المعارضة تدعو العلويين للعصيان المدني وتعتبر أن «مجزرة عقرب» نقطة تحول

النظام ينفي حدوثها.. وروسيا ترى أنها ستؤدي إلى تأزم العلاقة بين الطوائف

TT

بعد ساعات قليلة على ارتكاب النظام السوري مجزرة بحق أبناء بلدة عقرب ذات الغالبية العلوية، التي ذهب ضحيتها نحو 200 شخص، جاءت دعوة الشيخ أحمد معاذ الخطيب، رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، العلويين في كلمته أمام مؤتمر «أصدقاء سوريا» في مدينة مراكش المغربية، إلى العصيان المدني بالقول: «فمدوا أيديكم لها وأعلنوا العصيان المدني ضد النظام»، مطالبا النظام الإيراني وحزب الله اللبناني بسحب كل أجهزتهم الأمنية من الداخل السوري.

ورغم تأكيد الناشطين والمعارضين أن مشاركة أبناء الطائفة العلوية لا تزال لغاية اليوم، ليست على المستوى المطلوب، وإن كان بينهم ما يصفونهم بـ«الأغلبية الصامتة»، فيعتبر هؤلاء أن «مجزرة العقرب» ستترك آثارها السلبية على النظام الذي يعمل على إشعال الحرب الطائفية، وهذا ما يشير إليه العقيد أحمد حجازي في الجيش السوري الحر قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن مشاركة الطائفة العلوية في الثورة لا تزال ضعيفة مقارنة بالطوائف الأخرى وبقية المناطق، لكننا مما لا شك فيه نؤيد كلام الخطيب وندعو العلويين للوقوف إلى جانب إخوانهم من الطوائف الأخرى، والالتحاق بالثورة قبل فوات الأوان». وفي حين لفت حجازي إلى أن هناك عددا من الضباط والعناصر العلويين الذين سبق لهم أن أعلنوا انشقاقهم وانضموا إلى الجيش الحر، إلا أن عددهم بسيط جدا بالنسبة إلى عدد الضباط المحسوبين على هذه الطائفة والذين يتجاوز عددهم 50 ألفا. واعتبر حجازي أن «النظام الذي ارتكب مجزرة العقرب، لا يعدو كونه يقوم بلعبته المخابراتية المعروفة، وبالتالي سيرتكب مجازر عدة مماثلة في المرحلة القادمة؛ للقول إن الطائفة العلوية مستهدفة ويذبح أبناؤها على أيدي المتطرفين الإسلاميين». وشدد حجازي على أن «مرحلة ما بعد سقوط النظام لن تسيء إلى أي طائفة، لأن الثورة هي ضد الظلم والإجرام، وستتم محاسبة كل من ارتكب ظلما وسينال جزاءه أيا كانت طائفته».

بدوره، اعتبر زهير سالم، عضو في المجلس الوطني السوري والمتحدث باسم «الإخوان المسلمين»، أن دعوة الخطيب العلويين للعصيان المدني أتت في مكانها وفي الوقت المناسب، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «آن الأوان لنخرج جميعا تلبية لنداء الثورة، لا سيما بعد المجزرة التي نفذتها قوات النظام بحق عائلات علوية في حماه، والتي أكدت أنه مستعد ليقتل كل الشعب على اختلاف طوائفه لتحقيق مصالحه». وعن موقف الطائفة العلوية من الثورة، قال سالم: «الأمور والمواقف متفاوتة، ولا نستطيع أن نعطي أحكاما مطلقة، لكن ما يمكننا تأكيده أن هناك أكثرية صامتة، وبالتالي لا يستطيع النظام أن يقول إن أغلبية الطائفة العلوية معه، بل سيأتي يوم وينكسر فيه هذا الجليد وسيظهر أن الثورة هي لكل السوريين وليست لطائفة دون أخرى، وضد النظام الذي يلعب على ورقة الطوائف والأقليات». وانتقد سالم نفي النظام حدوث المجزرة ومن ثم اتهام روسيا الإرهابيين بها بالقول: «النظام السوري ينفي حتى أن الشمس تشرق، والموقف الروسي اعتدنا عليه، لكننا نؤكد أن هذه المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام في حماه، واستهدفت عائلات علوية، سيكون لها دور كبير في تغير الموقف العلوي من النظام؛ لما للمجازر والموت من تأثير مؤلم على الجميع ولا يرتبط بطائفة دون أخرى».

مع العلم، بأن النظام السوري كان قد نفى «حصول أي مجزرة في منطقة عقرب»، بحسب ما نقلت وكالة سانا السورية عن مصدر عسكري، بينما أتى الرد الروسي على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية ليؤكد وقوع المجزرة، إنما متهما من أطلق عليهم صفة «الإرهابيين» بتنفيذها، معتبرا أنه من الممكن أن تؤدي إلى تأزم العلاقة بين مختلف الطوائف.

وقال ألكسندر لوكاشيفيتش: «موسكو تستنكر بشدة الهجوم الذي تعرضت له بلدة عقرب السورية، وترى أن مسؤولية ذلك تقع على عاتق الذين يساندون الإرهابيين، والحديث يدور عن مأساة حقيقية، من الممكن أن تؤدي إلى تأزم العلاقة بين مختلف الطوائف».

معتبرا أن الإرهاب يستخدم بشكل واسع من قبل المعارضة المسلحة في مواجهاتها مع السلطات، مضيفا: «مع الأسف فإن بعض شركائنا ما زالوا يتجاهلون هذه التحذيرات. ونرى أن مسؤولية هذه الجريمة ومقتل التلاميذ في مخيم الوافدين وغيرها من الجرائم الإرهابية في سوريا، ومن ضمنها التهديد بإسقاط الطائرات المدنية وإعلان مطار دمشق الدولي منطقة للعمليات الحربية تقع على عاتق ليس فقط المنفذين والمنظمات التي ينتمون إليها، بل بدرجة معينة على عاتق الذين يساندون الرهان على الحل العسكري للأزمة واستخدام القوة لإسقاط النظام القائم، ويقدمون الأموال والمساعدات اللوجيستية لمقاتلي المعارضة، وتزودهم بالسلاح وتساعدهم في تجنيد المرتزقة الأجانب ونقلهم إلى سوريا».

وقال: «المأساة الجديدة التي حدثت في سوريا تتطلب رد فعل مكافئا من جانب المجتمع الدولي وكافة القوى الخارجية، وأصبح لزاما العمل بموجب النقاط التي تضمنها البيان الختامي للقاء (مجموعة العمل بشأن سوريا) الذي صدر في 30 يونيو (حزيران) الماضي».