المالكي يقر بوجود حالات تعذيب في السجون.. ويتهم البعثيين بممارستها

قيادي في «القائمة العراقية» لـ «الشرق الأوسط»: نريد أفعالا لا أقوالا

TT

أقر رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، ولأول مرة، بوجود حالات تعذيب في السجون والمعتقلات العراقية، محملا «من ما زالوا يملكون عقلية (البعث) والنظام السابق» مسؤولية تلك الممارسات. وقال المالكي، في كلمة له خلال احتفالية أقامتها وزارة حقوق الإنسان ببغداد، أمس، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إنه «ليس من حق أحد أن يعذب سجينا، ولكن مع الأسف الشديد عندنا أناس ما زالوا يملكون عقلية (البعث) والنظام السابق ويمارسون هذه الممارسة»، مبينا أنها «موجودة ولكنها ليست متبناة من قبل الحكومة».

وأضاف المالكي أنه «يتمنى على الذين يطالبون بحقوق السجناء أن يقولوا لنا من الذي تجاوز على السجين حتى نتعاون في معاقبته؟»، داعيا «وزارة حقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في البرلمان إلى المطالبة بحقوق الطفل والناس المضطهدين والمحرومين».

من جهته، اعتبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد، مارتن كوبلر، أن كلام المالكي بشأن حقوق الإنسان يعكس تماما أجندة الأمم المتحدة. وقال كوبلر في كلمة مماثلة ألقاها في الاحتفالية إن «هذا هو الالتزام الحقيقي والصحيح بحقوق الإنسان». وشدد على ضرورة أن «لا نتوقف عند هذا، بل ننتقل إلى المفصل الثاني من حقوق الإنسان وننظر إلى الحقوق الثقافية والاقتصادية»، مؤكدا أن «العيش الكريم والحياة والتعبير، كلها حريات لا يمكن التغاضي عنها».

لكن حامد المطلك، عضو البرلمان العراقي عن «ائتلاف العراقية» بزعامة إياد علاوي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إقرار رئيس الوزراء نوري المالكي بوجود حالات تعذيب أمر يسجل له ونحن نشكره عليه، ولكن المهم هنا هو أن تتحول الأقوال إلى أفعال». وأضاف المطلك: «إننا نطالب المالكي بمحاسبة المسؤولين عن ذلك بشدة، لكي لا تتكرر مثل هذه الممارسات وتتحول إلى أمر واقع، حتى بافتراض أنها حالات فردية أو لم يتم تبنيها من قبل الدولة». وأوضح أن «هناك أمورا لا يمكن التغاضي عنها، منها نشاط المخبر السري، والمادة 4 إرهاب، والاعتقالات العشوائية، وحالات التعذيب التي تمارس في السجون والمعتقلات، فضلا عن انتزاع الاعترافات بالقوة»، معتبرا أن «كل ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان معدوم بالعراق».

وبشأن دعوة المالكي الشركاء السياسيين لعدم الاقتصار على حقوق السجناء والانطلاق نحو مفهوم أوسع لحقوق الإنسان، قال المطلك إن «أهم دعامة لحقوق الإنسان هي الكرامة، وحين تنتهك هذه الكرامة ما الذي يمكن أن يتبقى من هذه الحقوق!»، مشيرا إلى «إننا نطمح إلى أن ننطلق نحو مفاهيم أوسع لحقوق الإنسان مثل حرية الرأي وحرية السكن والتعلم وغيرها، ولكن كيف يمكن أن يحصل ذلك والممارسات مستمرة على صعيد الاعتقالات العشوائية وانتزاع الاعترافات بالقوة»، معتبرا أن «البداية الحقيقية للتفكير في حقوق الإنسان تبدأ من خلال إيقاف الاعتقالات العشوائية ومحاسبة المخبر السري في حال لم يكن على حق، وإيقاف التعذيب، وتطهير الأجهزة الأمنية من الجهات التي لا تحترم آدمية الإنسان». وأوضح المطلك أن «هناك في الأجهزة الأمنية قتلة يقومون بدور القضاء، وبصرف النظر عن كونها حالات فردية أم لا فإنها موجودة وتتطلب المحاسبة السريعة».

في السياق نفسه، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان في العراق، كامل أمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما أعلنه رئيس الحكومة في كلمته مبني على التقارير التي ترفعها إليه وزارتنا»، مؤكدا أن «المالكي كثيرا ما يكتب ملاحظات تتضمن اتخاذ إجراءات شديدة بحق المقصرين». وأضاف أمين أن «مشكلة حقوق الإنسان تحولت في العراق إلى ملف سياسي، وتم اختزال هذا الملف في حق واحد هو ما يجري في السجون والمعتقلات»، مبينا أنه «مع أهمية هذا الموضوع، إلا أنه لا يجري بطريقة ممنهجة، وإنما يقوم به أفراد يحملون ثقافة العنف والانتقام وهو ما يحتاج إلى وقت لكي تنتهي مثل هذه الممارسات». وكشف أمين عن «وجود حالات فردية لعمليات اغتصاب حصلت في السجون قبل عدة سنوات وتمت محاسبة من قام بذلك في واحدة منها، بينما لا يزال أحد أفراد الشرطة من قام باغتصاب امرأة لدى نقلها إلى التحقيق هاربا حتى الآن مع أنه أصبح لديها طفل».