موسكو تنفي تصريحات بوغدانوف وتؤكد عدم تغير موقفها من ضرورة اعتماد اتفاقيات جنيف أساسا للتسوية

استقبلت وفد المعارضة الداخلية وانتقدت مواقف واشنطن

محتجون سوريون ضد نظام الأسد يرفعون أعلام الثورة خارج السفارة السورية بعمان أمس (رويترز)
TT

أعلنت وزارة الخارجية الروسية نفيها لما تناقلته وكالات الأنباء المحلية والعالمية من أخبار نسبتها إلى ميخائيل بوغدانوف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي نائب وزير الخارجية الروسية حول تطورات الأوضاع في سوريا. وقال الكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية في بيانه الصادر بهذا الشأن: «إزاء ما نشرته وسائل إعلام روسية وأجنبية من تصريحات تنسب إلى ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية حول تطور الوضع في سوريا، نود أن نشير إلى أنه لم يدل بأي تصريح خاص للصحافيين في الأيام القليلة الماضية». وأشار لوكاشيفيتش إلى أن بوغدانوف حضر اجتماع المجلس الاجتماعي الروسي (البرلمان الشعبي الموسع) الذي عقد أول من أمس 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري وتناول قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما في ذلك ما يتعلق بالأزمة السورية، وتطرق إلى مزاعم ممثلي المعارضة السورية المتشددة ومموّليها الأجانب الذين يتوقعون «انتصارا سريعا على النظام في دمشق»، إلا أن بوغدانوف أكد في هذا السياق تمسك موسكو بموقفها الثابت بأنه لا بديل عن التسوية السياسية على أساس البيان الختامي لـ«مجموعة العمل» الذي تمت الموافقة عليه بإجماع المشاركين في الاجتماع الوزاري في 30 حزيران(يونيو) من العام الجاري في جنيف. وأضاف لوكاشيفيتش: «إن وكالات أنباء نقلت عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أمس قوله إنه لا يستطيع، مع الأسف، أن يستبعد انتصار المعارضة في الحرب الأهلية في سوريا، ولكنه لا يظن أن المعارضة تستطيع أن تُسقط الحكومة قريبا، مرجحا أن يتصاعد القتال في سوريا». وقالت المصادر إن بوغدانوف اتهم القوى الخارجية بأنها مستعدة لتقديم حياة آلاف السوريين فداء من أجل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وفسر مراقبون أجانب كلام بوغدانوف الذي تناقلته وكالات الأنباء بأنه «تغيير كبير» للموقف الروسي». وتعليقا على ما قالته فيكتوريا نولاند المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية حول أن موسكو «استيقظت» وتغير موقفها قال لوكاشيفيتش: «نحن لم نكن نائمين ولم نغير موقفنا أبدا». وأكد لوكاشيفيتش أن «الوضع في سوريا معقد للغاية، ولا يخفى ذلك على أحد، كما أن القوات الحكومية تواجه مجموعات المعارضة التي تستحوذ على كميات كبيرة من الأسلحة الأكثر تطورا. وتعاظم النشاط الإرهابي الذي يكتسب طابعا طائفيا متزايدا، ومن الواجب استخدام إمكانات بيان جنيف الذي أُقر في 30 يونيو 2012». وأضاف: «يبدو أن زيادة الدعم السياسي والمعنوي والمادي للمعارضة المتشددة من قبل أعضاء المجتمع الدولي، ولا سيما ما يسمى مجموعة (أصدقاء سوريا)، تدفع المسلحين إلى تنشيط أعمالهم».

وتابع قائلا: «لدينا قناعة بأن المواجهة لن تؤدي إلا إلى مأزق لا يمكن التنبؤ بعواقبه الإقليمية وعلى نطاق أوسع. نؤكد على استعداد روسيا للتعاون الفعال مع كل من يريد منع تحقيق سيناريو مأساوي في سوريا». وأضاف: «وبهذا الصدد سنعمل على تحقيق دقيق لبيان جنيف. إنها فرصة حقيقية جديدة للإسهام في الحل السلمي، ويجب استغلالها على أكمل وجه». وعاد لوكاشيفيتش ليؤكد مجددا أن «روسيا لا تتفاوض بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد»، وقال «نحن لا نجري أي مفاوضات مع نظرائنا الأميركيين أو في أي أطر أخرى. روسيا تبحث بجهد وإصرار عن طرق تسوية الوضع في سوريا سياسيا». وأضاف أن «تطبيق اتفاقات جنيف هو الأساس لمثل هذه التسوية. يجب وقف العنف والجلوس إلى طاولة المفاوضات».

وفي مؤتمره الصحافي الدوري رفض لوكاشيفيتش التعليق أو الإجابة على سؤال حول إمكانية استخدام القوة لحماية المواطنين الروس في سوريا، واصفا إياه بأنه «افتراضي وغريب». وأضاف «ببساطة، لا أعلم أي واقع تاريخي استخدمت فيه مثل هذه السيناريوهات». ومع ذلك، أشار لوكاشيفيتش إلى وجود خطة لإجلاء محتمل للمواطنين الروس من سوريا، قائلا: «في أي وضع صعب، توجد بالطبع الخطط اللازمة، ويجري تعديلها بانتظام مع أخذ الوضع المتغير بسرعة بعين الاعتبار، لا سيما في سوريا، حيث نلاحظ تعقد ظروف إقامة وعمل دبلوماسيينا والمواطنين الروس يوما بعد يوم، لذلك، فإن الخطط موجودة بالطبع». وفيما يتعلق بنشر منظومات صواريخ «باتريوت»، بما فيها النظم الأميركية، قال لوكاشيفيتش إن ذلك لا يساهم في تحقيق التسوية السياسية للوضع في سوريا. وأضاف: «أعربنا عن قلقنا من تطور الأحداث بهذه الصورة، إدراكا منا أن التوجه لتراكم أسلحة إضافية، لا سيما من هذا النوع، على الحدود والأراضي التركية لا يسهم في البحث عن سبل تحقيق التسوية السياسية، بل يزيد من حدة التوتر بين الجارتين».

وكانت موسكو استقبلت أمس وفد المعارضة السورية برئاسة قدري جميل رئيس وفد «ائتلاف قوى التغيير السلمي». ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عنه ما قاله عقب مباحثاته مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، حول أن «معارضة الداخل لم تلحظ أي تغيير في موقف موسكو بشأن الأزمة السورية». وأضاف جميل الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء السوري، أن «روسيا تدعو إلى الحيلولة دون حدوث تدخل عسكري في شؤون سوريا، كما تدعو للسماح للشعب السوري بأن يقرر مصيره بنفسه».