الاتحاد الأوروبي الغارق في أزمته يتسلم «نوبل للسلام»

6 قادة غير متحمسين للوحدة غابوا عن المناسبة.. وباروسو يشدد على إنقاذ اليورو

ملك النرويج هارالد (يسار) وزوجته الملكة سونيا (الثانية يسارا) فالأميرة ميت ماريت وولي العهد هاكون، خلال حضورهم برفقة قادة الاتحاد الأوروبي، حفل تسليم جائزة نوبل للسلام في أوسلو أمس (أ.ب)
TT

تسلم الاتحاد الأوروبي الغارق في أسوأ أزمة في تاريخه أمس جائزة نوبل للسلام تكريما لدوره في تحويل «قارة في حالة حرب إلى قارة سلام»، بينما تحدث ممثلوه في هذه المناسبة عن وحدة ناقصة لكنها ضرورية لتفادي عودة خلافات الماضي. وجرى حفل نوبل على خلفية أزمة كانت حاضرة في كل الأذهان وعلى كل الشفاه في مقر بلدية أوسلو. وحضر الحفل نحو عشرين رئيس دولة وحكومة بينهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الجالسان جنبا إلى جنب واللذان وقفا معا للترحيب بالحضور.

وتحدث رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي أحد الممثلين الثلاثة المكلفين بتسلم الجائزة باسم الاتحاد الأوروبي، في خطابه بإسهاب عن التبعات الاجتماعية المأساوية لـ«أسوأ أزمة اقتصادية منذ جيلين» سواء كان بالنسبة لحاملي الشهادات الذين يبحثون عن أول عمل أو العاملين الذين صرفوا من الخدمة. وقال إن «المحنة التي تواجهها أوروبا اليوم هي حقيقية»، لكنه كرر أن الاتحاد سيخرج «قويا» من صعوباته.

وقد أثار منح جائزة نوبل للسلام الاتحاد الأوروبي انتقادات تجاوزت أوساط المعارضين لأوروبا خصوصا لأن أزمة منطقة اليورو وضعت تضامن الدول الأعضاء على المحك وتسببت باضطرابات اجتماعية اتسمت بالعنف أحيانا ونزعات متطرفة في دول مثل اليونان.. فعلى الرغم من ثلاث سنوات من المفاوضات البالغة الحدة في بعض الأحيان لم تتوصل الدول الثرية في شمال القارة ودول الجنوب التي ترزح تحت الديون والمرغمة لاعتماد سياسات تقشف مؤلمة، بعد إلى حل للأزمة.

وقبل تسليم الجائزة إلى ممثلي المؤسسات الأوروبية الثلاث الرئيسية (فان رومبوي ورئيسا المفوضية جوزيه مانويل باروسو والبرلمان مارتن شولتز)، دعا رئيس لجنة نوبل النرويجية ثوربيورن ياغلاند الاتحاد إلى «المضي قدما» رغم الأزمة. وقال ياغلاند إن «إنقاذ ما تم تحقيقه وتحسين ما تم إنشاؤه لحل المشاكل التي تهدد الأسرة الأوروبية اليوم، هو الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل الناجمة عن الأزمة المالية». وأضاف رئيس لجنة نوبل المعروف بتأييده لأوروبا رغم أن بلاده النرويج ترفض بإصرار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: «معا علينا أن نعمل حتى لا نخسر ما بنيناه على أنقاض حربين عالميتين».

وفي خطاب استخدم فيه لغات مختلفة (رمزا للتنوع الأوروبي)، أقر باروسو بـ«شوائب» الاتحاد لكنه شدد على المكتسبات التي حققها في قارة شهدت كما قال المحرقة والحروب والنزعات القومية المتطرفة. إلا أنه تعهد بالدفاع عن اليورو رمز الوحدة الأوروبية، فقال: «اليوم أحد الرموز الأوضح لوحدتنا هو في أيدي الجميع، إنه اليورو عملة أمتنا الأوروبية. سندافع عنه». وأضاف أن «سعينا إلى الوحدة الأوروبية ليس عملا فنيا كاملا، إنه عمل قيد التحقيق يتطلب اهتماما مستمرا ودقيقا».

لكن جائزة نوبل لم تقض على الخلافات القديمة.. ففي الأشهر الأخيرة لم يتمكن الأوروبيون من التوصل إلى تفاهم على ميزانيتهم المشتركة المقبلة أو التحدث بصوت واحد في الأمم المتحدة بشأن الطلب الفلسطيني لرفع وضعها. وحتى بالنسبة للحفل المفترض أن يكرمهم لم تكن الدول السبع والعشرون على الموجة نفسها.. فنحو ستة من القادة الأوروبيين لم يلبوا الدعوة وليس دوما بسبب مسائل مرتبطة بجدول الأعمال. ومن أبرز الغائبين عن الحفل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي لا يعد من بين أكثر المتحمسين لأوروبا. وقد حل مكانه المسؤول الثاني في الحكومة نيك كليغ. كما غاب عن المناسبة الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس الذي يعد من أبرز المعارضين للمؤسسة الأوروبية. وفي هذا الصدد قال شولتز في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية: «أجد غياب كلاوس وديفيد كاميرون منسجما.. فالناس الذين لا يريدون الاتحاد الأوروبي لماذا يأتون؟!». وأضاف: «إني أحترم ذلك أكثر من الحضور إلى هنا الذي ربما يكون على شيء من الخبث».

من ناحية أخرى، تم أمس أيضا تسليم جوائز نوبل للآداب والكيمياء والفيزياء والطب والعلوم الاقتصادية.