مقتل عنصر أمن تونسي في مواجهات مع مسلحين قرب الحدود الجزائرية

دول غربية «قلقة» من تجاوزات رابطة حماية الثورة في تونس.. والغنوشي يرفض حلها

TT

قتل عنصر بجهاز الحرس الوطني (الدرك) التونسي في مواجهات أمس مع مسلحين بولاية القصرين (غرب) على الحدود مع الجزائر حسب ما أفاد مصدر أمني بالمنطقة لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال المصدر الأمني إن «المواجهات، بين الحرس الوطني مستمرة» وأن السلطات أرسلت تعزيزات أمنية وعسكرية بينها طائرتا هليكوبتر ومدرعات لتعقب المسلحين.

وأوضح أن حارس شركة للتنقيب عن النفط أبلغ مركزا للحرس الوطني أنه شاهد خمسة «ملتحين» اشتبه في أمرهم قرب بلدة بوشبكة التونسية على بعد كيلومترين من الحدود الجزائرية. وأضاف أن رئيس مركز الحرس الوطني توجه بنفسه إلى المكان الذي شوهد فيه المسلحون فقتلوه.

ولم يكن بوسع المصدر الأمني تحديد ما إذا كان المسلحون ينتمون إلى التيار السلفي الجهادي المسؤول عن أعمال عنف دامية شهدتها تونس منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في 14 من يناير (كانون الثاني) 2011، لكنه لم يستبعد أن يكونوا من مهربي الأسلحة.

وفي 18 مايو (أيار) 2011 قتل عقيد وجندي بالجيش التونسي، ومسلحان يشتبه في انتمائهما إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، خلال اشتباكات في بلدة الروحية بولاية سليانة (شمال غرب). وأعلنت وزارة الداخلية وقتئذ أن المسلحين تسللا من الجزائر المجاورة التي تتقاسم مع تونس حدودا برية على طول نحو ألف كيلومتر. وينتشر عبر هذه الحدود تهريب المحروقات والأغذية والمخدرات وأيضا الأسلحة.

والسبت الماضي اعتقلت الشرطة سلفيين في بلدة فريانة بولاية جندوبة (شمال غرب) القريبة من الحدود الجزائرية وصادرت منهما أسلحة ومتفجرات ومخدرات وخرائط وأزياء عسكرية.

وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي في مقابلة نشرتها مجلة «وورلد توداي» البريطانية الجمعة الماضي «وصلت كميات من الأسلحة التي كانت بحوزة نظام (العقيد الليبي الراحل) معمر القذافي إلى الإسلاميين ليس فقط في ليبيا، بل أيضا في الجزائر وتونس».

من جهة أخرى أعلن مسؤول حكومي تونسي أمس أن دولا غربية أعربت عن «قلقها» من التجاوزات القانونية في تونس التي تقوم بها «الرابطة الوطنية لحماية الثورة» غير الحكومية والمحسوبة على حركة النهضة الإسلامية الحاكمة.

وقال التهامي العبدولي كاتب الدولة المكلف بالشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية التونسية، إن مسؤولين في وزارات خارجية دول غربية شاركوا في اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الذي عقد في دبلن بآيرلندا في 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أعربوا له عن «القلق» من تجاوزات رابطة حماية الثورة وتساءلوا «ماذا تفعل هذه الرابطة، وأين القانون، وأين القضاء؟».

وأضاف العبدولي وهو قيادي في حزب التكتل (يسار وسط) شريك حركة النهضة في الائتلاف الحاكم، في تصريح لإذاعة «شمس إف إم» التونسية الخاصة أن هؤلاء المسؤولين الذين لم يسمهم لفتوا إلى أنه «لا يمكن لرابطة حماية الثورة أن تعوض تدخل الدولة لإحلال القانون وإحلال السلم». وشدد الوزير على ضرورة «تفعيل القانون» و«حل رابطات خراب الثورة» على حد تعبيره. وقال «الخطر الكبير هو أن توجد مجموعات تعوض دور الدولة وإن سمحنا لهؤلاء بأن يقوموا بدور الدولة فهذا الذي سيسقط الدولة».

وفي يونيو (حزيران) 2012 حصلت رابطة حماية الثورة على رخصة قانونية من حكومة حمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة.

ومنذ ذلك التاريخ تتالت اعتداءات محسوبين عليها على نشطاء سياسيين معارضين للحكومة ونقابيين وصحافيين وفنانين.

وفي 18 أكتوبر (تشرين الأول)، قتل محسوبون على الرابطة لطفي نقض منسق حزب «نداء تونس» المعارض في ولاية تطاوين (جنوب). وأقر الرئيس التونسي منصف المرزوقي أن لطفي نقض «قتل» وتم «سحله» بينما اعتبر الباجي قايد رئيس حزب نداء تونس أن القتيل كان ضحية «أول عملية اغتيال سياسي في تونس بعد الثورة» التي أطاحت في 14 يناير2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وفي الرابع من الشهر الحالي أصيب العشرات بجراح عندما هاجم محسوبون على رابطة حماية الثورة مقر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية في تونس) مستعملين «كل أدوات الإرهاب والتخريب من حجارة وعصي وقضبان حديدية وغازات مشلة للحركة» وفق بيان اتحاد الشغل.

وأكدت وزارة الداخلية أن «أغلب» مهاجمي مقر الاتحاد ينتمون إلى «الرابطة الوطنية لحماية الثورة». واعتبر الاتحاد الهجوم على مقره «حادثة غير مسبوقة وقع التمهيد لها بتصريحات حشد وتحريض مناوئة للاتحاد والنقابيين من قبل قيادات حزبية ومسؤولين في الحكومة» التي حملها «مسؤولية تفشي كل مظاهر العنف التي تمارس ضد كل مكونات المجتمع المدني بما فيها الاتحاد». وطالب الاتحاد بحل رابطة حماية الثورة «التي أثبتت الأحداث التي عاشتها بلادنا في الأشهر الأخيرة، أنها ميليشيات تتحرك بأمر من الحزب الحاكم للاعتداء على كل من يخالفه الرأي».

وينظم اتحاد الشغل يوم 13 ديسمبر الحالي إضرابا عاما هو الأول منذ 34 عاما احتجاجا على مهاجمة مقره. ويرفض راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة حل رابطة حماية الثورة.

وقال الغنوشي في مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي «أنا أدافع عن رابطة (حماية) الثورة لأنها منتوج من منتوجات الثورة وهم مستقلون وليسوا تابعين لأي جهة». بدوره رفض محمد عبو أمين عام حزب «المؤتمر» (يسار وسط) شريك حركة النهضة في الائتلاف الثلاثي الحاكم، حل رابطة حماية الثورة.

وقال في تصريح نقلته الاثنين وكالة الأنباء التونسية إن الرابطة «يجب أن تبقى ضمير الثورة الحي وإحدى آليات الضغط على الحكومة في مجابهة خطر عودة الاستبداد والحياد عن مبادئ الثورة في كنف احترام القانون». ويصف معارضون رابطة حماية الثورة بأنها «عصابة إجرامية» و«ذراع عسكرية» في خدمة حركة النهضة. ويقول هؤلاء إن الرابطة تضم بلطجية مأجورين ومنتمين سابقين لحزب «التجمع» الحاكم في عهد بن علي.