أفريقيا تدين تدخل الجيش في مالي وتطالب بخضوعه للحكومة

الاتحاد الأفريقي يدعو مالي إلى وحدة الصف لانتقال السلطة

TT

أدان الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، أمس، تدخل جيش مالي في السياسة، بعد إجبار رئيس الوزراء شيخ موديبو ديارا على الاستقالة. ولم يذكر الجانبان كيف سيؤثر ذلك على خطة للتدخل العسكري الإقليمي في شمال مالي للمساعدة على طرد إسلاميين وانفصاليي الطوارق الذين سيطروا على ثلثي أراضي البلاد خلال الفوضى التي أعقبت انقلابا عسكريا في مارس (آذار).

وعلى الرغم من أن الجيش سلم السلطة لرئيس ورئيس وزراء مدنيين في أبريل (نيسان) تحت ضغط دولي فإنه لم يبتعد قط عن السلطة. واستقال رئيس وزراء مالي وحل حكومته، أول من أمس، بعد اعتقاله واقتياده إلى ثكنة بها مقر قيادة المجلس العسكري السابق. وقالت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما إن الاتحاد «يدين بشدة» الظروف المحيطة باستقالة ديارا، ويكرر مطالبته «بخضوع الجيش وقوات الأمن الكامل للحكومة المدنية»، حسبما ذكرت «رويترز».

وأدانت الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي إجبار رئيس وزراء مالي على الاستقالة. كما ندد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول من أمس بالقبض على رئيس وزراء مالي على أيدي أفراد من الجيش، وهو ما أدى إلى استقالته وتعقيد الجهود الدولية لطرد الإسلاميين المتشددين من شمال البلاد.

وألقى الجنود الذين قاموا بانقلاب في مارس القبض على رئيس الوزراء، وأجبروه على الاستقالة، في ما يبرز استمرار سيطرة العسكريين على مقاليد الأمور. وقال مجلس الأمن في بيان «يعبر أعضاء مجلس الأمن عن استعدادهم لبحث اتخاذ الإجراءات المناسبة بما في ذلك العقوبات المستهدفة ضد من يمنعون إعادة النظام الدستوري ويقومون بتحركات تقوض الاستقرار في مالي».

وخوفا من تحول مالي إلى ملاذ آمن للإرهاب والجريمة المنظمة، وافق زعماء غرب أفريقيا على خطة لإرسال 3300 جندي إلى مالي لدعم الجيش وإصلاحه ثم دعم عمليات لاستعادة السيطرة على شمال البلاد. وتسعى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من خلال الاتحاد الأفريقي للحصول على مساندة دولية وتفويض من الأمم المتحدة للقيام بهذه العملية.

من جهته، دعا الاتحاد الأفريقي مالي أمس إلى تشكيل «حكومة شاملة» وذلك بعد يوم من تعيين ديانغو سيسوكو رئيسا للوزراء، في أعقاب خروج سريع لسلفه من المنصب. وأعربت رئيسة المفوضية الأفريقية نكوسازانا دلاميني زوما، في بيان، نقلته وكالة الأنباء الألمانية، عن أملها في أن يؤدي «التشكيل المبكر لحكومة شاملة» إلى استعادة سلطة تلك الدولة التي تقع في غرب أفريقيا سيادتها على المنطقة الشمالية منها التي تخضع لسيطرة جماعات مسلحة متنوعة منذ أوائل عام 2012.

وجاء تعيين سيسوكو من قبل الرئيس المؤقت ديونكوندا تراوري مساء أول من أمس، بعد أقل من 24 ساعة من إجبار الجيش رئيس الوزراء السابق شيخ موديبو ديارا على الاستقالة بسبب خلاف سياسي. وقال الكابتن أمادو هايا سانوغو، الذي تردد أن له صلة بإزاحة ديارا من منصبه، على شاشة التلفزيون المالي مساء أول من أمس «لم يحترم ديارا سلطة الرئيس.. لم يكن مسؤولا أمام أحد». وكان ديارا الذي تولى منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء منذ أبريل الماضي دعا إلى تدخل عسكري دولي في شمال البلاد الذي يخضع لسلطة مسلحين إسلاميين على صلة بتنظيم القاعدة، ومتمردي الطوارق الانفصاليين، منذ يونيو (حزيران) الماضي.

وبدأت الأزمة في مالي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، في منتصف يناير (كانون الثاني) بهجوم شنه المتمردون الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد حلفاء الإسلاميين. وأراد المتمردون الطوارق تولي مصيرهم بأيديهم، معتبرين أن السلطة المركزية في باماكو تجاهلتهم لعقود. لكن المجموعات الإسلامية المسلحة، ومنها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، استفادت من الانقلاب الذي نظمه في 22 مارس الضابط في الجيش أمادو هايا سانوغو، ضد الرئيس أمادو توماني توري، لوضع حد «لعجز» السلطات عن وقف هذا الهجوم.

وخلال أيام، نجح الفرع المغربي لـ«القاعدة» الذي تمكن من الانتشار في شمال البلاد في منتصف العقد الأول من الألفية في ظل سياسات الرئيس توماني توري، مما أدى إلى تحول هذه المنطقة الشاسعة تدريجيا إلى مركز لكل أشكال التهريب يغيب عنه القانون تماما، في السيطرة على عواصم الأقاليم الثلاثة التي تشكل هذه المنطقة: تمبوكتو وغاو وكيدال.

وفي نهاية يونيو هزمت الحركة الوطنية لتحرير أزواد في شمال مالي على يد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحلفائه في حركة الوحدة والجهاد في غرب أفريقيا و«أنصار الدين». وسيطرت هذه المجموعات على شمال مالي واعتمدت فيه تطبيقا صارما لأحكام الشريعة مع تنفيذ عمليات الرجم وبتر الأعضاء والجلد واعتقال النساء غير المحجبات وتدمير الأضرحة، ومنها أضرحة أولياء مسلمين مدرجة على لائحة التراث العالمي المهدد.

وأثار تقدم الإسلاميين في ظل تدفق كمية من الأسلحة الثقيلة من ليبيا في 2011 وضعف الجيش المالي، قلق دول غرب أفريقيا المجاورة لمالي والاتحاد الأفريقي وأوروبا والولايات المتحدة. وتسبب احتلال شمال مالي مع الجفاف في منطقة الساحل، في هجرة 400 ألف شخص إلى جنوب البلاد ودول الجوار.