مصادر فرنسية تتساءل: هل وصلت روسيا إلى قناعة بأن الوقت حان لتغير موقفها من الأزمة السورية؟

ما يهم موسكوهو الوقوف بوجه الغرب

TT

تتساءل المصادر الفرنسية، بعد التصريحات التي أدلى بها نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أول من أمس، عن تراجع النظام، واحتمال أن تكسب المعارضة الحرب الدائرة والنفي الصادر عن وزارة الخارجية في اليوم التالي، عما إذا كان الجانب الروسي وصل اليوم إلى مرحلة يعتبر فيها أن الوقت قد حان لتغيير موقفه من الأزمة السورية، بسبب التحولات الحاصلة على المستويين الدبلوماسي - السياسي، والعسكري - الميداني.

وحتى الآن، اعتبرت باريس أنه «لا سياسة عقلانية لروسيا» إزاء سوريا، وأن ما يهم موسكو، بدفع من الرئيس فلاديمير بوتين المتصلب ووزير خارجيته لافروف «المتشدد» هو الوقوف بوجه الغرب، وإعادة إحياء الحرب الباردة في الشرق الأوسط، و«الانتقام» من الطريقة التي تعامل الغرب فيها مع روسيا في الملف الليبي.

وتضيف المصادر الغربية أن كل الحجج التي كان يضعها الروس في الواجهة، مثل التساؤل عن النظام الذي سيخلف الأسد، والفوضى العارمة والتمدد الإسلامي الجهادي والإرهاب المرتبط به إلى المحيط الروسي المباشر، والدفاع عن المصالح الروسية، كل ذلك لا يصمد أمام النقاش الموضوعي والمباشر، بل إن النتائج ستكون عكسية، فاستمرار الحرب على وتيرتها الحالية في سوريا سيزيد الفوضى ويقوي الإسلاميين الجهاديين وسينسف المصالح الروسية ويضرب استقرار المنطقة.

وتقول المصادر الفرنسية إنه، حتى اليوم، لم يقل الروس أبدا ما «الثمن» الذي يطلبونه من أجل تبديل موقفهم، أو الضمانات التي يريدونها للحفاظ على مصالحهم. وعلى الرغم من «الانفتاح» النسبي الذي أبداه الروس في الأيام الأخيرة بالنسبة لسوريا، فإن كلام بوغدانوف كان بمثابة «مفاجأة»، بحسب ما تؤكده المصادر الفرنسية.

ويعود السبب في ذلك إلى أن بوغدانوف المولج الملف السوري في الخارجية «تلميذ» لسيرجي لافروف، وينتمي إلى المدرسة المتشددة، وبالتالي فإن الصراحة غير المعهودة التي تحدث بها تعني أن ثمة «مخاضا» داخل الإدارة الروسية، من أجل «إنتاج» موقف جديد يأخذ بعين الاعتبار التطورات الميدانية والعسكرية من جانب والنجاحات السياسية والدبلوماسية للمعارضة من جانب آخر، الأمر الذي ينسف التوقعات الروسية السابقة بأن النظام «باق» وتتوافر لديه «مقومات المقاومة».

وتفسر باريس «التناقض» الواضح بين تصريحات بوغدانوف و«نفي» موسكو رسميا بأنه عائد لكون الأول «لم يكن يعرف أن ثمة من يسجل كلامه أو أنه سيجد طريقه للنشر»، مما يعني أنه كان يتحدث بصراحة وبشكل يعكس الهواجس الحقيقية للكرملين في سوريا.

وكانت باريس التي تلعب دورا رياديا في الملف السوري قد أكدت أكثر من مرة أنه «طالما بقي الوضع الميداني على حاله بين كرّ وفرّ، ومن غير ترجيح كفة على كفة، فإن الوضع السياسي، بمعنى قبول الطرفين المتحاربين والقوى الخارجية البحث عن مخرج، سيبقى جامدا».

أما وقد بدا أن ثمة تحولات ميدانية حقيقية تتمثل بتراجع مواقع النظام وخسارته غير المنقطعة لمناطق ومدن وقرى، فإن البحث عن تسوية أو صفقة، وفق ما تقوله مصادر غربية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، «يمكن أن يبدأ».

وبالطبع، فإن الأنظار تتجه إلى موسكو وواشنطن وإلى المفاوضات الجارية بينهما بحضور المبعوث العربي - الدولي الأخضر الإبراهيمي لبلورة تفاهم «جنيف 2».

غير أن هذه المصادر الغربية تطرح مجموعة من التساؤلات التي تحتاج إلى ما يؤكدها، وأولها يتناول قدرة الجانب الروسي على فرض تسوية أو صفقة على الرئيس الأسد تكون أقل مسايرة له من «جنيف 1».