تونس: تواصل المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل من أجل إلغاء الإضراب العام

المرزوقي يلغي جولة للخارج بسبب الأوضاع في البلاد

TT

ألغى الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي زيارتين مقررتين للخارج هذا الأسبوع بسبب الأوضاع «الحساسة» في البلاد. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية أمس إن الرئيس المنصف المرزوقي قرر إلغاء زيارتيه الرسميتين لكل من بلغاريا وبولونيا المقررتين أيام 13 و14 و15 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، على أن يتم تحديد مواعيد أخرى مع الدولتين الصديقتين بالطرق الدبلوماسية.

وأرجع البيان سبب إلغاء الزيارتين إلى الوضع الحساس الذي تمر به البلاد وتصاعد التجاذبات السياسية، ولمتابعة المساعي من أجل تخفيف حدة الاحتقان بين الأطراف الوطنية.

وفي سياق ذلك، تشهد تونس أيضا توترا شديدا بين الحكومة المؤقتة والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، على خلفية الإضراب العام المعلن يوم الخميس.

واستؤنفت أمس في تونس العاصمة المفاوضات بين الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي، أمين عام حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر اتحاد عمالي في البلاد، بهدف التوصل إلى اتفاق قد يلغي إضرابا عاما مقررا يوم غد الخميس يعتقد أنه سيحدث خسائر اقتصادية. بيد أن الطرفين المتفاوضين لم يتوصلا أمس إلى أي اتفاق نهائي لتأجيل الإضراب أو إلغائه، وينتظر أن يواصلا اليوم مفاوضاتهما رغبة في الوصول إلى نتيجة إيجابية.

وفي غضون ذلك، سيطر الانتظار على الساحة السياسية التونسية وسط دعوات متناقضة، منها ما يدعم الإضراب بقوة ويقيم مظاهرات لتنفيذه بنجاح، ومنها من يحرمه ويرى أن المشاركة فيه «إثم» ولا تجوز من الناحية الشرعية.

وفي سياق ذلك، تم أمس في تونس العاصمة تنظيم مظاهرات تأييد لدعوة اتحاد الشغل إلى الإضراب.

وأقر بلقاسم العياري، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بوجود بوادر انفراج ضئيل من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، ولم يوضح إن كان قرار تأجيل الإضراب أو إلغائه قد تم اتخاذه، أو تم التوصل إلى صيغة تفاهم بين الجانبين حول مجموعة من الشروط التي طالب بها كل طرف.

وكان الاتحاد قرر الإضراب العام ردا على تعرض مقره الرئيسي في العاصمة تونس في الرابع من الشهر الحالي لهجوم من قبل مئات من المحسوبين على «الرابطة الوطنية لحماية الثورة»، وهي جمعية غير حكومية تقول المعارضة إنها «ميليشيات» تابعة لحركة النهضة. وساعة الهجوم، كان الاتحاد ينظم حفلا بمناسبة الذكرى الستين لاغتيال فرحات حشاد زعيم الحركة النقابية في تونس زمن الاستعمار الفرنسي.

ورجح مراقبون أن يكون الهجوم الأخير على مقر الاتحاد ردا على تبنيه إضرابا عاما وتحركات احتجاجية شهدتها ولاية سليانية (شمال غرب) في الفترة ما بين 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري و2 ديسمبر المقبل. ويطالب الاتحاد بشكل أساسي بحل الرابطة التي قال في بيان إن «الأحداث التي عاشتها بلادنا في الأشهر الأخيرة، أثبتت أنها ميليشيات تتحرك بأمر من الحزب الحاكم للاعتداء على كل من يخالفه الرأي». ووزعت رابطة حماية الثورة التي تدعم وجهة نظر الحكومة وتعارض الإضراب العام، آلاف المنشورات دعت من خلالها التونسيين إلى مقاطعة الإضراب العام، وأعلنت مسبقا عن فشله، وقالت إنها حثت جميع التونسيين إلى بذل جهد أكبر في مواقع العمل يوم الإضراب لحاجة تونس لذلك خلال هذه المرحلة. وأعلنت ست جمعيات دينية، من بينها الجمعية التونسية لأئمة المساجد، والجمعية التونسية للعلوم الشرعية، أمس في بيان مشترك لها، أنها ضد الإضراب، وأقرت بتحريمه.

ويرفض راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة حل رابطة حماية الثورة. وقال الغنوشي في مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي: «أدافع عن رابطة (حماية) الثورة لأنها منتوج من منتوجات الثورة، وهم مستقلون وليسوا تابعين لأي جهة». وفي يونيو (حزيران) 2012 حصلت الرابطة الوطنية لحماية الثورة على تأشيرة قانونية من حكومة الجبالي.

ولم يسبق للاتحاد العام التونسي للشغل أن أعلن الإضراب الوطني العام إلا مرتين، الأولى في 26 يناير (كانون الثاني) 1978 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وترافق مع أحداث دامية وقمع شديد من السلطات. أما المرة الثانية فكانت دعوة للإضراب العام لساعتين فقط يوم 12 يناير 2011 قبل يومين من سقوط نظام زين العابدين بن علي.

إلى ذلك، عثر الأمن التونسي على بطاقة هوية جزائرية وشريحة هاتف جوال تونسي وبقايا أطعمة في مخيم أقامته غرب تونس مجموعة مسلحة قتلت الاثنين عنصرا بجهاز الحرس الوطني (الدرك) التونسي، حسبما أبلغ وكالة الصحافة الفرنسية مصدر أمني أمس وقال المصدر إن المخيم أقيم قرب بلدة درناية بمعتمدية فريانة الجبلية من ولاية القصرين القريبة من حدود الجزائر، وإن وحدات خاصة من الأمن والجيش التونسيين باشرت تمشيط المنطقة بحثا عن المسلحين.

وأضاف أنه تم إغلاق 220 كيلومترا من حدود تونس المشتركة مع الجزائر باستثناء معبر «بوشبكة» بمعتمدية فريانة الذي أخضع لإجراءات مراقبة مشددة.

والاثنين قتل عنصر بالحرس الوطني وأصيب أربعة آخرون بجراح خلال مواجهات مع مجموعة مسلحة في منطقة جبلية بمعتمدية فريانة. وقال التلفزيون الرسمي التونسي إن حالة أحد المصابين «خطيرة».

ولم تعط الوزارة أي تفاصيل عن عدد أفراد المجموعة وانتماءاتهم، أو الوجهة التي قدموا منها وتلك التي كانوا يقصدونها.

لكن مصدرا أمنيا قال لوكالة الصحافة الفرنسية إن حارس شركة للتنقيب عن النفط أبلغ مركز الحرس الوطني بأنه شاهد خمسة «ملتحين» اشتبه في أمرهم قرب بلدة بوشبكة التي تقع على بعد كيلومترين من الحدود الجزائرية.

وبحسب المصدر تحول رئيس مركز الحرس الوطني بنفسه إلى المنطقة فقتل في تبادل لإطلاق النار مع عناصر المجموعة.