أهم حزب معارض في الجزائر يدعو بوتفليقة إلى التنحي

بحجة عدم قدرته بدنيا على الاستمرار في الحكم.. وندرة إطلالاته

TT

طالب أهم حزب معارض بالجزائر بإقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه؛ بذريعة أنه «لم يعد قادرا بدنيا على مواصلة تسيير دفة الحكم». ويوجد إجماع لدى الطبقة السياسية مفاده أن قلة ظهور بوتفليقة في السنوات الماضية سببها تداعيات عملية جراحية خطيرة خضع لها بفرنسا نهاية 2005.

وقال محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني، أمس في اجتماع بكوادر حزبه بالعاصمة خصص لتقييم نتائج الانتخابات البلدية، التي جرت نهاية الشهر الماضي، إن «دور الرئيس أصبح ينحصر في تسيير النفقات العامة»، يقصد إمضاء بوتفليقة نهاية كل سنة على الميزانية العامة، وهو موعد تترقبه الأحزاب والمجتمع المدني والبرلمان وكل مؤسسات الدولة.

وأوضح بلعباس أن «حالة الرئيس الصحية جعلته غير قادر على مواصلة الحكم، لذلك تنحيته أصبحت بموجب المادة 88 من الدستور، أمرا عاجلا إذا أردنا وقف تعقد الأزمة المؤسساتية والسياسية». وتنص المادة المذكورة على ضرورة أن يجتمع «المجلس الدستوري» في حال وجود مانع يحول دون مواصلة رئيس البلاد مهامه، سببه مرض خطير ومزمن. وتفيد المادة الدستورية بأن «المجلس الدستوري» عليه أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، ثم يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. بعدها يعلن البرلمان بغرفتيه ثبوت ما يمنع الرئيس مواصلة تسيير البلاد، ويكلف رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة الثانية) بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها 45 يوما. بعدها تجرى انتخابات لاختيار رئيس جديد.

ويقول رئيس «التجمع» إن تأخر افتتاح السنة القضائية لمدة أربعة أشهر «آخر علامات عجز الرئيس عن تأدية واجباته البروتوكولية».

وجرت العادة أن تعطى إشارة الانطلاق الرسمي لعمل كل الجهات القضائية في سبتمبر (أيلول) من كل عام، وجرت العادة أيضا أن يجتمع رئيس الدولة مع مسؤولي هذه الجهات، لإلقاء خطاب يكون بمثابة بداية نشاط المحاكم. لكن الموعد أصبح يتأخر إلى نهاية العام في السنوات الأخيرة، ويعزى ذلك إلى «الحالة الصحية المتردية للرئيس».

ولأول مرة يخوض طرف سياسي في البلاد في موضوع «صحة الرئيس»، الذي تتناوله ألسنة المشتغلين بالسياسة على مستوى ضيق، دون أن يجرؤ أحد على التعاطي معه في العلن؛ لأن هناك شعورا عاما بأن القضية من التابوهات، كونها تغضب الرئيس وشقيقه السعيد بوتفليقة، الذي هو كبير المستشارين في الرئاسة، ويعتني شخصيا بكل صغيرة وكبيرة تتعلق بشقيقه الأكبر، ويعتبره الكثير «الرئيس الفعلي» في البلاد.

وتحدث بوتفليقة أول مرة، وكانت آخر مرة، عن حالته الصحية عام 2006 لما سأله صحافي فرنسي إن كان شفي تماما من النزف الحاد الذي أصابه في المعدة نهاية 2005، فقال: «يمكنني أن أقول إنني أنقذت (من طرف جراحين فرنسيين) بأعجوبة».

غير أن حزب «التجمع» ليس الوحيد الذي دعا إلى تنحي الرئيس عن الحكم؛ فقد نقلت صحيفة محلية الأسبوع الماضي، عن رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور قوله: «إذا لم يفهم المسؤول الأول في البلاد أن من فائدته وفائدة البلاد أن يرحل، قبل أن نصل إلى ما لا تحمد عقباه وإلى الخراب، معناه أنه غير واع بخطورة الأحداث والأوضاع. وهذه من سمات الأنظمة المتسلطة التي ترفض الإنصات إلى الرأي المعارض».

ومن المفارقات أن الدعوة إلى «رحيل الرئيس» تتزامن مع دعوة أخرى في الاتجاه المعاكس، يناشده أصحابها الترشح لولاية رابعة بمناسبة انتخابات الرئاسة المرتقبة في ربيع 2014. ويقول متتبعون إنه سيظهر جليا إن كان الرئيس في لياقة جيدة أم العكس، يومي الأربعاء والخميس المقبلين؛ إذ تنتظره أجندة مكثفة متصلة بزيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، تتطلب منه التنقل معه إلى أماكن كثيرة بالعاصمة وخارجها.