أنصار مرسي يرون أنهم يدافعون عن الشرعية

قالوا إنهم سيحمون القصر.. ولن يسمحوا لأي شخص بأن يدخله

TT

في الوقت الذي اتجه فيه معارضو الرئيس المصري محمد مرسي إلى قصر الاتحادية الرئاسي مرة أخرى مساء يوم الثلاثاء الماضي، تجمع أنصاره من الإسلاميين على بعد ميلين تقريبا من القصر، وهي مسافة كافية، حسب رأي العديد منهم، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية القصر الرئاسي والرئيس إذا لزم الأمر.

وقال محمد عبد السلام، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 59 عاما، وكان يتظاهر تأييدا للرئيس مرسي في ميدان رابعة العدوية مع آلاف المؤيدين الذين يلوحون بالأعلام الخضراء لجماعة الإخوان المسلمين، التي تعد القوة السياسية الإسلامية المهيمنة في مصر حاليا: «بالطبع، سوف نحمي القصر، ولن نسمح لأي شخص بأن يدخله».

في الحقيقة، لم تصل الأمور إلى هذه الدرجة، ولكن تجمع مناصري مرسي من جماعة الإخوان المسلمين كان أكثر من مجرد دعم للرئيس ومشروع الدستور المثير للجدل الذي يحظى بدعم الإسلاميين والذي سيصوت عليه المصريون يوم السبت المقبل وسط حالة من الفوضى القانونية، ولكنه كان بمثابة استعراض للقوة. وخلال هذا التجمع، كان الرجال والنساء يهتفون قائلين إن الشعب، الذي يعنون به أنفسهم، والشرطة يد واحدة. وخلال الأيام الأخيرة، قال معارضو الرئيس إنه تم تكبيل أيديهم وضربهم بوحشية واستجوابهم من جانب أنصار الرئيس من جماعة الإخوان المسلمين خلال 15 ساعة كاملة من الاشتباكات العنيفة في الشوارع خارج القصر الجمهوري الأسبوع الماضي، والتي قام خلالها الجانبان باستخدام الحجارة والهراوات. وقال المتظاهرون إن الإسلاميين الذين ألقوا القبض عليهم قد وصفوهم بـ«الكفار» وأجبروهم على «الاعتراف» بأنهم مأجورون لإثارة التوتر والعنف في البلاد، وهو ما نفاه المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة مراد علي، حيث قال لوكالة «أسوشييتد برس»: «لا تعتمد الجماعة ولا الحزب على العنف، ولا يميل أي منهما لاستخدام العنف».

وبينما كان الإسلاميون يتظاهرون مساء الثلاثاء الماضي ويهتفون «القرآن دستورنا»، تحدث العديد منهم صراحة عما يرونه دورهم الشرعي في حماية القصر. وبمعنى أوسع، كانوا يتحدثون عن حماية ما يعتبرونه النتائج المشروعة للثورة التي أطاحت بالرئيس القوي حسني مبارك قبل نحو عامين، أي الرئيس الإسلامي الذي وصل إلى السلطة بطريقة ديمقراطية والاستفتاء على الدستور الذي تمت صياغته من قبل الجمعية التأسيسية المنتخبة ديمقراطيا والتي يهيمن عليها الإسلاميون.

وقال سمير حسن، وهو مدرس لغة عربية كان يرتدي سترة جلدية ونظارة: «لقد ألقينا القبض على 300 شخص»، في إشارة إلى المحتجين الذين قام هو وزملاؤه بالقبض عليهم، والذين وصفهم بـ«البلطجية». وأضاف حسن: «تقول المعارضة إنها تريد إلغاء الاستفتاء على الدستور، ولكن الشعب سوف يحمي الشرعية». ووصف حسن السيناريو الذي كان من المفترض تطبيقه يوم الأربعاء الماضي عندما حدثت مواجهات بين الجانبين في الشوارع أمام قصر الاتحادية الرئاسي على مرأى ومسمع من الشرطة التي لم تبذل مجهودا يذكر للفصل بينهما، حيث أشار إلى أنه بعدما كان هو وزملاؤه يلقون القبض على أي من المتظاهرين الذين كانوا يحاولون إلقاء الحجارة أو استخدام طلقات الخرطوش، كان من المفترض أن يسحبوه إلى صفوفهم بهدف تطويقه و«حمايته من أي هجوم». وأضاف حسن: «الجروح التي أصيبوا بها جاءت نتيجة مقاومتهم ومحاولتهم الفرار. لقد كنا حذرين، وقمنا بتسليمهم جميعا إلى الشرطة في حالة جيدة حتى يتمكنوا من الاعتراف. لقد قمنا بتسليمهم للشرطة وانتهي دورنا».

وقام رجل آخر، كان يقف بجوار حسن ولكنه رفض الإفصاح عن هويته، بتوضيح دورهم قائلا: «جماعة الإخوان المسلمين لا تحل محل مسؤولية الدولة عن حماية القصر، ولكن كان دورنا يقتصر على مساعدة الشرطة قدر المستطاع».

وتختلف هذه الرواية كثيرا عن تصريحات المتظاهرين للناشطين في مجال حقوق الإنسان، ولكنها تعكس رؤية حسن وغيره من الإسلاميين السياسيين لأنفسهم على أنهم خط دفاع سلمي ومحترم ويخاف الله، فهم يصرون على أنهم اضطروا للعنف بسبب ما يقوم به المعارضون الذين يرون أنهم غير شرفاء ويلجؤون إلى تدمير المنشآت.

وقال عبد السلام، الذي يعمل في وزارة المالية: «هؤلاء الناس لا يريدون سوى الفوضى»، في إشارة إلى قوى المعارضة، مضيفا: «ليس لدينا بلطجية هنا، ولا نسعى للتدمير، ولا نستخدم المولوتوف، ولا نسعى للتخريب»، مشيرا إلى المكان الذي كان يوجد به الإسلاميون، حيث يقوم الباعة بشي الذرة ويهتف البعض «صلوا، صلوا على النبي».

وحاول عبد السلام وغيره من المؤيدين للرئيس دعم موقفهم قائلين إن معظم من قتل يوم الأربعاء الماضي كانوا من بين صفوفهم وإن المعارضة تضم الآن شخصيات من نظام مبارك القديم، الذي كان يفرض حظرا شديدا على جماعة الإخوان المسلمين وكان يجبرها على العمل السري على مدار عقود، وهو المصير الذي تريد جماعة الإخوان المسلمين تجنبه في المستقبل. وقال عبد السلام: «لن نرحل من هنا. إننا المصريون الحقيقيون».

* ساهم في كتابة التقرير أبيغايل هوزلونر وإنجي حسيب وشرف الحوراني.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»