قاض أميركي يأمر بإبقاء شهادات متهمي 11 سبتمبر «سرية»

الحكم أسعد الحكومة المتعللة بالأمن القومي وخيب آمال المدافعين عن الشفافية

TT

أمر قاض عسكري في غوانتانامو أن تبقى سرية كل شهادات المتهمين باعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 المتعلقة بالتجاوزات التي تعرضوا لها خلال فترة احتجازهم في أماكن سرية، وتناقش في جلسات مغلقة في غياب وسائل الإعلام والجمهور. واعتبر هذا الحكم نصرا للحكومة المتعللة بالأمن القومي وخيبة أمل للحقوقيين المدافعين عن شفافية الإجراءات القضائية.

ونشر القاضي جيمس بول قراره الذي يحمل تاريخ السادس من ديسمبر (كانون الأول)، الأربعاء، على الموقع الإلكتروني للمحاكم العسكرية الاستثنائية، وقد وافق بذلك على طلب الحكومة الأميركية الحفاظ على الطابع السري لهذه الشهادات باسم الأمن القومي.

وكان عدد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان و14 من وسائل الإعلام الأميركية احتجت رسميا على سرية المناقشات حول قضايا حساسة، خلال جلسة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في قاعدة غوانتانامو البحرية الأميركية في كوبا. وكان كل أعضاء تنظيم القاعدة المتهمين بالوقوف وراء اعتداءات نيويورك وواشنطن في 2001 اعتقلوا في مراكز لعمليات الاستخبارات الأميركية في العالم سرا وتعرضوا للتعذيب.

ويمكن أن يحكم على خالد شيخ محمد الذي أعلن أنه مدبر الاعتداءات وأربعة متهمين آخرين بالإعدام إذا اتهموا بتدبير خطف أربع طائرات مدنية وقتل نحو ثلاثة آلاف شخص عند صدمها بمواقع مثل البرجين التوأمين في مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون.

واعترفت وكالة الاستخبارات المركزية بأنها أخضعت خالد شيخ محمد لتقنية «الإيهام بالغرق» خلال اعتقاله. وتبنى القاضي بول في قراره وجهة نظر الحكومة التي ترى أن مناقشة هذه القضايا في جلسات عامة يمكن أن تعرض الأمن القومي للخطر عبر كشف إجراءات وتكتيكات من قبل وكالات الاستخبارات. وبموجب «قاعدة الأربعين ثانية» يمكن للصحافيين والجمهور المتابع الاستماع إلى وقائع الجلسة في صالة أخرى بعد فترة قصيرة من حدوثها ويمكن قطعها إذا تبين أنها معلومات سرية.

وقال بول إن المحكمة العسكرية قررت أن الفارق الزمني في البث هو «أقل الوسائل تأثيرا وتسببا بعراقيل» لتحقيق توازن بين مطلبي القضاء المفتوح والأمن القومي. وأضاف أن هذا التأخير يسمح للمحكمة بـ«معالجة أي كشف عرضي أو متعمد لمعلومات سرية من دون أن يؤثر ذلك على قدرة الجمهور ووسائل الإعلام على رؤية وفهم ما ينقل بشكل واضح». وتابع أن «المحكمة ترى أن هذا الأمر يشمل معلومات سرية مرتبطة بالأمن القومي بما في ذلك معلومات بالغة السرية، يمكن أن يؤدي كشفها إلى الإضرار بالأمن القومي».

ويتعلق هذا الحكم بكل المعلومات التي يمكن أن تثار في الجلسة بشأن «تفاصيل اعتقال المتهمين» والبلدان التي اعتقلوا فيها بطريقة سرية من 2003 إلى 2006 بالنسبة لأربعة منهم، كما يشمل «أسماء وهويات ومواصفات الأشخاص المشتركين في أسرهم ونقلهم واعتقالهم واستجوابهم»، و«تقنيات الاستجواب المشددة»، و«وصف مكان اعتقالهم»، كما ورد في قرار القاضي بول.

وفي البنتاغون، قال الليفتنانت كولونيل جوزيف بريسيلي، المتحدث الرسمي، إن البنتاغون «سعيد» بحكم القاضي. وأضاف: «سوف نواصل القيام بهذه الإجراءات بطريقة شفافة بقدر الإمكان». لكن هينا شامسي مدير برنامج الأمن القومي في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، إحدى المنظمات التي احتجت على السرية المفروضة على المحاكمات، عبرت عن خيبة أملها، وقالت إن «الحكومة كانت تريد التأكد من أن الجمهور الأميركي لن يسمع أبدا إفادات الدفاع عن عمليات التعذيب التي مارستها وكالة الاستخبارات المركزية وتسليم المعتقلين واعتقالهم، والقاضي العسكري وافق على هذه الخطة المشينة». وأضافت: «الآن، أهم محاكمة للإرهاب في عصرنا تنظم تحت رقابة يوافق عليها القضاء لأفكار المتهمين وتجاربهم وذكرياتهم عن التعذيب الذي مارسته الـ(سي آي إيه)». وتابعت أن «هذا القرار يقوض ادعاء الحكومة بأن نظام المحاكم العسكرية شفاف ويوجه ضربة قاسية لشرعيته».