احتفالات حماس في الضفة وفتح في غزة تبعث أمل المصالحة

«الانتصاران» يغيران المشهد في الضفة وغزة

أنصار حماس في نابلس في الضفة الغربية يحتفلون بذكرى انطلاقتها الـ25 لأول مرة منذ سنوات أمس (أ.ف.ب)
TT

تشير رايات حماس المرفوعة وسط مدن الضفة الغربية لأول مرة منذ الانقسام في 2007. إلى حالة تصالح داخلي، وسيتعزز ذلك الشعور أكثر، عندما ترفرف رايات فتح في ذكرى انطلاقتها بعد أسبوعين في غزة، غير أنه شعور قد يبدو «خداعا» إذ أن تطبيق المصالحة أعقد من مجرد حملات «استرضاء» للآخر والجماهير المحتفلة «بالنصرين» في غزة والأمم المتحدة.

وخرج خلال اليومين الماضيين عشرات آلاف من أنصار حماس في الضفة الغربية، احتفالا بالذكرى 25 لانطلاقة الحركة، بعد احتفال مركزي رئيسي في غزة.

وسمحت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، لحماس بتنظيم مهرجانات في نابلس ورام الله والخليل وطولكرم، بعد «نصر» القطاع و«نصر الدولة المراقب»، وهتف الآلاف لحماس وكتائب عز الدين القسام وهم يرفعون الرايات الخضراء وصورا لقادة الحركة. وخرج قادة حماس وأبناؤها من دون خوف هذه المرة، وهتفوا: «يا قسام يا حبيب اضرب اضرب تل أبيب»، وبشكل لافت حضر مسؤولون من فتح هذه الاحتفالات وباركوا لحماس.

وراح صوت مسؤولي الحركة يملأ المدن صخبا، غير أن أبرز المتحدثين كان إسماعيل هنية الذي اتصل بالمحتفلين في الخليل، وهنأهم بالانطلاقة، وقبل ذلك كان مجرد معرفة أنه اتصل بأحد من الضفة يعني اعتقالا. وقال هنية «والله إننا لأشد فرحا وأنتم تهتفون لخيار المقاومة والجهاد، يا من صبرتم وعضيتم على الجراح وما لانت لكم قناة، ونحن لا مررنا بسهل ولا وقفنا في ميدان مقاومة إلا لم ننساكم ونتذكر جهادكم معنا، وأنتم اليوم تنبعثون من بين الألم لتقولوا ها نحن هنا، وهذي حماس، وها هم نساؤها». وأضاف: «نحن معكم دم واحد وجرح واحد وقضية ومصير مشترك، وإن دم الشهيد السلايمة هي دمنا ودم كل حر».

وطالما أرادت حماس إثبات قوتها في الضفة. وفي مرات سابقة عمدت إلى تنفيذ عمليات أو مباركتها في رسالة على عدم القدرة على اجتثاث الحركة من معقل فتح.

وستحاول فتح في ذكرى انطلاقة الحركة الـ48 في الأول من يناير (كانون الثاني) أن ترسل نفس الرسالة، وتثبت قوتها وجماهيريتها في غزة.

ولم تخف كل من حماس وفتح ذلك. وقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز دويك في كلمة لجماهير حماس: «إنه يوم من أيام الله». وقال النائب عن حماس أحمد عطون، للمحتفلين في رام الله «هذا الحشد الكبير هو الرد على كل من راهن على اجتثاث حركة حماس في الضفة، لأن حماس كانت وما زالت وستبقى لاعبا هاما على الساحة الفلسطينية المقاومة».

وأضاف: «ما جرى في مدن الضفة هو الوضع الطبيعي وما سبق كان مرحلة استثنائية، وما شاهدناه في نابلس ورام الله والخليل وطولكرم يؤكد على مكانة حماس».

وفي الأثناء تسابق فتح الزمن لإحياء أول ذكرى انطلاقة لها في القطاع منذ 2007. وينتظر أن تقيم مهرجانا حاشدا وكبيرا لإرسال رسائل مختلفة.

وقال نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لفتح ومفوض التعبئة والتنظيم في غزة، إن وفدين من اللجنة المركزية والمجلس الثوري لفتح سيصلان إلى غزة خلال الأيام القليلة المقبلة للمشاركة في مهرجان انطلاقة الحركة. وأكد شعث خلال اجتماع اللجنة التحضيرية لانطلاقة فتح في غزة على الاهتمام الكبير الذي يوليه الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وفتح لمهرجان الانطلاقة في غزة، داعيا لحشد الجماهير والطاقات لحضور العرس الفلسطيني الثوري.

وعلى مدار السنوات الماضية منعت فتح من أي فعاليات في ذكرى انطلاقتها في غزة، وكان الاتصال برام الله سيتوجب الاعتقال وكذلك أي نشاط.

إذن، تغير المشهد تماما بعد «النصرين»، لكن ليس إلى الحد الذي يمكن معه القول: إن المصالحة باتت قريبة. ويدرك الطرفان ذلك جيدا. وقال هنية: «ننظر بارتياح إلى هذه الخطوات رغم أنها حق لحماس وللفصائل أن تحتفل مع أبناء شعبنا على أرض الضفة، وأنها ستساعد في الإسراع بتحقيق المصالحة». وأضاف: «لكن المصالحة يجب أن تتم على أساس تفعيل عمل المجلس التشريعي وإعادة بناء منظمة التحرير لتكون الحاضنة للكل الفلسطيني».

وقال رأفت ناصيف، عضو القيادة السياسية لحماس: «المصالحة بحاجة لقرارات وإجراءات على الأرض» مطالبا بوقف الاستدعاءات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة عمل المجلس التشريعي في الضفة وفتح المؤسسات المغلقة.

وطلب الدويك من الرئيس «خطوات شجاعة لكف يد التدخل الأجنبي بالشأن الفلسطيني والوصول إلى خطوات عملية لتنفيذ المصالحة».

وفي حماس يحضرون لمبادرات جديدة من أجل الاتفاق مع فتح، تستند إلى تفعيل المنظمة ودخولها، ومن ثم إرساء المصالحة وتشكيل حكومة قبل الانتخابات، أما في فتح، فالموقف مختلف.

وقال محمد إشتيه عضو اللجنة المركزية لفتح، للصحافيين: «إن القيادة الفلسطينية جاهزة وتريد تحقيق وتطبيق المصالحة مع حماس، لكن الحركة مشغولة الآن بانتخاب قيادة جديدة، ونحن لا نعرف من سيأتي وكيف يفكر». واعتبر إشتيه، أن نسب تحقيق المصالحة بين إيجابية وسلبية تبدو مماثلة وتصل إلى 50%. وقال: «الشعور بالنصر في الضفة وفي غزة يحرك الأمور، لكن نسبة تحقيق المصالحة أو فشلها متساوية، نحو 50%».

وكان أبو مازن قد قال: إنه لن يقبل بأي مبادرة جديدة بشأن المصالحة، وإنما فقط بتطبيق ما اتفق عليه معتبرا أن الانتخابات قبل كل شيء هي المفتاح الحقيقي للمصالحة.