القوات السورية تستخدم الصواريخ الباليستية ضد المعارضة

مسؤولون أميركيون: هذه التكتيكات تكشف عن مدى اليأس الذي تعاني منه قوات النظام

TT

قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن الجيش السوري قصف مواقع قوات المعارضة شمال سوريا بستة صواريخ باليستية قصيرة المدى على الأقل خلال الأيام القليلة الماضي، في تصعيد خطير لحرب أهلية راح ضحيتها ما يزيد على 40.000 شخص. وأوضح المسؤولون الأميركيون وأعضاء في منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن قوات الحكومة قصفت المناطق المأهولة التي يوجد فيها الثوار بقنابل شبيهة بالنابالم.

وأشار المسؤولون إلى أن هذه التكتيكات تكشف عن مدى اليأس الذي تعاني منه قوات النظام في الوقت الذي تكتسب فيه قوات الثوار زخما.

وتساءل مسؤول بارز بالإدارة: «ما مدى اليأس الذي يدفعك إلى إطلاق الصواريخ الباليستية على شعبك؟ إنها الأداة الأخيرة التي يمكنك استخدامها في قمع التمرد رغم مخاطر سقوط ضحايا المدنيين في نزاع دار أغلب معاركه في المناطق الحضرية».

ولا تزال التفاصيل الخاصة بمواقع إطلاق الصواريخ أو الأضرار التي تسببت فيها هذه الصواريخ شحيحة، لكن فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية قالت: «المعلومات التي توافرت لديها هي مشاهدة نشر هذه الصواريخ».

لكن مسؤولين في الإدارة، طلبوا عدم ذكر اسمهم، رفضوا تحديد أنواع الصواريخ التي استخدمت في الهجوم على قوات الثوار أو تحديد الأماكن التي قصفت.

على الصعيد ذاته، قال مسؤول في حلف الناتو لوكالة «رويترز» الإخبارية: «اكتشفت استخبارات التحالف وأجهزة الاستطلاع والمراقبة إطلاق عدد من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى غير الموجهة داخل سوريا هذا الأسبوع، حيث تبين من المسافة التي قطعتها الصواريخ ومساره أنها صواريخ سكود».

وقال مسؤول ثان بارز في إدارة أوباما، إن الاستخبارات الأميركية رفضت قبل أسبوعين تقارير بشأن توجيه الجيش السوري النظامي ضربات صاروخية إلى المعارضة ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة، لكن الاستخبارات قالت إنهم استخدموا هذه المرة نوعا من صواريخ أرض - أرض.

ويتألف الجزء الأكبر من ترسانة الصواريخ السورية الكبيرة من صواريخ سكود الكورية الشمالية والروسية الصنع، التي يصل مداها إلى 300 ميل. ونشرت تقارير حول تعديل لسوريا لأحد نماذج هذه الصواريخ ليصل مداه إلى 435 ميلا.

ولصواريخ سكود، التي استخدمت من قبل حكومة صدام حسين خلال حرب الخليج الأولى عام 1991، سمعة سيئة في كونها غير دقيقة على الرغم من التعديلات التي أدخلت عليها منذ ذلك الحين التي يقال إنها طورت من قدراتها. وكان من بين أسوأ الهجمات التي شنت بهذا النوع من الصواريخ خلال حرب عام 1991 ذلك الذي لقي فيه 28 جنديا أميركيا عندما أصاب صاروخ سكود ثكنة في الظهران في المملكة العربية السعودية.

وقد لعبت صواريخ باتريوت الأميركية دورا حاسما ضد صواريخ سكود في حرب الخليج ووافق الناتو على نشر بطاريات صواريخ باتريوت في تركيا التي تتقاسم حدودا مع سوريا بطول 550 ميلا.

وهناك توقعات بأن يزيد استخدام سكود أو صواريخ مشابهة من مخاطر الإصابات بين المدنيين لأن هذه الصواريخ يمكن أن تضل طريقها إلى المناطق المأهولة على الرغم من تصويبها إلى مواقع الثوار بسبب افتقادها إلى الدقة.

ومع تواصل القتال في ضواحي دمشق، قالت وزارة الداخلية السورية إن ثلاث قنابل، واحدة منها على الأقل داخل سيارة، حطمت جدران مبنى الوزارة وقتلت ما لا يقل عن خمسة أشخاص. كانت التفجيرات تحمل بصمات المجموعات المتطرفة التي تقول الحكومات الغربية إنها تخترق مجموعات الثوار.

وقد صنفت إدارة أوباما يوم الخميس جماعة جبهة النصرة كمنظمة إرهابية عالمية، وقالت الإدارة إن جبهة النصرة أحد روافد تنظيم القاعدة في العراق.

وكان الولايات المتحدة والدول الأخرى المؤيدة للثوار قد انتقلوا سريعا يوم الأربعاء إلى دعم جبهة المعارضة السياسية السورية في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في مراكش بمشاركة أكثر من 100 وفد حكومي، حيث تم الاعتراف رسميا بائتلاف المعارضة السورية الذي تم تشكيله مؤخرا كممثل شرعي للشعب السوري وكمنظمة جامعة تضم تحت لوائها فصائل المعارضة السورية.

وقال الإعلان الذي صدر خلال الاجتماع: «فقد بشار الأسد شرعيته وينبغي عليه التنحي للسماح بتحول سياسي دائم».

وأثنى مسؤول أميركي حضر اجتماع مراكش على الكلمة التي ألقاها رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، الشيخ الإسلامي المعتدل. وأشار المسؤول إلى أن الخطيب أوضح مدى الجهد الذي يقومون به من أجل الشعب السوري ككل، مهما كانت عرقيتهم أو دينهم.

وعلى الرغم من توقعات البعض أن يعلن الائتلاف عن تشكيل حكومة انتقالية لسوريا، قال المسؤول الأميركي إن الدول الداعمة أكدت على أهمية تعزيز التحالف، المؤلف من مجالس ثورية محلية مختلفة وأشخاص في المنفى، من صفوفه الداخلية.

وقال المسؤول: «قلنا، لا تقوموا بشيء يهدم بنيانكم، لا تسارعوا إلى تشكيل حكومة تفوق طاقة سياسييكم. الحقيقة أن المجموعة بتنظيمها ووحدتها التي هي عليه الآن أمر جيد، وهو ما ركزنا عليه».

وقد حذر هذا المسؤول وآخرون على أن منح لقب الممثل الشرعي ليس مدعاة للاعتراف بالائتلاف كحكومة سوريا. وإن أثر الاعتراف نفسي بالدرجة الأولى، حيث يأمل داعموه في أن يؤدي إلى مزيد من التوزيع العادل للمساعدات وزيادة عدد مؤيديه داخل سوريا.

وتعرض الوثائق التي عرضتها المجموعة التفاوض بشأن المرحلة الانتقالية مع مسؤولي الحكومة السورية الذين لم تلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري. ولم يتضح بعد كيف سيتحول الوضع من حرب أهلية إلى تسوية تم التفاوض عليها.

وقال المسؤول: «الفرصة الوحيدة للتسوية هي أن يرى الأسد والحلقة المقربة منه أن أيامهم باتت معدودة، ويختارون الرحيل».

* شارك في إعداد التقرير إرنست لوندونو

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»