ميليشيات الأسد العلوية تقتل مدنيين من المنتمين إليها

مجزرة «عقرب».. تهيئة لاندلاع أحداث عنف ومواجهات بين العلويين

TT

قتل عشرات المدنيين السوريين من الأقلية العلوية الشيعية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد يوم الثلاثاء الماضي، في أول مذبحة للعلويين منذ اندلاع الصراع السوري. ووقعت هذه المذبحة، التي شهدتها قرية «عقرب» بريف حماه، في ظروف غامضة. وقالت منظمات حقوقية يوم الأربعاء إن عناصر من ميليشيات الشبيحة العلوية، الموالية لحكومة الأسد، هي التي ارتكبت هذه المجزرة، في الوقت الذي أعلن فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان أنها أسفرت عن مقتل ما يتراوح بين 125 و150 مدنيا.

وفي حال تأكيد هذا الاتهام، فسوف يكون بمثابة تهيئة لاندلاع أحداث العنف بين العلويين وبعضهم البعض، في صراع كان يقتصر على ممارسة أعمال العنف في ما بين الطوائف.

وخلال الساعات الـ24 الماضية، شهدت المواقع الإلكترونية عددا هائلا من الشهادات المسجلة بمقاطع الفيديو لما يقال إنهم ناجون من هذه المجزرة، ومعظمهم من النساء والأطفال، لتعطي بعض اللمحات عن هذا العمل الوحشي في هذه القرية المدمرة. ومع ذلك، فإن الصورة التي رسمها هؤلاء الشهود لا تزال غير واضحة، مع وجود صعوبة كبيرة في التأكد من صحة هذه الروايات في ظل القيود الصارمة المفروضة على المراسلين الأجانب من داخل سوريا.

وقد تم تصوير معظم مقاطع الفيديو من قبل أعضاء في الجيش السوري الحر في ما يبدو أنه عيادة طبية، حيث كان يتم علاج المصابين من الجروح، في حين كان البعض ملفوفا في بطاطين، في الوقت الذي كانت فيه الصدمة تسيطر على وجوه جميع الحاضرين. وتقول مقاطع الفيديو إن عناصر الشبيحة قاموا بوضع المدنيين داخل مبنى أو مجمع مبان عندما اقتربت عناصر الجيش السوري الحر من القرية، ثم قاموا بتوجيه أسلحتهم نحو نفس المدنيين الذين كانوا يدعون أنهم يدافعون عنهم.

وفي أحد مقاطع الفيديو، قال شاب عرف نفسه باسم محمد إبراهيم الجدود الذي قال، مثله مثل الآخرين في أشرطة الفيديو، إنه قادر على تحديد هوية القتلة بأسمائهم الأولى: «جاء الشبيحة وقالوا لنا إنهم يريدون أن يقوموا بحمايتنا من الثوار، ولكنهم لم يتركونا نذهب بعد ذلك. لقد قتلوا أبي وأمي وشقيقي».

وفي مقطع آخر، قال شاب عرف نفسه باسم محمد فتحي وهو يرقد متدثرا ببطانية، لأحد عناصر الجيش السوري الحر: «قالوا إنه من الأفضل أن نقوم بقتل أنفسنا بدلا من الانتظار حتى تقوموا بقتلنا»، ثم أضاف وهو ينظر إلى أحد الثوار بجواره: «لقد كانوا من طائفتنا».

وفي جميع مقاطع الفيديو، أعلن أعضاء الجيش السوري الحر التزامهم التعددية الدينية، مشيرين إلى أنهم سيقومون بحماية الناجين من مذبحة قرية عقرب. ومع ذلك، كان العداء الطائفي يطل برأسه في بعض اللحظات في تلك المقاطع، حيث سمع أحد الثوار وهو يقول لأحد المصابين: «أتمنى لك الشفاء العاجل، حتى ولو كنت من الطائفة العلوية».

واحتج الشاب المصاب، والمسعفون يتجمعون حول ساقيه العاريتين، قائلا: «وماذا يعني أنني من الطائفة العلوية؟»، قبل أن يتدخل ثائر آخر، كان يقف على مقربة منه، ليطمئنه قائلا: «بشار الأسد لا يمثل الطائفة العلوية. الشعب السوري يد واحدة».

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه يعتقد أن الضحايا لقوا حتفهم نتيجة «إطلاق نار وقصف بالقنابل»، وإن معظمهم من الطائفة العلوية. ولم يتمكن المرصد من التأكد من الظروف التي وقعت فيها هذه المجزرة، ولكنه أشار إلى أنه قد سمع الكثير من الروايات المماثلة عن هذا الهجوم. وتقول إحدى هذه الروايات إن عناصر الشبيحة كانوا يريدون الاختباء بين المدنيين في منطقة سكنية وأن يستخدموهم كدروع بشرية، في حين قالت رواية أخرى إن «الميليشيات الموالية للنظام قامت بأسر المدنيين العلويين»، وإن الانفجارات قد خلفت وراءها الكثير من الضحايا.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي تقوم خلالها ميليشيات علوية بالهجوم على مدنيين من نفس الطائفة.

وكتب المعارض السوري فائق المير على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» يقول: «إن ما حدث في قرية عقرب يعكس المأزق الذي تواجهه الطائفة العلوية بأكملها»، وأضاف أن الأسد «سوف يواصل القتال للدفاع عن كرسيه ومصالح زمرته حتى لو استخدم العلويين كدروع بشرية لحماية نفسه».

* خدمة «نيويورك تايمز»