مسيرات إلى قصر الاتحادية ضد الإعلان الدستوري الجديد.. وحشود «الإخوان» أمام مقر الجماعة

مخاوف من تجدد الاشتباكات الدامية.. والحكومة تدعو لإنهاء الاعتصامات

متظاهرون مصريون يتدافعون بوجه قوات الحرس الجمهوري المحيطة بقصر الاتحادية أمس (أ.ب)
TT

ناشدت الحكومة مختلف القوى والتيارات السياسية في مصر فض الاعتصامات أمام المحكمة الدستورية العليا، وفي ميدان التحرير، وأمام قصر الاتحادية الرئاسي، وأمام مدينة الإنتاج الإعلامي، والتوجه للتصويت على مشروع الدستور الجديد السبت المقبل.. بينما نظم شباب الثورة مسيرات إلى قصر الاتحادية الرئاسي لرفض الإعلان الدستوري الجديد، فيما بدا أول خطوات الحركات الثورية في التصعيد ضد الرئيس محمد مرسي.

وواصل مئات من المعارضين لقرارات مرسي اعتصامهم أمام الرئاسة وفي ميدان التحرير للمطالبة بإسقاط النظام وتأجيل الاستفتاء على الدستور الجديد، بينما احتشد أنصار جماعة الإخوان أمس (الأحد) أمام المركز الرئيسي للجماعة في ضاحية المقطم (شمال شرقي القاهرة) لتأييد الإعلان الدستوري.

إلى ذلك، خيم الهدوء الحذر على محيط مدينة الإنتاج الإعلامي بضاحية 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة أمس، والذي يشهد اعتصاما لليوم الثالث على التوالي للآلاف من أنصار الشيخ السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل للمطالبة بما سموه «تطهير الإعلام».

ويرى مراقبون أن «المخاوف من تجدد الاشتباكات الدامية بين الرافضين للرئيس مرسي والمؤيدين له، دعت الحكومة ولأول مرة لإطلاق مناشدة منذ 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو اليوم الذي أصدر فيه الرئيس إعلانا دستوريا زاد فيه من سلطاته، وأدخل البلاد في حالة من عدم الاستقرار».

وأصدر مرسي إعلانا دستوريا جديدا في وقت متأخر، مساء السبت، مكونا من 5 مواد، أهمها إلغاء الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر الماضي، مع بقاء ما ترتب عليه من آثار، وأنه في حالة عدم موافقة الناخبين على مشروع الدستور المحدد لاستفتاء الشعب عليه (السبت) المقبل يدعو رئيس الجمهورية خلال مدة أقصاها 3 أشهر لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة مكونة من 100 عضو، انتخابا حرا مباشرا.

وقال الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء أمس، إن «أمام الجميع فرصة تاريخية لإثبات مواقفهم.. كل حسبما يريد.. عن طريق المشاركة في الاستفتاء.. فالشعب هو صانع المستقبل، وهو صاحب القرار.. طالما أن لديه الحرية في اللجوء إلى الصندوق.. من خلال تصويت ديمقراطي حر ونزيه».

وأكد رئيس الوزراء احترامه الكامل لحق التظاهر السلمي، وسعي الجماهير لأن تسمع صوتها، ذلك الصوت الذي أحدث ثورة التغيير العظيم في يناير (كانون الثاني) 2011، وقال: «لقد كانت تلك الاعتصامات لازمة في ذلك الوقت.. في ظل انسداد كافة الأبواب والقنوات الشرعية الأخرى لإحداث التغيير.. أما الآن فإن باب التعبير والتغيير سيكون مفتوحا على مصراعيه يوم السبت المقبل».

ودخل اعتصام معارضي الرئيس أمام قصر الاتحادية يومه الرابع أمس، وبلغت عدد الخيام 34 خيمة، ووقعت اشتباكات بين المئات من المعتصمين المعارضين للرئيس مرسي والعشرات من المؤيدين له، عندما حاول مؤيدو مرسي إقناعهم بنقل الاعتصام لمكان آخر غير قصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة، فيما تدخل البعض لفض الاشتباكات بين الطرفين.

وفي سياق آخر، اتخذ المعتصمون المعارضون لمرسي احتياطات أمنية، استعدادًا لأي محاولات لفض الاعتصام، فيما تزايدت أعداد قوات الأمن الموجودة بالمكان لتأمين الاعتصام، وطالبت قوات الأمن بعض المعتصمين الموجودين أمام البوابة الرئيسية للقصر بإزالة بعض الخيام الموجودة، وضمها لباقي الاعتصام، لرفضهم وجود أي خيام أمام بوابة القصر، وعززت قوات الحرس الجمهوري، من وجودها بمحيط القصر بـ3 كتائب إضافية، وتمركزوا أمام الجدار العازل لمنع المتظاهرين من عبوره.

ونظم العشرات مسيرات من ميدان العباسية وميدان الساعة بمدينة نصر وميدان روكسي والعديد من الميادين إلى قصر الاتحادية، للمطالبة بإلغاء الاستفتاء على الدستور ورفض الإعلان الدستوري الجديد، وحمل المتظاهرون لافتة تحمل صورا لأعضاء مكتب الإرشاد والرئيس مرسي، بالإضافة إلى عدد من الشهداء ومصابي قصر الاتحادية، مرددين هتافات، «مرشد عار.. انتو جماعة ولا عصابة»، و«الزنزانة بعد الكرسي.. ارحل ارحل»، و«عبد الناصر قالها زمان الإخوان ما لهمش أمان»، و«يلا يا ثوري قولها بجد.. الإخوان خانوا كل حد»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و«هو مرسي عايز إيه.. عايز الشعب يبوس رجليه». كما ردد المتظاهرون قسما قالوا فيه: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لدماء الشهداء، وأن أسعى جاهدا لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وأن أسعى جاهدا لإسقاط النظام وإزاحة الإخوان والله على ما أقول شهيد».

وفي السياق ذاته، اقتحم عدد من شباب الثورة المعتصمين في ميدان التحرير، أمس محطة مترو أنفاق أنور السادات بالتحرير، للمطالبة بإيقاف تشغيل المترو، اعتراضا على الإعلان الدستوري. وقال عمرو عبد الرحمن عضو اتحاد شباب الثورة إن «إيقاف مترو الأنفاق عملية ضغط سياسي تمت بطريقة منظمة، تأتي في إطار الخطوات التصعيدية للاستعداد للعصيان المدني ضد نظام الرئيس مرسي».

كما نظم عشرات الإعلاميين والإداريين العاملين في مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو»، وقفة احتجاجية، ضد السياسة التي يتبعها المسؤولون في التلفزيون المصري، والهادفة إلى «أخونة الإعلام الرسمي»، حسب قول المتظاهرين. ووضع المتظاهرون شرائط لاصقة على أفواههم، تعبيرًا عما وصفوه بـ«سياسة تكميم الأفواه التي يتبعها المسؤولون في التلفزيون»، مطالبين بعدم تكبيل الحريات وترهيب الإعلاميين، وفك الحصار البشري الذي فرضه أنصار الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، على مدينة الإنتاج الإعلامي.

ورفع المتظاهرون العديد من اللافتات، منها: «لا لأخونه الإعلام»، و«الإعلام المصري ملك الشعب»، و«من أجل إعلام حُر»، فيما أصدر المشاركون في الوقفة بيانا اقترحوا فيه إشهار النقابة المستقلة لإعلاميي ماسبيرو.

في المقابل، واصل أنصار الشيخ السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل، الاعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، وتوافد على الاعتصام، أمام مدينة الإنتاج، في الساعات الأولى من صباح أمس المئات من المتظاهرين، ورفعوا عددًا من اللافتات المطالبة بتطهير الإعلام، منها «اعتصام اعتصام.. حتى تطهير الإعلام»، و«الشعب يريد تطهير الإعلام». وأكد المعتصمون، سلمية المظاهرة والاعتصام، قائلين لـ«الشرق الأوسط»: «أتينا لتوصيل رسالة واضحة وأهداف محددة، وهي أن هذا الشعب فيه طائفة تحتاج أن يسمع صوتها».

كما دعت جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، إلى الحشد ونظمت سلسلة بشرية بمنطقة المقطم، أمام المقر العام للجماعة وللحزب، تنديدًا باقتحام المقر مؤخرًا، والإعلان عن أن الجماعة ستؤمن مقارها ولن تتركها للأمن مرة أخرى، حسب تصريحات الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة. وقالت مصادر داخل حزب الحرية والعدالة، إن «الجماعة قررت تنظيم سلسلة بشرية في المنطقة لتأييد الإعلان الدستوري الجديد، وتوجيه الدعوة للاستفتاء على الدستور الجديد (السبت) المقبل، إضافة إلى الإعلان عن التنديد باقتحام المقر العام للجماعة، والمطالبة بمحاكمة المتهمين المتورطين في اقتحامه.