ميدان التحرير يتأهب لمليونية «رفض الدستور» عشية بدء الاقتراع

المصريون بالخارج يواصلون التصويت.. ودعوى ضد إجراء الاستفتاء بالداخل على مرحلتين

رجال أمن مصريون يتناولون أوراق الاستفتاء أمس استعدادا لإجرائه يوم غد (أ.ف.ب)
TT

بينما يتأهب ميدان التحرير بوسط القاهرة لمليونية «رفض الدستور» اليوم (الجمعة)، للمطالبة بالتصويت على مسودة الدستور التي أعدتها الجمعية التأسيسية بـ«لا» قبل يوم واحد من الاقتراع الشعبي عليه المقرر غدا (السبت)، واصل المصريون في الخارج، أمس (الخميس) الإدلاء بأصواتهم لليوم الثاني على التوالي في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، وكان قد تجاوز عدد المقترعين المصريين بالخارج في اليوم الأول 20 ألفا من إجمالي 586 ألف مصري مغترب لهم حق التصويت.

يأتي هذا في وقت واصل فيه الرئيس المصري محمد مرسي لقاءاته بالقوى الوطنية لمناقشة المواد المقترحة للتعديل في مشروع الدستور والتي تقدمت بها بعض الأطراف السياسية. وتواصلت ردود الأفعال الغاضبة في مصر أمس، بعد قرار مؤسسة الرئاسة أول من أمس إجراء الاستفتاء على مرحلتين يومي 15 و22 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بسبب رفض غالبية القضاة المشاركة في الإشراف عليه، وتقدم أمس (الخميس) مجموعة من المحامين بدعوى عاجلة أمام القضاء الإداري للطعن على قرار إجراء الاستفتاء على الدستور على مرحلتين، والمطالبة بوقف تنفيذ القرار بصفة عاجلة وإلغائه قبل السبت، وقال قيادي في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة للرئيس مرسي لـ«الشرق الأوسط»، إن «إجراء الاستفتاء على مرحلتين يشكك في نزاهة عملية الاقتراع». وبحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية قالت إن «عدد المقترعين المصريين في الخارج تجاوز في اليوم الأول 20 ألفا يشكلون نسبة 3.4 في المائة من إجمالي الناخبين المسجلين بالخارج». وأكد بيان الوزارة أن نسبة التصويت تركزت في دول الخليج، حيث شارك 18782 ناخبًا في التصويت بنسبة 93 في المائة من إجمالي من قام بالتصويت أمس. وأوضح البيان أن اللجنة الفرعية بالسفارة المصرية في الكويت احتلت رأس القائمة بإجمالي عدد مقترعين بلغ 5832 شخصًا، تلتها سفارة الرياض بنحو 3881 مقترعًا، وجدة 3335 مقترعًا، والعاصمة القطرية الدوحة 2500 مقترع، وفي الإمارات لجنة أبوظبي 1844، ودبي 1390.

ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الخارج في الاستفتاء نحو 586 ألفًا، والمقرر أن يتواصل التصويت في الخارج حتى غد السبت.

من جانبه، قال عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي، وعضو جبهة الإنقاذ الوطني لـ«الشرق الأوسط»: «إذا ثبت للجبهة عدم توفير الضمانات اللازمة صباح يوم الاستفتاء، سنقوم بتوثيق الأمر وإعلان الانسحاب»، مضيفا: «نعتبر أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين يشكك في نزاهة الانتخابات».

وكانت جبهة الإنقاذ الوطني قد أعلنت عن مشاركتها في الاستفتاء ودعوتها للمصريين أن يصوتوا بـ«لا»، بشرط تقديم الدولة ضمانات، مثل الإشراف القضائي على كل صندوق، وتأمين اللجان، وضمان الرقابة المحلية والدولية على إجراءات الاستفتاء من جانب المنظمات غير الحكومية، وإعلان النتائج تفصيلا وتباعا فور الانتهاء، وأخيرا إجراء التصويت خلال يوم واحد؛ وإلا فإنها ستدعو لمقاطعة الاستفتاء.

وأكدت جبهة الإنقاذ في بيان لها أمس، أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين بينهما أسبوع كامل مخالف لنصوص القانون رقم 73 لسنة 1956، والذي يوجب عند إجراء الاستفتاء على أكثر من مرحلة أن يتم ذلك في يومين متتاليين. وأوضحت الجبهة أن الفصل بين المرحلتين من شأنه التأثير على نتائجه، ويفتح الباب أمام التأثير على إرادة الناخبين وممارسة العنف وعمليات التزوير في حال تبين أن نتيجة المرحلة الأولى غير مرضية لطرف دون الآخر. وأكدت الجبهة أن «المؤشرات تفيد بأن الإشراف القضائي على الاستفتاء لن يكون كاملا في ضوء انقسام موقف القضاة ورفض قطاع كبير منهم المشاركة على عملية الإشراف على التصويت، مما لا يضمن ربما توافر قاض في كل لجنة انتخابية وهو ما سنعتبره خللا كبيرا بشروط النزاهة».

وأكدت جبهة الإنقاذ الوطني أنها ما زالت متمسكة بموقفها الداعي لتأجيل الاستفتاء على الدستور للعديد من الأسباب على رأسها غياب التوافق الوطني، والظروف السياسية والأمنية المتدهورة، والتخبط الواضح في القرارات التي تتخذها مؤسسة الرئاسة، وأنها ستظل متمسكة بمطلب تأجيل الاستفتاء حتى صباح يوم غد السبت.

وأوضحت في بيانها أنها ستقوم بمراقبة عملية التصويت برمتها، وتسجيل كل مخالفة من شأنها التأثير على النتيجة، مؤكدة أنها لن تعترف بنتيجة أي استفتاء لا تتوفر فيه شروط النزاهة التامة.

من جهتها، دعت الكنائس المصرية أتباعها أمس، للمشاركة في الاستفتاء على الدستور، فيما أكدت أنها لن تقوم بتوجيه الناخبين الأقباط للتصويت بنعم أو لا، وسوف تترك لكل فرد حرية الاختيار. وقال القس صفوت البياضي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاطعة ليست حلا بل بالعكس، حيث إنها تعتبر نوعا من السلبية، والشعب واع بالقدر الكافي ويمتلك فكره وقراره ولا يمكن لشخص التأثير عليه أو توجيهه لاختيار بعينه».

وشهد ميدان التحرير، استعدادات كبيرة من قبل المعتصمين لمليونية «رفض الدستور»، ووضع الثوار المعتصمون في الميدان خططا لتأمين مداخله اليوم (الجمعة) لحماية المتظاهرين، ومنع دخول الباعة الجائلين للميدان، فيما واصل العشرات من الحركات الثورية والأحزاب السياسية اعتصامهم بميدان التحرير لليوم الرابع والعشرين، على التوالي لرفض الإعلان الدستوري، والاستفتاء على الدستور الجديد.

وبدأت أمس بمقر الرئاسة بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) الجولة الثالثة من الحوار الوطني برعاية الرئيس مرسي، وأوضح الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، أن الجولة الثالثة للحوار عقدت اجتماعين، الأول: «خاص بلجنة الخبراء التي تم اختيارها في اللقاء الأول برئاسة الدكتور محمد سليم العوا، المرشح الرئاسي السابق، لمناقشة المواد المقترحة للتعديل في مشروع الدستور، وتحديد معايير الترشيح التي ستتبناها القوى السياسية لاستكمال عضوية مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، لعرضها على الرئيس مرسي»، أما الاجتماع الثاني فإنه «يضم عددا من الأحزاب السياسية والرموز الوطنية والشخصيات العامة». وأكد ياسر علي أن «الرئاسة حرصت على التواصل مع القوى السياسية غير المشاركة لاستطلاع آرائها ومقترحاتها في الموضوعات المطروحة في الحوار»، لافتا إلى أن الحوار سيظل منفتحا على هذه الجهات السياسية لتلقي مقترحاتها سواء فيما يخص مشروع الدستور أو ترشيحات مجلس الشورى، حيث إن الهدف هو الخروج بإجراءات وقرارات تحظى بأكبر قدر ممكن من التوافق الوطني.

في سياق مواز، قام المئات من طلاب جامعة عين شمس، بمحاولة الاعتداء على الدكتور العوا، وطلاب منتمين لجماعة الإخوان المسلمين؛ بسبب تنظيم ندوة لدعم الدستور، وقام الطلاب بتحطيم أبواب القاعة مكان الندوة، والزجاج بالمدرج الرئيسي بكلية الآداب، حتى نجح أمن الجامعة في إخراج «العوا» بعد أقل من ساعة من بدء محاضرته.