«صحافيو المظاهرات» في مصر.. مواطنون تحت نيران الجميع

يواجهون المخاطر بعدسات الكاميرات وأسنان الأقلام

TT

إجراءات احترازية.. كاميرات وأقلام باتت تحت القصف، تحت وطأة القلق والخوف، إصابات وأشخاص في غرفة الإنعاش بين الحياة والموت، رغبة في أداء الواجب تحفها المخاطر. ليس هذا حال الأوضاع في سوريا، ولكنه حال مواطنين مصريين كل ما اقترفوه من جرم أنهم يعملون في الصحافة ويجبرهم البحث عن الحقيقة المغموسة بلقمة العيش للنزول للشارع، ومتابعة هذه المظاهرة أو تلك لهذا الفريق أو ذاك، لينالوا وحدهم النصيب الأكبر من الاتهامات بزرع الفتن وتأجيجها والتحيز، قبل أن يصابوا بألفاظ نابية أثناء وجودهم في مواقع الأحداث من معارضين أو غاضبين أو إسلاميين. فللهجوم عليهم جبهات كثيرة، تبدأ بكلمات وطرد من ميادين التظاهر وصولا لمشاركة المتظاهرين فيما قد يتلقونه من قنابل مسيلة للدموع وزجاجات مولوتوف وطلاقات الخرطوش والرصاص الحي.

وأجبرت حالة الانفتاح السياسي التي شهدتها البلاد منذ ثورة 25 يناير، الصحافيين والإعلاميين على الانخراط بقوة في المعادلة السياسية لينالوا عقب التقدير الذي حظوا به بعد الإطاحة بمبارك، ألوانا أخرى من التقدير ولكن السلبي هذه المرة، وزادت حالة الانقسام السياسي من المصاعب التي يواجها أصحاب الأقلام ومنتسبو «السلطة» الرابعة في مصر، خاصة ما يتلقونه من تهديدات متكررة، وحصار أحد التيارات لمقر مدينة الإنتاج الإعلامي، ناهيك عما يتعرضون له من مضايقات خلال تغطياتهم للمظاهرات خاصة تلك التي تجمع أبناء التيار السلفي والذين يؤمنون بأن الإعلام والصحافة في مصر عدو لهم وابن من أبناء الشيطان مما يجعل مؤيدي هذا التيار في تحفز شديد عند التعرف على أي إعلامي أو صحافي في محيط مظاهراتهم.

وتوفي خلال ثورة يناير الصحافي أحمد محمود، الذي كان تابعا لمؤسسة «الأهرام»، أثناء تغطيته لمظاهرات جمعة الغضب في الثامن والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011، وبعد صراع مرير بين الموت والحياة توفي أمس الصحافي الحسيني أبو ضيف المحرر بجريدة «الفجر» المصرية في غرفة الإنعاش بالمستشفى بعد إصابته بطلق ناري خلال الاشتباكات أمام قصر الاتحادية قبل بضعة أيام، بجانب عشرات الحالات من الصحافيين الذين أصيبوا خلال أحداث مصر في العام ونصف العام المنصرم ما بين التعرض للضرب وصولا لمواجهة الخرطوش.

وبجانب مخاطر الوجود في أماكن الاشتباكات، يواجه مراسلو الصحف والقنوات الفضائية، ممن يتحملون مشاق التغطية الميدانية، حالات من الطرد المتكرر من ميادين التظاهر، ففي «مواقع» مظاهرات الإسلاميين يطرد مراسلو قنوات مصرية محلية اشتهرت بمذيعين ومقدمي برامج يهاجمون هذا التيار ويتعرض بعضهم للضرب، أما في التحرير فبعد أن كان تلفزيون الدولة ممنوعا من دخول ميدان الثورة أصبح صحافيو ومراسلو قناة «الجزيرة»، الذي احترق مقرها بوسط الميدان مؤخرا، غير مرغوب فيهم نظرا لما يقول المتظاهرون إنه تأييد أعمى للنظام الإسلامي الجديد. وبجانب حالات الطرد، هناك حالات يواجهها هؤلاء الصحافيون، بعيدا عن انتماءاتهم أو آرائهم السياسية، من حالات التحرش، خاصة مراسلات الصحف الأجنبية ويتحمل هؤلاء وحدهم مسؤولية سمعة جريدتهم أو قناتهم الإخبارية لدى هذا التيار أو ذاك. ويقول محمد عبد الصبور، وهو منتم للتيار السلفي وحضر مظاهرتي الدفاع عن الشرعية والشريعة أمس وقبل بضعة أيام: «إعلام الفلول يقف ضد المشروع الإسلامي ويريد إجهاضه»، وتابع عبد الصبور موجها حديثه لأحد المراسلين: «سيحاسبكم الله على كل ما تنشرونه عنا من أكاذيب».

وتقول شيماء محمود، وهي مصورة صحافية تعمل بجريدة «الصباح» المحلية: «المخاطر التي نواجهها لا حصر لها»، وتضيف بينما ترتدي خوذة واقية على رأسها: «هذه طبيعة عملنا وأنا مصرة على العمل ولا تهمني المخاطر التي زادت بعد ترصد السلفيين لأي إعلامي أو صحافي الآن». وانتقد مرشد جماعة الإخوان بشدة تعامل الإعلام مع الأزمات الراهنة معتبرا الإعلاميين أحد أسباب تأجيج الشارع ضد جماعته، وبين اتهامات الإسلاميين والإصابات في مظاهرات الثوار يظل صحافيو الميدان في مرمى نيران الجميع، يواجهون المخاطر بعدسات الكاميرات وأسنان الأقلام.