أرامكو السعودية» سلامتهما من الهجمات.

كما هاجم الفيروس موقع الشركة على الإنترنت وعطل الخدمات التي يقدمها لعملاء الشركة لفترة محدودة، وقالت الشركة إنها استعادت الموقع خلال يوم واحد من الهجمة.

وأعلن اللواء التركي عن إطلاق مركز للأمن الإلكتروني يهدف إلى مراقبة الشبكات الداخلية للشركات السعودية، ووضع الاشتراطات والضوابط الأمنية لها، وكذلك سن التشريعات التي تتطلبها حماية المقدرات الاقتصادية السعودية، مشددا على أن وزارة الداخلية لن تتدخل في إجراءات عمل الشركات وتحديد أنظمتها الأمنية، ولكنها ستضع السياسات والقواعد الأمنية الإلكترونية انطلاقا من مسؤوليتها الأمنية.

وأكد اللواء التركي أن وزارة الداخلية لم تستعن في تحقيقاتها في الهجمة الإلكترونية التي تعرضت لها «أرامكو السعودية» بأي شركة عالمية. وقال إن لدى وزارة الداخلية من الخبرات والخبراء في الجوانب الإلكترونية ما مكنها من كشف ملابسات الهجوم.

وأوضح أن الهجوم تم من قبل مجموعات منظمة ومن عدة دول تتوزع في أربع قارات، واستخدمت في الهجوم عدة عناوين ومعرفات، ووصف الهجمات بأنها كانت أعمالا إرهابية، مؤكدا ملاحقة المتسببين فيها ومقاضاتهم.

وقال اللواء التركي إن وزارة الداخلية وشركة «أرامكو السعودية» لم تستعجلا في الإعلان عن نتائج التحقيقات، وقال: «المعلومات التي تم التوصل لها مشجعة ومهمة». وأضاف أن الهجوم تم باستخدام أراضي دول، وستلجأ السعودية إلى مخاطبة هذه الدول والتواصل مباشرة معها لتسليم المتهمين، أو ستتجه إلى الإنتربول لملاحقتهم إذا اقتضى الأمر.

بدوره قال عبد الله السعدون إن «أرامكو السعودية» نجحت في احتواء الهجوم وقصره على الشبكة الداخلية للشركة، وأضاف أن الفترة الماضية لم تتأثر فيها الصادرات السعودية من الزيت، مما يطمئن الأسواق العالمية إلى قوة الحماية التي يتمتع بها نظام الزيت والغاز، وأضاف أن الخسائر التي تعرضت لها الشركة اقتصرت على استبدال الأقراص الصلبة في الكومبيوترات التي تعرضت للهجمة، وقال إن «أرامكو» نجحت في تطهيرها وتأهيلها، وإن الخسائر كانت محدودة لو قورنت بالخسائر التي ستحدث لو نجح الهجوم في الوصول إلى نظام الزيت والغاز.

وتابع السعدون أن «أرامكو» تعرضت لآلاف الهجمات الإلكترونية، وشبكتها تخضع لعملية مراقبة على مدار الساعة، وأنها تتعامل مع أفضل وأحدث الأنظمة التقنية العالمية لحماية شبكتها.

ولم تعلن «أرامكو السعودية» عن حجم استثماراتها في مجال الحماية الإلكترونية، كما لم تعلن عن حجم الخسائر المادية التي تعرضت لها نتيجة الهجمة.