رد إسرائيلي هستيري على قرار أوروبا بإدانة الاستيطان

منظمة التحرير ترحب وتطالبها بإعادة النظر في علاقاتها مع تل أبيب

TT

على الرغم من نجاح إسرائيل في تخفيف لهجة بيان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في إدانة الاستيطان، خرجت حكومة بنيامين نتنياهو برد هستيري عليه، بلغ حد اتهام الأوروبيين بتكرار «تصرفهم قبل 70 سنة، عندما سكتوا على صعود النازية وبدء مشروع إبادة اليهود». وواصلت وزارة الخارجية الإسرائيلية حملة سياسية وإعلامية معادية للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في أوروبا، بدعوى أنه لا يستنكر تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، التي تحدث فيها عن هدف القضاء على إسرائيل.

وقال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، خلال حديث إذاعي، أمس، إن «أوروبا تتجاهل من جديد، دعوات إبادة إسرائيل، التي أطلقها مشعل وسكت عليها أبو مازن، تماما مثلما فعلت قبل 70 عاما، عندما تجاهلت ما يحدث في (معسكرات التجميع) التي نقل منها اليهود إلى أفران الغاز».

وكان ليبرمان يرد بذلك على بيان الاتحاد الأوروبي الذي أعرب عن «صدمته ومعارضته الشديدة» للخطط الاستيطانية الإسرائيلية الجديدة، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وخصوصا المنطقة «إي - 1»، وحذر من أن «إنجاز المشروع الاستيطاني سيقسم الضفة الغربية إلى قسمين ويعزلها عن القدس، وبالتالي يهدد فرص قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وينسف بشكل خطير آفاق حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني» وهدد باتخاذ إجراءات ضد المخطط الاستيطاني.

وفي السياق نفسه، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قد استبق القرار الأوروبي بتصريحات أمام ممثلي الصحف الأوروبية في تل أبيب، استهجن فيها انشغال الأوروبيين بالاستيطان وتجاهلهم الدعوة التي أطلقها مشعل. فقال: «دعا قادة حماس في نهاية الأسبوع على الملأ إلى تدمير إسرائيل. أين كان قرار الأمم المتحدة؟ أين كان أبو مازن؟ لماذا لم يتم استدعاء الدبلوماسيين الفلسطينيين في العواصم الأوروبية من أجل الاستفسار؟ لماذا لم يستهجن ذلك الرئيس الفلسطيني فحسب، بل لماذا تحدث رجاله عن نيتهم بالتوحد مع حماس؟ كان هناك صمت مدوٍّ ولن نستطيع أن نقبل بذلك. لن نقبل بأن لا يجد المجتمع الدولي أي مشكلة في أن يرفع صوته عندما تبني إسرائيل في عاصمتنا التاريخية، ولكن عندما يدعو زعماء الفلسطينيين، على الملأ، إلى تدمير دولة إسرائيل، فعندئذ يسكت العالم. ولكن إسرائيل لن تسكت. سنقول الحقيقة وسندافع عن حقوقنا من أولئك الذين يريدون أن ينكروا ماضينا ويمحوا مستقبلنا. إسرائيل ستستمر بقول الحقيقة عن حقوقنا على هذه الأرض، وبالدفاع عن شعبنا من الأعداء الذين يريدون أن يبيدونا».

ويذكر أن وزراء الاتحاد الأوروبي أدانوا، أيضا، تصريحات خالد مشعل. والقرار الذي اتخذوه كان قد تعرض لتعديلات كثيرة نتيجة لضغوط إسرائيلية. وكما قالت صحيفة «هآرتس»، في موقعها على الشبكة أمس، فإن إسرائيل مارست ضغوطا شديدة على الأوروبيين من خلال ألمانيا وتشيكيا، أدت إلى نزع فقرات ملموسة من البيان، وبالتالي أفقدته أي صيغة عملية، وجعلته يقتصر على الجانب الشكلي فقط. هكذا على سبيل المثال تم اقتطاع البند الذي ربط بين علاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل بمدى التقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين. وتم تخفيف البند المتعلق بوضع علامات على منتجات المستوطنات، بحيث صار مجرد تصريح. وتشير الصحيفة إلى أن البند الوحيد الذي يحمل صبغة عملية هو المتعلق بالمتابعة عن كثب لأبعاد المخطط الاستيطاني في المنطقة «إي - 1»، والعمل بما يتناسب مع ذلك، إلا أن هذا البند غامض أيضا.

من جهة ثانية، واصلت وزارة الخارجية الإسرائيلية، حملة إعلامية تنشر بموجبها إعلانات في الصحف الأوروبية، تحمل صور الرئيس الفلسطيني عباس ومسؤول حماس مشعل متعانقين، لتظهرهما وكأنهما شخصية واحدة تكمل إحداهما الأخرى. وقد أثارت هذه الحملة انتقادات حتى داخل السلك الدبلوماسي الإسرائيلي نفسه، حيث قيل إنها لن تحقق أي مكسب لإسرائيل بل قد تضرها. لكن ليبرمان أصر عليها. وستنشر الإعلانات باسم الوكالة اليهودية، ورصد لها نحو نصف مليون دولار.

وفي رام الله، رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بالبيان الأوروبي، لكنها طالبت الاتحاد بالتحلي بالإرادة السياسية من أجل تعزيز فرص السلام وحل الدولتين. وقالت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي، إن الاتحاد الأوروبي مطالب بربط الاستنتاجات التي خلص لها بيان وزراء خارجيته، بخطوات ملموسة وعملية، وإعادة النظر ليس في حظر منتجات المستوطنات وحسب، بل بعلاقاته السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، والاتفاقيات الموقعة معها، وخاصة اتفاقية الشراكة.

ورحبت عشراوي بموقف الاتحاد الأوروبي الذي أدان التوسع الاستيطاني غير الشرعي، وخاصة في القدس ومحيطها، بما فيها مشروع (إي 1)، وطالبته بالتحلي بالإرادة السياسية من أجل تعزيز فرص السلام وحل الدولتين في المنطقة.

وقالت عشراوي في بيان «إن التصعيد والاستفزاز المدروس الذي تمارسه قوة الاحتلال بانتهاكاتها المتعمدة للاتفاقات والقانون الدولي، من شأنه جر المنطقة إلى العنف وعدم الاستقرار، وستتحمل فيه إسرائيل المسؤولية الأولى، وخاصة إمعانها في هدم المنازل، والتوسع الاستيطاني، وسرقة أموال الضرائب الفلسطينية، والاعتداء على قوات الأمن الفلسطيني، واجتياح أراضي دولة فلسطين، واقتحام مقرات ومؤسسات أهلية وحقوقية في مدينة رام الله».

وأكدت عشراوي على حق فلسطين «في مقاضاة وملاحقة الاحتلال»، وطالبت الاتحاد الأوروبي «باتخاذ تدابير مباشرة من أجل لجم العدوان الإسرائيلي عن أرض دولة فلسطين، ومساءلة ومحاسبة الاحتلال على خروقاته واحتلاله، وتأمين الحماية لشعبنا».