مصر: «جبهة الإنقاذ» تعلن مشاركتها في الاستفتاء على الدستور.. وتدعو للتصويت بـ«لا»

المؤسسة العسكرية ترجئ دعوتها للحوار بسبب «المستوى غير المتوقع لردود الفعل»

مصرية تدلي بصوتها في الاستفتاء حول الدستور في السفارة المصرية بالكويت، وهي تظهر توجهها السياسي بارتداء قميص عليه شعار «لا للدستور» (رويترز)
TT

في تطور لافت، أرجأت المؤسسة العسكرية في مصر دعوتها إلى حوار «لم الشمل» الذي كان مقررا أمس (الأربعاء) لأجل غير مسمى، قائلة إن ردود الفعل لم تأت على المستوى المتوقع، وهو ما اعتبره مراقبون دليلا على توتر مكتوم بين القوات المسلحة ومؤسسة الرئاسة التي بدا أنها غير مرحبة بهذه الدعوة، بينما دعت الجبهة الوطنية للإنقاذ المعارضة إلى المشاركة في الاستفتاء المقرر إجراؤه السبت المقبل، والتصويت برفض مشروع الدستور الجديد.

وقالت الصفحة الرسمية للجيش أمس إنه «نظرا لردود الأفعال التي لم تأت على المستوى المتوقع منها، بشأن الدعوة الموجهة إلى القوى الوطنية والسياسية للقاء لم شمل الأسرة المصرية. يشكر الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي كل من تجاوب مع هذه الدعوة ويعلن إرجاء التنفيذ إلى موعد لاحق».

وأضاف البيان، الذي بثته الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري: «ينتهز (السيسي) هذه الفرصة لدعوة كل القوى الوطنية والسياسية وكافة أطياف الشعب المصري العظيم لتحمل مسؤولياتها تجاه مصالح الوطن والمواطنين في هذه المرحلة بالغة الدقة والحساسية التي يمر بها بلدنا العظيم».

وقبيل إرجاء دعوة الحوار، قالت مصادر بمؤسسة الرئاسة إنه لم يتقرر بعد إذا ما كان الرئيس محمد مرسي سيشارك في اللقاء أم لا، فيما أعلنت جبهة الإنقاذ المعارضة أنها ستشارك في الدعوة قبل الإعلان عن إرجائها.

وارتبكت المؤسسة الرسمية أمس فور إعلان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة عن دعوة السيسي للحوار، ونفت مؤسسة الرئاسة وجود الدعوة قبل أن تعلن أنها تمت بالتشاور مع الرئيس مرسي ودعمه، مؤكدة مشاركته في اللقاء.

وقال مراقبون إن إرجاء الدعوة يشير إلى عدم ترحيب الرئيس بحوار ترعاه المؤسسة العسكرية.

وفي غضون ذلك، أعلنت الجبهة الوطنية للإنقاذ التي تضم القوى والأحزاب المدنية المعارضة للرئيس الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، مشاركتها في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، ودعت أنصارها إلى التصويت بـ«لا».

وقال زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي، وهو قيادي بارز في جبهة الإنقاذ، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن الجبهة وضعت شروطا للمشاركة في الاستفتاء هي ممارسة الإشراف القضائي الكامل على الاستفتاء، وتوفير الحماية الأمنية داخل وخارج اللجان، وضمان الرقابة المحلية والدولية من قبل المنظمات غير الحكومية، وإعلان النتائج تفصيليا وتباعا في اللجان الفرعية، وإتمام عملية الاستفتاء على الدستور على مرحلة واحدة.

وأضاف بيان لجبهة الإنقاذ أمس أن الجبهة ترى أن «إخراج البلاد من المأزق الراهن والاحتقان السياسي ليس له إلا سبيل وحيد هو أن يتحمل السيد رئيس الجمهورية مسؤوليته بإصدار قراره بتأجيل الاستفتاء لمدة شهرين أو ثلاثة، وإجراء حوار وطني جاد ومتكافئ إلى أن يتحقق التوافق حول مشروع دستور يحقق العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويكون موضوع رضاء شعبي عام، يليق بثورة يناير وتضحيات الشعب المصري. كما تؤكد الجبهة مشروعية كافة الوسائل السلمية لإسقاط هذا الدستور المشوه، ولهذا كله فلقد قررت الجبهة دعوة جماهير الشعب المصري إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع لرفض هذا المشروع والتصويت بـ«لا».

من جانبه، ناشد الأزهر الشريف في بيان له أمس جميع المواطنين أن يراعوا ضميرهم الديني والوطني وهم أمام صندوق الاقتراع على الاستفتاء للدستور الجديد للبلاد، باعتباره واجبا وطنيا، على نحو يجعل مصر نموذجا للدول الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة؛على ضوء المرحلة التاريخية الفارقة التي تشهدها في تحولها الديمقراطي، والتي تتطلب من الجميع إعلاء المصلحة العليا للبلاد؛ حتى ترسو سفينة الوطن إلى بر الأمان.

وميدانيا، استمرت الاعتصامات أمس في مختلف ضواحي القاهرة، ورصد شهود عيان تزايد عدد خيام المعارضين في محيط قصر الاتحادية الرئاسي بحي مصر الجديد (شرق القاهرة)، كما استمر اعتصام ميدان التحرير وسط هدوء ملحوظ وتراجع في أعداد المعتصمين، فيما تزايدت أيضا أعداد الإسلاميين المعتصمين أمام مدينة الإنتاج الإعلامي بحي 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة، واستمر اعتصامهم أمام مقر المحكمة الدستورية العليا (جنوب القاهرة).

وبإعلان جبهة الإنقاذ مشاركتها في الاستفتاء، يتوقع مراقبون أن يسود الميادين هدوء نسبي، فيما تبدأ مسيرات وسلاسل بشرية ومؤتمرات لحشد المصريين للتصويت بـ«لا» في الاستفتاء الذي بدأ أمس باقتراع المصريين في الخارج والذي يمتد إلى السبت المقبل.

إلى ذلك، أصدر النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله قرارا مفاجئا أمس بإنهاء ندب المستشار مصطفى خاطر للعمل كمحام عام لنيابات شرق القاهرة الكلية، وانتدابه للعمل محاميا عاما لنيابات استئناف بني سويف، وذلك على خلفية التحقيقات التي كان يباشرها في أحداث المصادمات الدامية التي وقعت مؤخرا في محيط قصر الاتحادية الرئاسي.

وتولى المستشار خاطر الإشراف المباشر على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في أحداث المصادمات الدامية التي شهدها محيط قصر الاتحادية الرئاسي مؤخرا، حيث أمر المستشار خاطر بإخلاء سبيل جميع المتهمين والبالغ عددهم 137 متهما على ذمة التحقيقات، بعدما تبين للنيابة عدم وجود أدلة كافية يقتضي معها الأمر إصدار قرارات بحبسهم احتياطيا، وحبس 12 متهما آخرين احتياطيا لاتهامهم بحيازة أسلحة نارية وأسلحة بيضاء وقنابل مولوتوف.

وأرسل النائب العام مذكرة إلى المستشار خاطر، جاء فيها أن القرار بنقله جاء «لصالح العمل»، مع تكليف المستشار أحمد جمال الدين منتصر المحامي العام بإدارة تفتيش النيابات، بتولي منصب المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الكلية.

وقال مصدر قضائي مطلع إن قرارات الندب وإنهاء الندب بالنيابات المختلفة هي من سلطات النائب العام، غير أن الإجراء المتبع أن يكون إنهاء الانتداب والتنقلات بين النيابات في نهاية العام القضائي المحدد له 30 يونيو (حزيران).

وقال المصدر إن قرار نقل المستشار خاطر جاء بصورة «إقصائية» باعتبار أنه سيعمل محاميا عاما بنيابة استئناف بني سويف، تحت رئاسة المحامي العام الأول ورئيس الاستئناف، فضلا عما تضمنه القرار من أن يكون النقل دون «بدل سفر».

وكشف المصدر النقاب عن تفاصيل هامة تقف وراء صدور القرار، مشيرا إلى أن صداما وخلافا عميقا وقع بين المستشار خاطر والنائب العام، حينما عرض عليه خاطر ما توصلت إليه التحقيقات في شأن المتهمين الذين تم إلقاء القبض عليهم في أحداث مصادمات الاتحادية، من أن المتهمين لا توجد أدلة على ارتكابهم الاتهامات المنسوبة إليهم، وأنه سيصدر قرار بإخلاء سبيلهم جميعا.

وأشار المصدر إلى أن المستشار خاطر لم يستجب للضغوط التي مورست عليه، وقرر إخلاء سبيل المتهمين في نهاية التحقيقات في ضوء أنه لم يكن هناك ضدهم أية أدلة، وعدم وجود تحريات مؤكدة تفيد بارتكابهم لأية جرائم، لافتا إلى أن هناك حالة من الغضب العارم تسود أعضاء النيابة العامة ككل جراء هذا التصرف.

وكان الرئيس مرسي أكد في خطاب له قبل أيام أن المتهمين في وقائع مصادمات الاتحادية قد أدلوا باعترافات كاملة حول تورطهم في الأحداث، وأنهم أرشدوا عمن حرضهم ومولهم للقيام بذلك، وجاء قرار النيابة بالإفراج عن المتهمين عقب يوم واحد من الخطاب، وهو الأمر الذي وضع مرسي في حرج، بحسب مراقبين.

يشار إلى أن المستشار خاطر هو أحد أبرز قيادات النيابة العامة في السنوات الأخيرة الماضية، وشارك في التحقيق في عدد من القضايا المهمة محل اهتمام الرأي العام، آخرها القضية الرئيسية لقتل المتظاهرين السلميين أثناء ثورة 25 يناير، والتي أدين على أثرها الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وقضي فيها بمعاقبتهما بالسجن المؤبد.