مصادر لـ «الشرق الأوسط»: حوار الجيش تم إلغاؤه بضغط رئاسي

الخارجية الأميركية تطالب الجيش المصري بضمان سلمية الاقتراع على الدستور

TT

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السبب الحقيقي وراء إرجاء دعوة الحوار التي وجهها الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري للقوى السياسية، يعود إلى ضغوط مارستها مؤسسة الرئاسة والرئيس محمد مرسي على الجيش من أجل إلغاء الحوار، الذي كان مقررا عقده الأربعاء الماضي، وذلك بسبب رفض جماعة الإخوان المسلمين وحزبها (الحرية والعدالة) حضور اللقاء، باعتبار أن الدعوة تشكل تدخلا من الجيش في الحياة السياسية، رغم نفي الأخيرة علاقته بالأمر.

وكانت القوات المسلحة المصرية قد دعت لحوار بين الفرقاء السياسيين من أجل «لم شمل الأسرة المصرية»، وقالت إن دعوة الحوار تشمل كل أطياف المجتمع المصري، إلى أن عادت في بيان لها أول من أمس معلنة تأجيل الحوار بشكل مفاجئ، رغم توجه بعض الشخصيات بالفعل إلى مقر انعقاد الحوار.

وقالت الصفحة الرسمية للجيش أول من أمس إنه «نظرا لردود الأفعال التي لم تأت على المستوى المتوقع منها، بشأن الدعوة الموجهة إلى القوى الوطنية والسياسية للقاء لم شمل الأسرة المصرية (...) يشكر الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي كل من تجاوب مع هذه الدعوة ويعلن إرجاء التنفيذ إلى موعد لاحق».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الحوار لم يتم إرجاؤه، بل تم إلغاؤه عمليا، وإن هذا الإلغاء هو بمثابة إهانة كبيرة لكل المصريين، الذين يقدرون دور القوات المسلحة ووطنيتها، ورغبتها الصادقة في الحفاظ على وحدة المجتمع ولم شمل كل الأطياف السياسية دون انحياز. في المقابل، قال الدكتور جمال حشمت، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، إن الحزب أول من استجاب لدعوة وزير الدفاع للاجتماع الإنساني الذي يربط بين أبناء العائلة الواحدة ولم يكن هناك مانع في الحضور وسبب التأجيل يسأل عنه وزير الدفاع، مؤكدا أنه لم يكن للحرية والعدالة ولا جماعة الإخوان المسلمين أي دخل في الدعوة ولا تأجيلها.

وأشار حشمت في تصريح له على الموقع الرسمي للحزب، إلى أن عددا من القوى السياسية يردد أن الإخوان هم الذين قاموا بتأجيل الحوار ليقول للشعب إن الإخوان هم الذين يسيرون أمر البلاد وإن المرشد يتدخل في شؤون مؤسسة الرئاسة وهذا عار تماما عن الصحة، ومن يدعون ذلك عليهم أن يثبتوا، موضحا أن البعض يريد أن يهين ويحرج مؤسسة الرئاسة بالإشاعات والأكاذيب الملفقة.

وكانت مؤسسة الرئاسة قد نفت على لسان المتحدث الرسمي باسمها الدكتور ياسر علي، وجود أي ضغوط من قبل رئاسة الجمهورية على القوات المسلحة، لإلغاء حوار القوى الوطنية. وقال ياسر علي إن القوات المسلحة هي التي وجهت الدعوة للحوار مع القوى الوطنية والسياسية للقاء لم شمل الأسرة المصرية، وهي التي أجلت هذا اللقاء، ولا دخل للرئاسة في الأمر.

إلى ذلك, حذرت وزارة الخارجية الأميركية أمس من تصاعد المواجهات والاحتجاجات في مصر مع موعد الاقتراع على مسودة الدستور المصري المقرر غدا السبت، وطالبت الرئيس المصري محمد مرسي بتحقيق توافق مع قوى المعارضة كما طالب قادة الجيش المصري بضمان سلمية عملية الاقتراع والابتعاد عن العنف، وحذرت من أية محاولات للتحايل على المعايير الدولية لعملية الاقتراع.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند: «لدينا قلق كبير حول الوضع في مصر ونريد أن نرى عملية الاقتراع على الدستور تجري بسلمية، وسنراقب ذلك عن كثب». وأضافت: «نريد أن نرى عملية الاقتراع تتم بطريقة تتسم بالشفافية والنزاهة ودون عنف ودون أي جهد للتحايل على المعايير الدولية لإجراء عمليات الاقتراع». وأوضحت أن السفارة الأميركية ستقوم بمتابعة عمليات الاقتراع، ونفت وجود مراقبين من منظمات المجتمع المدني لمراقبة عملية الاقتراع في مصر.

وأكدت نولاند أن على الرئيس مرسي باعتباره الرئيس المنتخب ديمقراطيا، مسؤوليات نحو بناء مستقبل مصر.

وشددت نولاند على ضرورة ضمان سلمية العملية وضمان نبذ العنف. وقالت: «نطالب القادة العسكريين في مصر بأن يعلنوا أن العنف خلال عملية الاقتراع غير مقبول، وندعو المصريين إلى الاقتراع بسلمية ونبذ العنف، كما نكرر دعوتنا للرئيس مرسي باعتباره أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي في مصر أن يسعى إلى بناء توافق مع قوى المعارضة وإلا سنرى مزيدا من المواجهات التي رأيناها في شوارع مصر خلال الفترة الماضية».