المعارضة السورية تنتقد إدراج الولايات المتحدة «جبهة النصرة» على قائمة «المنظمات الإرهابية»

زيادة لـ«الشرق الأوسط»: القرار الأميركي خاطئ ومتسرع ويعطي صدقية لكلام الأسد

TT

نددت غالبية قوى المعارضة السورية أمس بالقرار الأميركي بإدراج «جبهة النصرة» الإسلامية المتشددة، والمشتبه بعلاقتها بـ«تنظيم القاعدة» على قائمتها «للمنظمات الإرهابية الأجنبية»، بالتزامن مع دعوة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب، من مراكش، الولايات المتحدة الأميركية، إلى إعادة النظر بموقفها. وقال: إن «القرار باعتبار إحدى الجهات التي تقاتل النظام جهة إرهابية يلزم إعادة النظر فيه»، موضحا «أننا نعشق بلادنا بجنون، وقد نختلف مع بعض الجهات في أفكارها ورؤيتها السياسية والفكرية، ولكننا نؤكد أن كل بنادق الثوار هدفها إسقاط نظام طاغوتي مجرم».

واعتبر الخطيب أنه «لا يعيب أحدا أن يكون دافعه إلى تحرير بلاده هو الدين، فالدين الذي لا يحرر الشعوب ولا يقوض الظلم هو دين زائف»، معتبرا أنه «كون الحراك العسكري إسلامي اللون بمعظمه هو شيء إيجابي، فالشهادة في سبيل الله طالما كانت هي المحرك الرئيسي لحرية الإنسان». وشدد على أنه «لا يخاف في سوريا على مسلم ولا على مسيحي، بل أخاف على شيء واحد هو الإنسان أن تمتهن كرامته»، جازما «إننا بكل وضوح ضد كل فكر تكفيري. ضد كل فكر يستبيح دماء الناس، وكل فكر يريد أن يفرض بالقوة رؤيته على الجميع». وأكد أن «النسيج الاجتماعي لسوريا خط لن نسمح لأحد بتجاوزه، وإن ضمائر الناس لم تعد تتحمل التوحش الذي يقوم به النظام».

وفي موازاة مسارعة جماعة «الإخوان المسلمين» إلى انتقاد القرار الأميركي، أعرب مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان المعارض السوري الدكتور رضوان زيادة لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن «القرار الأميركي جاء خاطئا ومتسرعا؛ إذ إنه يعطي صدقية لكلام (الرئيس السوري) بشار الأسد عن أنه من يحاربون في سوريا هم جماعات إرهابية مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة».

وأكد في الوقت عينه «أننا لا نتفق في أمور كثيرة مع (جبهة النصرة) أو سواها من الكتائب المقاتلة التي تتخذ لها خطا راديكاليا لأن هدف الثورة السورية هو بناء الدولة المدنية»، معتبرا أن «الجبهة وسواها من الكتائب التي تتخذ خطا راديكاليا نشأت عمليا بسبب فشل المجتمع الدولي في تقديم الدعم اللازم لـ(الجيش السوري الحر) وثورة الشعب السوري».

وأوضح زيادة، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية «أننا حاولنا مع الإدارة الأميركية لكي نتجنب صدور قرار مماثل يعطي تبريرا لنظام الأسد وله آثاره السلبية لناحية تمييز المعارضين بين متطرفين ومعتدلين، في حين أن فاشستية نظام الأسد هي مصدر الإرهاب في سوريا». ورأى أن «تصنيف جبهة النصرة كمنظمة إرهابية بالتزامن مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما» بأن بلاده ستعترف بالائتلاف المعارض «إنما يعكس حالة الاضطراب في السياسة الأميركية في معالجة الأزمة السورية»، مذكرا بأن «الموقف الأميركي من أزمة سوريا لا يزال على حاله منذ أغسطس (آب) 2011، لناحية اكتفائه بتشديد العقوبات من دون اتخاذ أي خطوات عسكرية، على الرغم من تطور الأوضاع الميدانية بشكل سريع للغاية».

وكان القرار الأميركي صدر رسميا أول من أمس، عشية انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في مراكش، الذي تعقد عليه المعارضة السورية آمالا كبيرة. ويصنف قرار وزارة الخارجية الأميركية، بوضع «جبهة النصرة» على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، على أنها تابعة لـ«تنظيم القاعدة» في العراق. وقال مسؤولون أميركيون إن جبهة النصرة أعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ نحو 600 هجوم في المدن الكبرى راح ضحيتها الكثير من السوريين الأبرياء خلال الانتفاضة على نظام الأسد منذ 20 شهرا.

من ناحيته، وصف نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، إحدى أكبر تشكيلات المعارضة السورية، فاروق طيفور قرار واشنطن بأنه «قرار خاطئ للغاية ومتسرع»، مشددا على أنه «من السابق لأوانه تصنيف الناس داخل سوريا بهذه الطريقة نظرا لحالة الفوضى والمناخ الضبابي السائد في البلاد».

وأعرب طيفور، وفق ما نقلته عنه وكالة «رويترز»، عن اعتقاده بأن «القرار سيفقد الولايات المتحدة شعبيتها في سوريا؛ لأن السوريين يحبون (جبهة النصرة)، بعدما تحملوا عبء حملة الأسد ضد الانتفاضة». وفي حين شدد على أنه «ينظر إلى جبهة النصرة على أنها جماعة يمكن الاعتماد عليها في الدفاع عن البلاد وعن المدنيين ضد الجيش النظامي وعصابات الأسد»، لفت إلى أن «الأمر ربما يتعلق بشخص من (جبهة النصرة) في قرية ما حمل السلاح وحشد أشخاصا للدفاع عنها ضد ميليشيا الأسد، وهؤلاء الناس يعرفون الآن على أنهم من النصرة، لكن بعد أن يسقط النظام، فإنهم قد يتخلون عن هذا الفكر برمته».

وفي سياق متصل، آسف عضو هيئة الأركان في «الجيش السوري الحر» ورئيس المجلس العسكري في محافظة حلب العقيد عبد الجبار العكيدي لصدور القرار الأميركي. وقال: «جبهة النصرة لم تقم بأي عمل مدان أو غير قانوني ضد أي دولة أجنبية وعناصرها يحاربون حاليا إلى جانبنا». ورأى، بحسب ما نقلته عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن على الولايات المتحدة أن «تضع أسماء مسؤولي النظام السوري على لائحة المنظمات الإرهابية»، معتبرا «أنهم ينفذون مجازر في حق المدنيين، ويدمرون المساجد والمنازل».

وكان العكيدي قد أبلغ «الشرق الأوسط»، يوم الأحد الفائت، أن «عناصر الجبهة يقاتلون إلى جانبنا، ويتميزون بسلوكهم الجيد والمنضبط»، مؤكدا «رفض وصف أي مقاتل على الأرض ضد نظام الأسد بأنه إرهابي».

من ناحيته، كتب عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري أحمد رمضان، على صفحته على «فيسبوك»، بعد صدور القرار الأميركي: «أن يضع الأميركيون (النصرة) على قائمة الإرهاب ولا يضعون الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري للنظام ليس خطأ فادحا فحسب بل عملا مغرقا في الغباء والسوء». وقال إن توقيت صدوره «مشبوه قبل لقاء مراكش وتصنيف يخدم النظام ويدعم دعاواه بنعت الثوار بالإرهاب، وخطوة تهدف إلى شق صف الثائرين وربما استدراجهم إلى صراع داخلي، وطعنة تستبق وصول الكتائب إلى قلب دمشق».

وفي حين سأل رمضان: «هل نسي هؤلاء أن الشعب السوري ثار على نظام الاستبداد قبل واحد وعشرين شهرا من دون أن تقف دولة واحدة إلى جانبه»، كتب المعارض السوري أديب الشيشكلي على صفحته على «فيسبوك» ساخرا: «بعد تصنيف جبهة النصرة منظمة إرهابية، لم يبق إلا ترشيح بشار والفرقة الرابعة للفوز بجائزة نوبل للسلام».

تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني السوري كان قد أصدر بيانا يوم الأحد الفائت، إثر التداول بمضمون القرار الأميركي، أكد خلاله «رفضه التام لأي اتهامات بالتطرف والإرهاب للقوى التي تقاتل النظام السوري»، مشددا على أن «الإرهاب صفة ملازمة للنظام السوري الذي يرتكب المجازر اليومية ويقتل الأطفال والنساء من دون رادع، ولم يلق من المجتمع الدولي ما يجب من إجراءات تمنع إجرامه وتحاصر إرهابه».

من ناحيته، خالف رئيس هيئة التنسيق الوطنية المعارضة هيثم مناع موقف المعارضة السورية من التصنيف الأميركي، واعتبره «إجراء طبيعيا»، مستغربا «عدم إدراج جبهة النصرة حتى اليوم على لوائح الإرهاب في أوروبا والأمم المتحدة على الرغم من الطابع الفاقع لعملياتها التي تستهدف المدنيين ولا تميز بين مدني وعسكري ولا تحترم القانون الإنساني الدولي».