شافيز يخوض معركة جديدة ضد السرطان ويعين خليفة له

يطمح في إنجاز مشروعه «اشتراكية القرن الـ21» على رأس بلاده النفطية

أتباع الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز يصلون من أجل صحته في كراكاس أمس (رويترز)
TT

تمكن هوغو شافيز الذي أعلن أن السرطان عاوده ما سيتطلب خضوعه لعملية جراحية في هافانا، من فرض نفسه في موقع الرجل القوي في فنزويلا منذ انتخابه في المرة الأولى عام 1998 وهو يطمح إلى إنجاز مشروعه «اشتراكية القرن الحادي والعشرين» على رأس بلاده التي تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم.

وقال شافيز وقد أحاط به الوزراء وبدا حازما، إنه إذا حدث له شيء وتعين إجراء انتخابات جديدة فيجب على أنصاره التصويت لنائبه نيكولاس مادورو. وهذه هي المرة الأولى التي يرشح فيها شافيز خليفة له.

وقال: «إذا حدث شيء يجعلني غير مؤهل للحكم بصورة أو بأخرى.. ففي هذا الوضع يجب ألا يكمل نيكولاس مادورو فقط كما ينص الدستور.. الفترة الحالية، لكن في رأيي الذي لا يتزحزح... هو أنه في هذا الوضع يتعين إجراء انتخابات رئاسية جديدة كما ينص الدستور، يجب أن تنتخبوا نيكولاس مادورو رئيسا لجمهورية فنزويلا البوليفارية»، حسب «رويترز».

وقد فاز شافيز المظلي السابق الذي يبلغ اليوم 58 عاما من العمر، في كل الانتخابات التي شارك فيها، رغم اتهام معارضيه له بـ«التسلط». لكن أضعفته العلاجات الطبية التي خضع لها إثر إصابته بسرطان تم تشخيصه عام 2011، وستجرى له عملية جراحية عاجلة في هافانا التي يتوجه إليها بسبب معاودة مرضه مرة أخرى.

وفوزه الثالث في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بغالبية 54.42 في المائة من الأصوات يضمن له - إن سمح له وضعه الصحي - البقاء في الحكم حتى 2019 على أقل تقدير، على رأس بلد يملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، ليواصل مشروعه القاضي بإقامة «اشتراكية القرن الحادي والعشرين».

وقد أكد شافيز الذي عرف في الماضي خطيبا لا يكل، أنه «تعافى تماما» من مرضه أثناء الحملة الانتخابية، لكنه بدا مضعفا في الأشهر الأخيرة وقد فقد شعره وزاد وزنه كثيرا بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين في 2011 و2012 في كوبا، على أثر تشخيص ورم سرطاني في منطقة الحوض.

ولد شافيز في 1954 لأبوين معلمين بولاية باريناس (جنوب غرب). وهو أب لأربعة أبناء ويدين بالكاثوليكية. وقد طلق مرتين.

بدأ شافيز منذ 1982 يعد مشروعه الاشتراكي المستوحى من سيمون بوليفار، الشخصية الرمز في الكفاح من أجل استقلال البلاد من الإسبان. وفي 1992 نفذ اللفتنانت كولونيل في سلاح المظليين هوغو شافيز انقلابا فاشلا على الرئيس كارلوس أندريس بيريس الذي ألقى به في السجن سنتين، الأمر الذي جعله يحظى بشعبية كبيرة. وبعد ست سنوات قاد تحالف أحزاب يسارية إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية بـ56 في المائة من الأصوات. وبنى هوغو شافيز الذي يقود أكبر دولة مصدرة للنفط في أميركا الجنوبية، شعبيته على عدة برامج اجتماعية في مجال الصحة والتربية، حتى أصبح الناس الأكثر فقرا يشعرون بامتنان لا حدود له، ويكررون أنه أعاد لهم «كرامتهم» رغم تضخم كبير.

في المقابل يأخذ عليه منتقدوه أنه يفرض حضورا طاغيا، ويسخر موارد الدولة في خدمة قضية واحدة هي البقاء في الحكم.

وشافيز الذي كان متقد الحيوية والنشاط قبل مرضه، لا يرحم خصومه، ويتمتع بكاريزما قوية، ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وثقافة واسعة، طور أسلوبا في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري.

وتعتبر المؤرخة مرغاريتا لوبيث مايا التي كانت حليفته قبل أن تنتقل إلى المعارضة أن «شافيز مزيج متناقض من اليسارية والنزعة العسكرية، ولديه إقبال مفرط على السلطة. وأحد أكبر دوافعه هو البقاء في الحكم بلا حدود». وبعد محاولة الانقلاب التي تعرض لها في 2002 قرر الرئيس أن العالم ينقسم إلى فئتين: أصدقاء وخصوم، واصفا معارضيه بأنهم «خونة» و«بلا وطن». لكن خارج حدود بلاده ينظر إليه على أنه نموذج وممول لعدة زعماء يساريين في أميركا اللاتينية. وهو من أشد أنصار وحدة أميركا اللاتينية.

وقد أقام هيئات للتكامل الإقليمي ونسج تحالفات استراتيجية مع روسيا والصين وإيران، ولا يفوت فرصة لدعم قادة مثيرين للجدل، مثل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والرئيس السوري بشار الأسد. وفي الوقت نفسه أثبت تحليه بالبراغماتية، فلم يعمد يوما إلى تعليق إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة رغم انتقاداته اللاذعة «للإمبريالية الأميركية».