تونس: الحكومة ضد الإضراب العام.. والمعارضة وموظفو الحكومة يدعمان مبدأ المشاركة

تأجيل الإعلان عن تركيبة الهيئة العليا لإصلاح الإعلام لعدم التوافق على تركيبتها

TT

قبل يومين من تنفيذ الإضراب العام الذي دعا له في تونس الاتحاد العام التونسي للشغل (الاتحاد العمالي)، بدأت خارطة الإضراب العام تتضح بين مؤيدين للإضراب ومعلنين عن المشاركة المبدئية في تنفيذه باعتباره ضرورة اجتماعية وسياسية، وبين رافضين لمبدأ الإضراب الذي يفتح البلاد على أكثر من احتمال سياسي بما فيه المواجهة المفتوحة بين القوتين المتجاذبتين ممثلتين في حركة النهضة من جهة والاتحاد العمالي في الجهة المقابلة.

ولم تنجح عمليات المصالحة وتقريب الشقة بين الطرفين التي قادها النقابيان السابقان أحمد بن صالح وأحمد المستيري، وظل كل طرف متمسكا بموقعه في انتظار ساعات الحسم الأخيرة. ويتهم الاتحاد العمالي من قبل الحكومة التي تقودها حركة النهضة بالخلط بين الجوانب السياسية والمطالب النقابية في أنشطته.

وعارضت حكومة الجبالي المكونة من الائتلاف الثلاثي الحاكم علنا المشاركة في الإضراب العام المقرر ليوم الخميس 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ودعت التونسيين إلى العدول عن المشاركة لوجود «تهديدات غير محمودة في ظرف حساس ودقيق تمر به تونس»، فإن أطرافا أخرى تمسكت بالإضراب من بينهم موظفو رئاسة الحكومة التونسية الذين أعلنوا مساندتهم الإضراب العام وهم مع مبدأ المشاركة وذلك حسب ما تضمنه بيان صدر أمس في تونس العاصمة، وعارضوا بذلك موقف حكومة حمادي الجبالي.

وتؤيد قوى المعارضة المكونة بالأساس من التيارات اليسارية مبدأ تنفيذ الإضراب العام ودعت له عبر مختلف منابر الإعلام ووجدت له كثيرا من التبريرت، في حين يخوض مخيم التيارات الدينية الخطوات الحاسمة في اتجاه التقليص من المشاركة في إضراب اعتبرته بعض المنابر الدينية «حراما وإثما» في حق التونسيين.

حول هذا الحدث الاجتماعي الذي لم يحصل في تاريخ تونس الحديث إلا مرة واحدة في يناير (كانون الثاني) من سنة 1978، صرح سامي الطاهري الناطق باسم الاتحاد العمالي لـ«الشرق الأوسط» أن الإضراب العام يأتي استجابة لدعوة الهيئة الإدارية للاتحاد الأعمالي وأن مبدأ المشاركة يجب أن يكون عن قناعة بأن ما تعرض له النقابيون من عنف يوم 4 ديسمبر، يتطلب مثل ذاك الإجراء القانوني. واستثنى الطاهري أقسام الاستعجالي والمخابز وقطاعي الكهرباء والغاز والمياه من المشاركة في الإضراب بتعلة ضمان انسياب الحاجيات الأساسية والضرورية لحياة التونسيين. وقال إن معظم المناطق الداخلية في تونس مستعدة للمشاركة في الإضراب.

وكانت ولايات سيدي بوزيد وقفصة والقصرين وصفاقس وتوزر قد استبقت موعد الإضراب العام ونفذت إضرابات يوم 6 ديسمبر الجاري.

ودعا الطاهري من ناحية أخرى الهياكل النقابية إلى تجنب كل عوامل الاستفزاز حتى تكون رسالة الإضراب العام حضارية بكل المعاني على حد تعبيره. وأفاد الطاهري أن الاتحاد العمالي لن يجبر التونسيين على المشاركة في الإضراب وأن المشاركة يجب أن تكون مبدئية وعن قناعة.

أما بالنسبة لقطاع الإعلام الذي يعيش حالة مد وجزر مع حكومة الجبالي، ويتهمها بالتضييق على الحريات، فإن الطاهري قد أكد فيما يتعلق بالإعلام السمعي البصري الاقتصار على تحرير الأخبار دون تغطية أي نشاط آخر.

وبشأن الإعلان عن تركيبة الهيئة العليا لإصلاح الإعلام السمعي والبصري الذي كان مقررا له يوم أمس، فقد أعلنت الحكومة عن تأجيل الموضوع إلى وقت لاحق بسبب عدم التوصل إلى توافق حول تركيبة الهيئة ومن سيترأسها.

وفي هذا الشأن، صرح زياد الهاني عضو نقابة الصحافيين التونسيين لـ«الشرق الأوسط» أن من صلاحيات رئيس الدولة المنصف المرزوقي أن ينسق مع هيئة الإعلام السابقة التي ترأسها كمال العبيدي، لغرض تكوين هيئة جديدة إلا أن الأمر لم يحصل إلى حد الآن لاختلاف الائتلاف الثلاثي ونقابة الصحافيين التونسيين وبقية مكونات المجتمع حول رئاسة الهيئة وكيفية تعيين أعضائها والشروط الضرورية لذلك.

وأضاف الهاني أن الفصل 47 من المرسوم عدد 116 المنظم لقطاع الإعلام، قد مكن نقابة الصحافيين من ترشيح عضوين من أعضائها ضمن تركيبة الهيئة. وأكد أن نقابة الصحافيين التونسيين تدعو إلى أن يكون رئيس الهيئة العليا لإصلاح الإعلام من الشخصيات الإعلامية المعروفة باستقلاليتها وهي كذلك تتمسك بحقها ذاك وهي قد تلجأ إلى القضاء في صورة عدم مراعاة حقوق الصحافيين التونسيين.