انتخابات الهند.. موسم احتفالي طويل يجذب السياح من العالم

مرشحون لبرلمان غوجارات: ولايتنا ارتبطت دوما بالشغب والحملة الانتخابية الحالية منحتها السلام

تجمع انتخابي في غوجارات قبل اقتراعي 13 و17 من الشهر الحالي
TT

تجذب طبيعة الانتخابات في أكبر ديمقراطيات العالم العديد من السياح الأجانب. فهذه ولاية غوجارات الواقعة غرب الهند، تشهد تدفق عدد كبير من السياح خلال هذه الفترة التي تشهد تنظيم انتخاباتها الخاصة.

ويصطحب وكلاء تنظيم الرحلات السياحية، في عربات، الحملات الانتخابية، ويتبادلون الأحاديث مع المرشحين، ويقومون بزيارات إلى الدوائر الانتخابية، كما يخططون للقيام بزيارات إلى أماكن الاقتراع للوصول إلى فهم أفضل بشأن كيفية انتخاب المسؤولين الحكوميين في الهند. وقد اجتذبت ولاية هيماشال براديش، التي تزين جبال الهيمالايا، والتي أجري بها الاقتراع الشهر الماضي، أيضا سائحين مع إجراء الانتخابات.

ينتمي السائح الألماني فرانك إلى التيار اليساري، ويهتم بشدة بالسياسة، وبعد مزجه بين قضاء الإجازة ومتابعة مسار الانتخابات هنا في هيماشال، وصل الآن إلى غوجارات. ويقول فرانك «هذه ديمقراطية حقيقية. لذلك، يشارك كثيرون في الانتخابات هنا. الأمر ليس مفتوحا بهذه الدرجة في أوروبا. إنه شيء إيجابي».

وليس بالضرورة أن تكون شديد الاهتمام بالسياسة حتى تتابع الانتخابات. فقد أتت عازفة الموسيقى الفرنسية صوفي إلى هيماشال للتمتع بهدوئها ومشاهدة جبال الهيمالايا. لكن حمى الانتخابات أصابتها، ومدت إقامتها في الهند لمشاهدة المرحلة الأولى من الاقتراع في غوجارات نهاية هذا الأسبوع. وتقول صوفي «كنت في غرفتي بالفندق وسمعت صوت هذه الموسيقى والخطابات ينبعث من مكبر الصوت. سألت مدير الفندق عن طبيعة الأمر، فأجابني أنها الانتخابات. فتنت بها وقررت الاستمتاع بمتابعتها، جنبا إلى جنب مع سياحة التراث في غوجارات».

تعتبر الانتخابات نوعا من المواسم الاحتفالية في الهند. وفي الأسابيع التي تسبق الاقتراعات، ينظم آلاف المرشحين حملات انتخابية مبهرة وصاخبة. وعلى الرغم من أن الانتخابات تعد عملا جادا، فإنها في الهند تدخل عنصري المرح والألعاب بالمثل. وتنفق مبالغ طائلة من جذب اهتمام الناخبين المرتقبين عبر اللافتات والملصقات ولوحات الإعلانات والدعاية؛ بواسطة مكبرات الصوت وجولات الترويج والمؤتمرات الانتخابية في الشوارع، وبالطبع المناقشات الساخنة بالمحطات التلفزيونية الإخبارية. ويقول مانيش شارما، رئيس جمعية تنمية السياحة في غوجارات «تم طرح مفهوم سياحة الانتخابات في سوق السياحة العالمية التي أقيمت في لندن في وقت سابق من هذا الشهر، ولاقى ذلك ترحيبا كبيرا».

وتجرى الانتخابات في غوجارات على مرحلتين يومي 13 و17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وتتشارك غوجارات شاطئها مع بحر العرب، وتعتبر مسقط رأس أبو الأمة المهاتما غاندي، وأيضا محمد علي جناح الأب المؤسس لباكستان وأول حاكم عام لها. وعلاوة على ذلك، يستمتع السائحون أيضا بالتراث والناحية الدينية وجانب المغامرات، المقترن بسياحة الانتخابات. وتتمتع غوجارات بمناظر طبيعية خلابة بدءا من ران كوتش (أكبر الصحاري في العالم) إلى تلال سابوتارا. وتعد غوجارات كذلك الموطن الوحيد للأسود الآسيوية الأصيلة في العالم. وامتزجت سياحة الانتخابات بمهرجان «كوتش ران» لعام 2012 الذي يستمر حتى 31 يناير (كانون الثاني) 2013.

مكث روبرت نيكلسون وزوجته ستيلا في غوجارات خلال الأيام الثلاثة الماضية، وظلا يتنقلان حول القرى و«يلمسان مجرى الانتخابات هنا». ويقول نيكلسون، وهو مسؤول بإحدى شركات الأدوية من لندن «إنه أمر رائع. من العظيم أننا قررنا زيارة غوجارات في موسم الانتخابات هذا». أما زوجته ستيلا فقالت «للمرة الأولى، نشهد حملات متجولة. في بلدنا، لا يذهب المرشحون إلى منازل أفراد الشعب».

أتى شوجاد علي، وهو صاحب وكالة سفريات، حينما طلب منه بعض عملائه في منطقة الشرق الأوسط أن يوضح لهم كيف تطبع الشعارات الانتخابية على الجدران. يقول شوجاد «لقد وجدت الفكرة نفعا الآن بوصفها فكرة بارعة في ما يتعلق بالسياحة. الكثير من الأجانب حريصون على مشاهدة أسلوب سير الانتخابات هنا. ومن ثم، فإننا نمزج السياحة بالانتخابات. لدينا 20 سائحا من تركيا ومصر والكويت يتابعون العديد من المرشحين عبر أرجاء الولاية».

يبدو السائح الفرنسي نيكولا دوفيرنوا منبهرا. ويقول دوفيرنوا، الذي سمع مؤخرا رئيسة حزب المؤتمر، سونيا غاندي، في مؤتمر انتخابي عام «حملاتنا الانتخابية تقتصر على المناظرات التلفزيونية، بينما تبدو الانتخابات متعة عظيمة. هناك حياة في الشوارع. الثياب والخطابات المدوية للناخبين شبيهة بتلك التي نراها في الأفلام». ويضيف دوفيرنوا أن هذا هو النهج الذي يجب أن تسير عليه الديمقراطية. ويتابع «أفهم الآن كيف أن الديمقراطية الحقيقية تكون من الشعب وإليه».

في منطقة كوتش التي تعد بقعة ساخنة للسائحين، لا يبدو الوضع مختلفا، بيد أن لون الديمقراطية الهندية يغمر مجموعة من الرجال من الصين، الذين كانت رقصة الديمقراطية هذه بمثابة أمر مستحدث بالنسبة لهم.

لقد دشنت شركات السياحة حملات لمدة شهرين، معظمها على شبكة الإنترنت. وقال سوهاغ مودي، مدير «أكشار ترافيلز»: «لقد نشرنا الرسالة عبر موقع الفيس بوك ورسائل البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونية لشركات السياحة الأجنبية وتلقينا استجابة جيدة من المملكة المتحدة وأوكرانيا وإندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وأوغندا وكينيا وفرنسا وإيطاليا ومصر وتركيا وأوكرانيا وكندا وأستراليا». ويضيف «لقد استقبلنا أكثر من 250 سائحا ومن المتوقع أن يصل 500 آخرون خلال الأيام القليلة المقبلة».

ومن جانبهم، يبدو الساسة متحمسين للممارسة ككل. ويقول وزير الزراعة السابق، بوبندرا سينغ تشوداساما، مرشح حزب بهاراتيا جاناتا من دولكا «أعين العالم تتجه نحو غوجارات الآن لأنها أصبحت مرادفة للتقدم والتطوير. في وقت سابق، كانت غوجارات مرتبطة بأعمال الشغب الشعبية، لكنها ظلت في سلام على مدى الأحد عشر عاما الماضية».

في هذا الأسبوع، ألقى مرشح عن حزب المؤتمر من بورباندار، مسقط رأس غاندي، خطابا باللغة الإنجليزية أمام مجموعة من السياح الفرنسيين، فيما تطلع إليه مئات من سكان القرية. «إنه لشعور طيب أن يعجب السياح الأجانب بشدة بتقدم عملية الاقتراع لدينا»، هكذا تحدث أرجون مودفاديا. وأضاف «أرادوا معرفة كيف أدير الحملة الانتخابية، وانبهروا من امتلاكي القدرة على الوجود في الطريق ومخاطبة الحشود ومقابلة الناس لعدة أيام. وهذا يظهر أيضا كيف تعتبر العملية الديمقراطية مؤثرة بالنسبة للأجانب».

ويقول المستشار السياحي بول سكاريا إن سياحة الانتخابات فكرة جديدة حازت إعجاب شركات السياحة. ويضيف «إنها ذات فائدة كبيرة نظرا لأن الحملات الانتخابية تتسم بأنها حدث حيوي وتعليمي في ولاية مثل كيرالا. هنا، تتسم الحملات بالتنظيم الشديد، بحيث يمكننا أن نخطط لبرامجنا السياحية بشكل أفضل». وهو يرى أن السياحة ترتبط بمشاهدة أشياء جديدة والاستمتاع بها. ويقول «الانتخابات الهندية هي أفضل شيء يمكننا أن نشهده. يمكن أن تنمو السياحة لدينا بمعدل أسرع إذا أجرينا انتخابات كل عام».